متكئًا على سلاحه، حاملًا عدَّته الثقيلة، ثابتًا في موقعه على الجبهة، عازمًا على الدفاع عن وطنه ضد المحتل، في الوقت نفسه يمسك قلمه وكشكول مذكراته الذي يسجِّل فيه كل صغيرة وكبيرة في حرب أكتوبر، قبل أن تصدر الأوامر بالاشتباك مع العدو المتربِّص خلف خط بارليف. ثلاث شظايا في الصدر كانت من نصيب "سيد البسطويسي"، لتسقط مذكراته أرضًا حتى يأتي أحد جنود الاحتلال آخذًا مذكرات سجَّل فيها الشهيد "كل صغيرة وكبيرة"، سواء عنه أو عن أصدقائه في الوحدة العسكرية في أيام الاستعداد للمعركة التاريخية التي حسمت الأمر وأعادت سيناء إلى أحضان مصر. ظلَّت المذكرات في أحد أدراج الذكريات للجندي الإسرائيلي 42 عامًا، إلى أن تقدَّم به السن، وأراد أن يردها لصاحبها مشترطًا أن يسلم ذويه بنفسه المذكرات، في الوقت الذي لم يتوفَّر عنه إلا اسم "سيد البسطويسي" لتمزق غلاف "الكشكول" وضياع اسمه وعنوانه، على الرغم من أن المذكرات تحتوي على معلومات عن جنود في الوحدة التابع لها، والتي تشمل الاسم بالكامل، وبعض السطور المكتوبة عنه، والتي أوضحت جمال أسلوب كتابته، ما دفع الجنود ليطلقوا عليه "توفيق الحكيم" وفقًا لرواية "محمد العربي صديق" الجندي الذي شارك في حرب أكتوبر، وأتى اسمه في المذكرات التي يمتلكها الجندي الإسرائيلي. العربي صديق الذي كشف طريقة استشهاد البطل "سيد" في حرب أكتوبر، كان اسمه ضمن الأسماء الموجودة في مذكرات الشهيد، ولكنه لم يعرف محل سكن الشهيد بالتحديد بسبب مرور الزمن. المذكرات ما زالت تبحث عن صاحبها بعد ما يقارب 42 عامًا من الحرب، لتظل سجينة تل أبيب إلى أن يظهر أقارب "سيد".