تعرف على أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء الموافق 10-6-2025 فى سوهاج    محافظ أسيوط يؤكد استمرار رفع نواتج تطهير الترع والمصارف    وزيرة التخطيط توجيه استثمارات عامة بقيمة 20.4 مليار جنيه لتنفيذ 206 مشروعًا بمحافظة مطروح    صحة غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا مجازر مراكز المساعدات إلى 163 شهيدا وأكثر من 1495 إصابة    الدفاع الروسية: قواتنا نفذت ضربات ليلية مكثفة على منشآت صناعية ودفاعية بأوكرانيا    السيطرة على حريق مخزن بدائرة قسم أول سوهاج    التضامن تواصل تنفيذ خطة تفويج عودة الحجاج إلى أرض الوطن    ضبط 13 كيلو من مخدر الهيدرو خلال حملة أمنية في دمياط    بعد تصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي..هل لا يزال الجذام موجودًا في مصر؟    «التأمين الصحي»: استحداث عدد من الخدمات الطبية النوعية بالمستشفيات    اليوم.. الأهلي يشارك في مؤتمر لمناقشة رؤية فيفا لكأس العالم للأندية    موعد مباراة فلسطين وعمان في تصفيات كأس العالم 2026 والقنوات الناقلة    محمد السيد: لست متمرداً.. والزمالك بيتي    سعر اليورو اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025 في البنوك المصرية مع تسجيل فروق طفيفة للشراء والبيع    السيسي يصدَّق على قانونين بشأن مجلسي النواب والشيوخ    الأطباء: نتابع واقعة عيادة قوص ونناشد تحري الدقة في تناول المعلومات    وزير التعليم: الحزم مع المخالفين لا يتعارض مع دعم الطلاب نفسيًا    الأرصاد: ارتفاع درجات الحرارة على أغلب مناطق الجمهورية حتى منتصف الأسبوع المقبل    عن طريق الخطأ.. ضبط المتهم بإصابة طفلين فى حفل زفاف نجله بقنا    اليوم.. «أيام إخناتون» و«شلباية» يفتتحان عروض مسرح إقليم جنوب الصعيد الثقافي    بعد انضمام المشروع X.. ترتيب جديد لقائمة الأفلام الأعلى إيرادا في تاريخ السينما المصرية    «عروسة مميزة جدا».. أسماء جلال ترافق أمينة خليل في حفل زفافها الثاني باليونان    «مش بتتنازل بسهولة».. 4 أبراج عنيدة يصعب إقناعهم    الدفاع المدنى فى قطاع غزة: الاحتلال يستهدف المدنيين بمناطق توزيع المساعدات    المأذونين عبر تليفزيون اليوم السابع: زواج شاب "داون" من فتاة يجوز شرعاً    كاليفورنيا في مواجهة ترامب بعد نشر الحرس الوطني    محققون دوليون يتهمون إسرائيل ب الإبادة في غزة    أشرف عقبة يوضح أهم أعراض الإصابة بمتحور كورونا الجديد "نيمبوس" (فيديو)    شيكابالا لإدارة الزمالك: لن أعتزل والفريق سيعانى فى غيابى (فيديو)    وزير الري يشيد بجهود العاملين خلال عطلة عيد الأضحى    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 2200 قضية «سرقة كهرباء وظواهر سلبية» خلال 24 ساعة    فتح باب التقديم لوظيفة مدير عام المجازر والصحة العامة بمديرية الطب البيطري بالغربية (الشروط)    المجمعات الاستهلاكية تستأنف العمل لطرح السلع واللحوم للمواطنين    الدبيس: أتمنى المشاركة أساسيا مع الأهلي في كأس العالم للأندية    مباريات اليوم.. ختام المرحلة الثالثة بتصفيات آسيا للمونديال    ارتفاع الأسهم العالمية والدولار مع تقدم المحادثات التجارية بين أمريكا والصين    في أولي حفلاته بعد الحج.. أحمد سعد يوجه رسالة لجمهوره| صور    10 يوليو.. بتر شو Better Show يعود بعرض "السنجة" على مسرح نهاد صليحة    وزيرة إسبانية تدين اختطاف السفينة مادلين : يتطلب رد أوروبى حازم    حِجر إسماعيل..نصف دائرة في الحرم تسكنها بركة النبوة وذاكرة السماء    كندا تتعهد برفع الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي استجابة لضغوط "الناتو"    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم بلدتي كوبر وبيتونيا ومخيم الجلزون وقرية فقوعة    وزير المالية يوجه بتسهيل الإجراءات الجمركية لضيوف الرحمن    محافظ أسيوط يشهد انطلاق تقنية طبية جديدة بوحدة المناظير بمستشفى المبرة    إمام عاشور: الأهلي قادر على الفوز بمونديال الأندية    فنان العرب محمد عبده والمايسترو هاني فرحات يحطمان الأرقام القياسية في حفلات عيد الأضحي 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    تحذير عاجل من