كان عمرها لا يتعدى 14 عاماً حين تزوّجت بشاب يكبرها بست سنوات، فالزواج المبكر كان سمة أسرتها كلها فى ذلك الوقت، لم تكن تعى «فريدة سرور محمود زايد» حينها ما معنى أن تكون زوجة فى هذا العمر المبكر؟ وما لبثت أن أضيفت إليها مسئوليات جديدة حين أنجبت ابنتها «سارة»، كان الزوج حينها يعمل «أرزقى على باب الله»، يهرع إلى أى عمل يطلب فيه، وفى أحد الأيام ذهب إلى طنطا فى مهمة عمل نقاشة عمارة رشحه لها أحد معارفه، ولأنه كان لا يحمل فى جيبه قيمة تذكرة القطار فقد اضطر إلى الركوب فوق سطحه، لكن توازنه اختل فسقط قتيلاً تحت قضبان القطار، لتجد «فريدة» نفسها وحدها مسئولة عن ابنتها «سارة»، لم تترك عملاً إلا وسعت إليه، طرقت كل الأبواب حتى تستطيع الإنفاق على ابنتها، وبعد وفاة زوجها ب3 سنوات تزوّجت من رجل آخر، لكنه كان مريضاً بالسكر والضغط، وأنجبت منه ابنها «على»، لكنه وُلد بضمور فى المخ مما جعله، منذ ولاته وحتى الآن وعمره 7 سنوات ونصف، لا يتحرك من على الفراش، بل يأكل ويشرب وينام مستلقياً على ظهره لا ينطق بكلمة واحدة، كانت تربية طفل مثل «على» مهمة شاقة، خاصة أن نفقات علاجه كبيرة، ولا يمكنها تحملها، وفى الوقت ذاته بدأت صحة والده هو الآخر تتدهور يوماً بعد يوم حتى وصل الأمر لأن اضطر الأطباء إلى بتر قدمه، وصولاً إلى الركبة، حينها تيقنت الزوجة أن المسئولية تضاعفت، وعليها أن تستجمع قواها لتتمكن من الوقوف على قدميها بدلاً عن الأب، ومرت الأيام والسنين ومعها يزداد الحمل أكثر على كاهليها، فقد أصيبت بمرض السكر، وأخوها الأكبر أصيب بالفشل الكلوى، وزاد الأمر تعقيداً عندما توفيت زوجته لتؤول مسئولية أبنائه الخمسة بعدها إلى شقيقته، كانت تتحلى بالصبر والإيمان لتستطيع أن تكمل هذه المسيرة وتحمل أعباء الجميع، وفى أحد الأيام، وبينما كانت تعطى زوجها حقنة البنسلين أصابتها فى يدها، مما أدى إلى بتر أحد أصابع يدها اليمنى. «فريدة» الآن عمرها لا يتعدى 39 عاماً، وهى مسئولة عن ابنيها وزوجها المريض ووالدتها المسنّة، إضافة إلى أبناء شقيقها الخمسة وشقيقتها المريضة، تستأجر محلاً صغيراً فى أحد أحياء عين شمس لتنفق منه على الجميع، لأن معاش زوجها وابنيها لا يتعدى 414 جنيهاً، لا تضع فى فمها اللقمة إلا بعد أن تطمئن أنه لا أحد منهم نام بلا عشاء، لا تطلب لنفسها شيئاً، فقط تدعو الله أن يمنحها القوة التى تجعلها تستطيع الصمود أمام تلك المهام الصعبة.