تعايشوا على مضض مع قلة حيلتهم، 100 عام يرقدون داخل حيزهم الضيق الذى يبعدهم عن الحياة، ويقربهم أكثر إلى الموت حيث مقابر المحافظة، الخالية من أى مظاهر للبهجة، فجأة انتزعت منهم هى الأخرى، وعليهم الرحيل عنها، المسئولون يستعجلونهم الرحيل عن أرضهم بقرية «السلامونى» بمركز أخميم بسوهاج، وهم متمسكون بالأرض التى امتلكوها بسداد رسوم حق الانتفاع سنوياً. «راضيين بالهم.. والهم مش راضى بينا»، يقول أحمد القهوجى، أحد الأهالى المتضررين من قرار انتزاع الأراضى: «دى بيوتنا من جد الأجداد ندفع إيجاراً بإيصالات معتمدة ومختومة وكان سعر المتر إيجاراً 50 قرشاً وقتئذ وفى عام 1999 تم فتح باب التمليك»، يقول والحسرة تعتصره: «الدولة عايزة تعمل مشروعات على الأرض، على حساب حياتنا، وليه ما اتكلمتش عن القرار إلا فى الفترة دى؟!»، بحسب الرجل الأربعينى، مطالباً بتوفير بديل لهم مقابل الرحيل. 300 أسرة أوشكت على التشرد والضياع.. «أحد الأغنياء تبرع واشترى بعضاً من الأراضى بواقع سعر المتر عشرة جنيهات ولكن فتح باب التمليك استمر أياماً قليلة وتم إغلاقه»، يقول ممدوح عيد، مواصلاً حديثه: «طالبنا الدولة بتقنين أوضاعنا فرفضت، واستمرت بالتعامل معنا بنظام الإيجار»، لجنة للتقنين وأخرى للبت فى محافظة سوهاج انعقدت وتم على أثرها فتح باب التمليك: «اللجنة قررت السعر للمتر من 50 إلى 100 جنيه، ونحن فقراء لا حول لنا ولا قوة، وبعدها فرضوا غرامات على المواطنين لعدم التزامهم بالدفع». لا يشغل بال الأهالى فى الوقت الحالى سوى توفير سكن آمن، بحسب «ممدوح»: «تقدمنا بتظلمات، مش لاقيين مكان نسكن فيه، نفترش العراء، والقرية محاطة بالجبال، وحياتنا معرضة للخطر بسبب سقوط أحجار على رؤوس الأولاد». المهندس شعبان قنديل، سكرتير عام مساعد بمحافظة سوهاج، أبدى تحفظه على الحديث عن قضية أراضى السلامونى، مكتفياً بالرد: «الموضوع تمت إحالته برمته إلى الشئون القانونية وتبحثه أراضى الدولة، ولا أعلم ما توصلوا إليه من نتائج».