لا أخفيكم سراً أن حكم المحكمة الدستورية العليا صدمنى وهز وجدانى، إلا إننى فخورة بقضاء مصر الشامخ الذى لا يخشى إلا الله ويضع الدستور والقانون نصب عينيه ويحكم وهو معصوب العينين. المشكلة هنا فى الدستور ذى المواد الفضفاضة غير منضبطة الصياغة التى تجعل المشرع أمام مشاكل حقيقية، فالعديد من الكلمات لا يجد لها تفسيراً محدداً أو مثالاً متكافئاً ومناسباً وملائماً فما الفرق بينها؟! والآن بعد حكم المحكمة الدستورية بأحقية مزدوج الجنسية فى الترشح لمجلس النواب، فالبعض نظر للموضوع من خلال عدد الكراسى المخصصة للمصريين فى الخارج داخل القوائم، وهى ثمانية كراسى يجوز التحكم فى جنسيتهم، ولكن ماذا نفعل فى الكراسى الفردية، فكل واحد من المرشحين ينتمى إلى قرية فقيرة مثلاً تحتاج إلى العديد من المشروعات والخدمات، وما يرصده للدعاية الانتخابية بالنسبة لعمله أو البلد الذى يأتى منه يساوى عشرة أضعاف المصرى فمن يرصد نصف مليون دولار مثلاً يوازى ثلاثة ملايين ونصف المليون وأكثر وغيرها من العملات، وحينما نقول السقف الانتخابى يتم عمل مشروعات خدمية لا تدخل فى الدعاية الانتخابية، وليس معنى ذلك أننا نشكك فى وطنية أهلنا من المصريين فى الخارج ولا توجد عائلة من العائلات المصرية ليس بها أحد يحمل جنسية أخرى، وأنا أحد هؤلاء الناس لى أبناء عمومة وخالة يحملون جنسيات مختلفة ولا أشك فى وطنية أحد منهم، فالمصريون بالخارج مهمومون بقضايا مصر، وكان لهم دور عظيم فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وفى كل القضايا ولكن نحن الآن فى مرحلة استثنائية، فنحن مستهدفون من الداخل والخارج فلا يجوز لنا الآن أن نعرّض أمننا القومى للخطر. نعم البعض يقول: ممكن يكون حامل الجنسية المصرية فقط، ويكون مش قد المسئولية، نعم ولكن عند ارتكاب أى خطأ سوف يحاكم بقانون بلادى مش يلجأ لجنسيته، ويترك الجنسية المصرية بمنتهى السهولة، وهل يجوز أن رئيس مجلس الشعب، الرجل الثانى فى البلاد أن يكون مزدوج الجنسية، والأغرب الآن حينما شاهدت برنامجاً بالتلفاز مع الإعلامى أحمد موسى. البعض يتكلم عن أحقية المتهرب من أداء الخدمة العسكرية فى الترشح، ويقول إنه تم التصالح ودفع الغرامة وأن من له حق التصويت، له حق الترشح. نعم، ولكن توجد شروط لا بد أن تنطبق على المرشح وهى تأدية الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها على الوجه المبين فى القانون. فهنا سوف أصمت عن الكلام، لأنه سوف يكون جارحاً، ويا رب ما نسمعش أن المواطن الأمى (مع كل التقدير لأهلنا البسطاء) له الحق فى الترشح طبقاً لمبدأ المساواة بين المواطنين، ما هو كمان له حق التصويت. والآن ليس أمامنا حل إلا فى يد الرئيس، وأن يدعو لاستفتاء شعبى لتعديل بعض المواد الخاصة بالانتخابات فى الدستور، والتى تسهل على المشرع سن قانون يصعب الطعن عليه، لأن فى الحقيقة توجد تيارات داخل المجتمع تتربص بالقانون، وسوف يطعنون على الانتخابات مرة ثانية مع أى قانون يسَن بعد فتح باب الترشح مرة ثانية، فمنهم من له غرض فى تأجيل الانتخابات أملاً فى الاستعداد والمماطلة فى الوقت، ومنهم من يرغب فى تأجيل الانتخابات لإلصاق التهم بالحكومة، والرئيس وأنهم لا يريدون برلماناً. فقد تدافع المصريون على الموافقة على الدستور فرحاً بالتخلص من دستور الإخوان، وغلق صفحة الإخوان دون التنبه للكوارث التى بالدستور. لا بد من تعديل المواد الخاصة بالانتخابات حتى يكون لدينا برلمان يستطيع أن يفصل فى باقى المواد التى نرى أنها تضع المشرّع فى مأزق. ارحموا مصر من كثرة الفتاوى ودعوا المصريين كى يبدأوا البناء.