عبوات "باراسيتامول" بالأسواق، وهيئة الأدوية البريطانية: فيها تلوث قاتل    استقرار سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4675 جنيها    يوميات أسبوع نكسة 1967 في حياة طبيب شاب    وفد من أمانة حزب مستقبل وطن بالدقهلية يقدم العزاء لأسرة البطل خالد شوقي عبدالعال    القبض على صاحب مطعم شهير بالمنيا بعد تسمم أكثر من 40 شخصًا    خاص| الدبيكي: نعمل على صياغة اتفاقية دولية لحماية العاملين من المخاطر البيولوجية    الخارجية الإيرانية: الجولة المقبلة من المحادثات مع واشنطن تُعقد الأحد في سلطنة عُمان    صحة سوهاج: 560 جلسة علاج طبيعي لمرضى الغسيل الكلوي خلال أيام عيد الأضحى    ما حكم الشرع في بيع لحوم الأضاحي.. دار الإفتاء توضح    "خسارة للأهلي".. نتائج مباريات الإثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوطن" فى منزل شهيد تفجير المطرية
أسرة «باسم» تفقد 3 أشقاء فى عام واحد.. وزوجته حامل فى «السادس» دون «عائل»
نشر في الوطن يوم 17 - 03 - 2015

كانت آخر ليلة يقضيها مع زوجته فى منزله المتواضع بمنطقة عزبة النخل التابعة للمطرية. الشاب باسم عيد ثابت إبراهيم، عامل جمع القمامة الذى لم يكمل عامه العشرين، خرج على قدميه يسعى فى سبيل الرزق وعاد محمولاً فى صندوق إلى أهله بعد أن قتلته عبوة ناسفة كانت موضوعة فى أكياس القمامة على شريط محطة الترام بميدان المطرية.
كعادته خرج من منزله مع غروب الشمس، يجهز «عربته الكارو» ويعلق بها حماره فى المقدمة ويخرج باحثاً فى تلال القمامة عن لقمة عيش أو أشياء لها قيمة تباع وتشترى، ودّع «باسم» زوجته الحبلى وخرج رغم إصرار أهله على البقاء فى هذه الليلة ليقضى يوم الإجازة المقدسة «الأحد» معهم فى المنزل، رفض الشاب وسعى نحو رزقه وقدره.
كانت مهمته «التفتيش» فى صناديق القمامة حتى يحصل على ما بها من بلاستيك ومواد صلبة وبقايا طعام حتى يأخذها ويبيعها كعادته فى كل يوم، لكن هذا اليوم كان مختلفاً، كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة مساءً، حين وصل الشاب إلى ميدان المطرية وبدأ يفتش فى صناديق وأكياس القمامة، لفت انتباهه كيس أسود كبير على قضبان قطار الترام، هرول إليه عسى أن يجد به صيداً ثميناً، تحسس الشاب الكيس بأصابعه، وبمجرد أن حاول فتحه انفجر الكيس فى وجهه، فلم يكن إلا قنبلة وضعها طيور الظلام، قتلت الشاب الباحث عن رزقه وقتلت حماره -الذى كان يجر السيارة «الكارو»- فى الحال.
لقى «باسم» ربه فى لحظة غدر لم تخطر على باله، وتحول جسده النحيل إلى أشلاء. ويروى جبل فخرى، شاهد عيان وأحد زملاء باسم: «كانت الدنيا ليل وكان باسم ماشى بيلقط رزقه من الشارع، شفته قبل ما يموت بلحظات، وبعدها سمعت انفجار كبير وضوء ظهر فجأة على شريط المترو؛ جريت على مكان الانفجار لقيت باسم اتفجر ومعالمه اختفت، لو مكنتش معاه فى اللحظة دى مكنش حد هيتعرف عليه».
فى المنزل رقم 8 شارع خلف بمنطقة «الزرايب» فى عزبة النخل بالمطرية، نصبت أسرة باسم «صواناً» للعزاء منذ الليل، بعد أن تأكدوا من خبر وفاته عن طريق أحد مندوبى الشرطة الذى جاء إلى المنزل وأخبرهم بأنه مصاب فى المستشفى ولم يقتل، حينها فزع الأهل وهرولوا إلى المستشفى ليجدوا ابنهم يرقد جثة هامدة وبدون معالم واضحة.
أمام كنيسة مارى جرجس فى منطقة الزرايب بعزبة النخل وقف الأهل والأقارب والجيران فى انتظار قدوم جثمان «باسم» من مشرحة زينهم إلى الكنيسة ليقيموا عليه الصلوات، وأمام باب الكنيسة يقف صبرى عيد إبراهيم، شقيق الضحية، فى حالة انهيار، قائلاً ل«الوطن»: «واحد من الشرطة خبط على باب البيت بالليل متأخر خرجت قال لى أخوك مصاب فى مستشفى المطرية تعالى شوفه، رحت المستشفى لقيت أخويا ميت».
يصمت الشاب الثلاثينى ويضيف بصوت باكٍ متقطع: «أنا قلت له يا باسم بلاش تطلع النهارده بكرة صابح الأحد هنقضيه مع بعض فى البيت وسط إخواتنا، فرفض وقال أنا هطلع ساعتين أسترزق فيهم وأرجع نتقابل تانى، خرج أخويا ومات فى التفجير». يشير «صبرى» إلى أن المنطقة التى قتل فيها أخوه شهدت انفجار عدد من القنابل منذ فترة، وقال: «إحنا ناس أرزقية بنطلع نشتغل باليومية حرام إننا نخرج من بيتنا ونرجع ميتين، وأخويا ملوش ذنب عشان يموت».
