الكلام اللى هكتبه كله خيال.. خيال مصدره خوفى الشديد من اختيار الموت لأبويا. جرس الباب بيرن بطريقة هستيرية، ماما راحت فتحت، لقت شابين جيرانا شايلين بابا وداخلين بيه بسرعة، أنا فضلت واقفة فى مكانى مش فاهمة هما شايلين بابا كده ليه! ماما جريت ناحيته وفضلت تصوّت وتقولهم: ماله فى إيه؟؟ إيه حصله؟ ردوا وقالوا: «لله ما أعطى.. ولله ما أخذ». ماما حطت إيديها على وشها وبكت، أنا وقتها ابتسمت ابتسامة هادية وقلتلهم: «معلش بس هو إنتم تقصدوا إيه؟؟» رد واحد منهم وهو باصص فى الأرض: «البقاء لله.. الحاج توفى». أنا فاكرة وقتها إنى فضلت واقفة مكانى خايفة أقرب منه لأتأكد إنه فعلاً مات. الشابان دخّلوا أبويا وأول ما خرجوا دخلتله جرى، لما دخلت لقيته نايم على سريره. باين من تحت «الكوفرتة» حرف جلبيته البيضا اللى كان متعود يلبسها وهو بيصلى، سبحته مكنتش جنبه. رفضى لأنه مات خلانى أخاف عليه ليتخنق فَشِلت الغطا من على وشه، وقعدت أحاول أدفى إيده المتلّجين، حاولت أفوقه، أنا عارفة إنه ميت، بس مش قابلة، فضلت أكلمه قلت له: «بابا قوم يلّا طب قل لى أنا هعمل إيه من غيرك؟ طب وبنتى اللى روحها فيك هتعمل إيه؟ بابا أنا معنديش غيرك والنبى قوم»، ولما لقيته مبيردش فضلت أعيط جامد جداً، دخلت علينا بنتى، وقالت: «مامى صحى جدو قوليله توم وجيرى ابتدوا يلّا صحيه بقى» مردتش عليها بس دموعى اتكلمت، بنتى قربت من أبويا، وقالتله بهمس: «جدو يلّا اشتريت لك حاجة حلوة يلّا تعالى ناكلها من ورا ناناه ومامى»، بكيت أوى وقلت لها بعلو صوتى «امشى من هنا»، وفى وسط ما أنا بزعق لها. دخلت أمى علينا وكان معاها الدكتور اللى أول ما مسك إيد أبويا قال: «البقاء لله.. والمفروض نبدأ فى إجراءات الدفن» ساعتها صرخت فيه وقلت له: «دفن إيه!! اسكت إنت»، وفضلت أصرخ. بنتى بكت فضلت تقول: «جدو قال مش هيسيبنى» بنتى قربت منه وقالت له: «جدو حبيبى فاكر لما كنت بتحكيلى حكاية (البنت لوكا وجدو حبيبها) فاكر إنت مكنتش بتقولى توتة توتة خلصت الحدوتة، ولما كنت بسألك: «هو إنت ليه مبتقوليش توتة توتة زى ما مامى بتقولى فى آخر حدوتة سندريلّا) كنت بتضحك وتقولى: «لأن حدوتة لوكا وجدو عمرها ما هتخلص».. قوم يا جدو إنت قلت لى إن حدوتتنا مش هتخلص». كلام بنتى لأبويا قتلنى، طلّعتها بالعافية بره الأوضة ورحت جنبه، وقلت له: قول لربنا إنى مستنياه يخلى سبيلى من الدنيا قوله إنى مستنية قرار البراءة من تهمة إنى «عايشة»، طب عارف يا بابا أول ما هاخد البراءة هعمل إيه؟ هترمى فى حضنك، وأحلى ما فى الحضن ده إنه هيبقى مفيهوش فراق، عموماً يا بابا أنا هروح أعيش شوية وأجهز نفسى عقبال ما تقوله عشان أنا هآجى معاك يعنى هآجى معاك. وخلص خيالى على جملة قلتها: «الحمد لله إن خيالى طلع خيال»، خلص بس مستنياه لأنه أكيد هيحصل، وقتها فكرت وسألت نفسى ليه ربنا مخلقناش من غير مشاعر؟ ليه أحب أهلى وأموت فى بنتى، وفجأة يطلع قرار بفراق نهائى فأفضل عايشة ميتة ولا عارفة أعيش من غيرهم ولا عارفة أموت فأروحلهم، عارفة إن الرد على سؤالى هيكون إجابة نموذجية محتواها «إن ده قدر» بس اعتراضى مش عالقدر، والله أبداً مش عالقدر، اعتراضى على مشاعرى ووجعى وقت ما القدر بياخد منى أبويا أو أمى أو بنتى.اعتراضى على إن القدر ليه وهو بينفذ قرار الفراق وبياخدهم منى ليه مخدش مشاعرى وحبى ليهم من جوايا، ها؟ ليه خدهم ومخدش حبى ليهم معاه؟ مفيش إجابة وهتفضل مشاعرنا هى جهنم الدنيا.