يتحدث أخو الضحية عن ذكرياته معه قائلاً «كان جدع وشهم وكانت الناس كلها بتحبه، بس هنقول إيه، الله يرحمه، زى المصريين اللى بيموتوا كل يوم فى ليبيا وفى الشارع من الجيش والشرطة، أخويا مكنش ليه فى السياسة ولا الكلام الفاضى ده، بعد ما خرج من التعليم فى سنة رابعة ابتدائى وهو شغال معانا فى «النقضة»، يعنى نقض الزبالة وفرز الأكياس والبلاستيك والورق والكرتون وبيعها فى آخر اليوم بخمسين أو أربعين جنيه».
أسرة باسم مكونة من 11 فرداً، خمسة أولاد ذكور وأربعة بنات، خلال هذا العام لقى اثنان من إخوته الذكور مصرعهما فى حوادث متفرقة، ثم قتل باسم غدراً، ويقول أخوه: «إحنا غلابة ملناش فى المشاكل بس هنعمل إيه نقعد منشتغلش ونموت من الجوع، الدولة مبتوفرش فلوس لينا ولا شغل واتعلمنا وملقيناش وظيفة، أنا طلعت من رابعة كلية تجارة جامعة عين شمس ومش لاقى شغل».
فى ساحة الكنيسة -التى لا تزال تحت الإنشاء- فى انتظار جثمان «باسم»، وقفت زوجته التى لم تكمل عاملها العشرين كريستين خيرى، لتروى اللحظات الأخيرة التى جمعتهما قبل خروجه الأخير للموت: «كان إمبارح قاعد معانا بيشرب الشاى وبيضحك وفرحان طول الليل، كان متعود يطلع المغرب من البيت ويلف يسترزق لحد الفجر ويرجع ينام، يوم الحادث خرج من البيت عادى وسمعنا خبر وفاته، وعرفنا إنه فى مستشفى المطرية». وتنهار «كريستين» باكية: فى بطنى ولد عنده ست شهور اتفقت أنا وباسم هنسميه «كراس»، لكنه مات قبل ما يشوف ابنه، كان فرحنا فى 20/9 اللى فات، ملحقتش أتهنى بيه ولا لحق يتهنى بينا. وتمضى داعية: «منهم لله اللى قتلوا جوزى ويتّموا ابنى، حقنا عند ربنا، وربنا يرحمه».
ويقول مرزوق مالك إبراهيم، خال الضحية: «حرام شاب زى الورد يموت بالشكل دا، أنا سمعت الخبر بالليل وجيت من الصعيد على القاهرة عشان أحضر دفنته، أنا بقول حسبى الله ونعم الوكيل ذنبه إيه ده؟، كان شاب جدع ملوش غير بيته وشغله، لا ارتكب ذنب ولا حاجة، لا كفار ولا يهود يرضوا باللى بيحصل فينا دا، حرام». بينما تلتقط سامية عيد إبراهيم، شقيقة باسم، طرف الحديث: «شفت أخويا إمبارح قبل ما يطلع يشتغل، كان بيضحك وكان فرحان، منهم لله اللى قتلوه، ربنا ينتقم منهم، ومن كل واحد بيقتل الناس اللى ملهاش ذنب».
ويشير عزت بشرى، زميل باسم وجاره، إلى أن أسرة الضحية فقيرة جداً، وزوجة باسم لا عائل لها، مطالباً الحكومة بتوفير معاش استثنائى لها، حتى تستطيع أن تعيش وتربى ابنه الذى تحمله فى بطنها، كما أن والده رجل مسن ومريض.
لحظات صمت خيمت على ساحة الكنيسة، قبل وصول جثمان «باسم»، ومع سماع صوت سيارة نقل الموتى من مشرحة زينهم، انهارت الأسرة والأقارب والجيران واستغرقوا فى البكاء، وصل «التابوت» الذى يستقر فيه الضحية، ودخل إلى الكنيسة لأداء الصلاة عليه، بينما أحاط به أعداد كبيرة من الأحباء وأهالى المنطقة يبكون رحيل الشاب الطيب، وسط دعوات أطلقها الحضور بصوت عالٍ تضرعوا فيها إلى الله ليغفر للضحية ويرحمه.
خرج «التابوت» من الكنيسة وسط صيحات وبكاء الأهل وعويل الأقارب، ورفع المشيعون علم مصر مكتوباً عليه «باسم شهيد مصر والكنيسة»، ورددوا هتافات معادية للإرهاب، منها «الإرهاب عدو الله»، وطالبوا بالانتقام والثأر لدم فقيدهم، حتى وصل باسم إلى مثواه الأخير فى مقابر العائلة بمنطقة الخصوص القريبة، تاركاً لنا «الإرهاب الغاشم» يقتل العزل والمدنيين بلا ذنب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.