أكد القس آندريه زكي، مدير عام الهيئة القبطية الإنجيلية، أهمية وضع حرية الرأي والفكر والتعبير في الدستور الجديد الذي يتم كتابته حاليا، خاصة في المرحلة الدقيقة التي تمر بها مصر. وقال زكي، في افتتاح اللقاء الذي نظمته الهيئة بالإسكندرية مساء اليوم الجمعة بعنوان "مستقبل حرية الفكرة والتعبير في مصر"، والذي يستمر ليومين: "منظمات المجتمع المدني عليها مسؤولية كبيرة في ترسيخ مفهوم حرية الرأي والفكر والتعبير لدى المواطنين، وهو ما نحاول القيام به". واعتبر أن الحرية الاقتصادية لأي مجتمع لها علاقة قوية بحرية الرأي والفكر والتعبير، مضيفا: "عندما تكون الشعوب لديها قدرة اقتصادية قوية وتكون قادرة على الاعتماد على نفسها". وحمَّل زكي المفكرين والمثقفين ورجال الإعلام ورجال الدين المسؤولية الكبرى لخلق مناخ يسمح بالاختلاف واحترام الرأي الآخر ويقبل بالتعددية، خاصة في ظل المرحلة الحالية التي يكتب فيها دستور جديد. واعتبر أن الدين هو جزء من الأمن القومي لأي دولة، مشيرا إلى أن الفيلم المسيء للرسول هو أكبر مثال على أن المساس بالدين هو مساس بالأمن القومي، لافتا إلى المظاهرات التي شهدتها عدة دول عربية ضد السفارات الغربية نتيجة الفيلم. وقال زكي: "ما يحدث في مصر الآن يجعلنا نطرح للمناقشة طريقة تناول الإعلام لبعض القضايا، بهدف تأسيس مفهوم مصري لحرية التعبير والفكر والرأي يتجاوز المفاهيم الموجودة لدى الغرب". وفي الجلسة الأولى للقاء بعنوان "قراءة في واقع حرية الفكر والتعبير في مصر"، قال الكاتب الصحفي عبدالقادر شهيب إنه بدون حرية الفكر والتعبير لن نتمكن من التخلص من الفساد في المجتمع؛ لأنه في ظل غياب تلك الحريات سيستشري الفساد ويصعب فضحه. وأضاف شهيب: "هناك ثلاثة تساؤلات مهمة يجب أن نبحث عن إجابة لها، هي: ما هو المستقبل الذي نرجوه لحرية الفكر والتعبير؟ وما هي الآليات والدور الذي يجب أن نقوم به لتحقيق هذا المستقبل، وما هو المستقبل الذي نخشاه بالنسبة لحرية الفكر والتعبير؟". ومن جانبه، أكد الدكتور محمد الشحات الجندي، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن مصر بعد ثورة 25 يناير شهدت زخما في مجال حرية الرأي والتعبير، وصل في بعض الأحيان إلى الانفلات نتيجة ممارسات خاطئة. وأوضح أن هذا الانفلات شمل كل التيارات حتى الإسلامية منها، مشيرا إلى أهمية الدور الوسطي الذي تحتاجه مصر حاليا لإتمام وضع الدستور الجديد وترسيخ مفهوم حرية الرأي و التعبير فيه. وأكد أن كل الأديان السماوية تنادي بحرية التعبير، وهو مفهوم راسخ فيها كلها. واعتبر الخبير الإعلامي الدكتور ياسر عبدالعزيز أن حرية الرأي في مصر الآن تحولت إلى صراع على الهوية والدولة وشكل المجتمع ودور الدين فيه. وقال عبدالعزيز: "تحولت حرية والرأي والتعبير إلى معركة سياسية، وبدأ كل طرف سياسي في محاولة أن ينتصر لوجهة نظره عن طريق استخدام مفهوم حرية الرأي والتعبير بالشكل الذي يخدم آراءه". وأضاف: "هناك استدعاء مغرض لبعض النماذج من الدول الأخرى، فالبعض يقول إن حقوق الرأي والتعبير والفكر في أمريكا وضعها كذا أو كذا، وهو ما لا يمكن تطبيقه في مصر في أوجه كثيرة". ومن جهته، قال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، إن السؤال حول حرية التعبير والرأي مطروح على النخب المصرية منذ مطلع النهضة المصرية، مشيرا إلى أنه "عندما قامت ثورة 1919 كانت تطرح نفس السؤال". وأضاف عصفور: "نجحت ثورة 1919 في تقديم إجابة رائعة لهذا السؤال، ولم تحدث حرية في مصر على جميع المستويات عقب أي ثورة مثلما حدث بعد ثورة 1919". واعتبر عصفور أن "الثورة الوحيدة المكتملة في مصر هي ثورة 1919، لأنها هزت جذور المجتمع المصري فعلا، وكانت نتيجتها مظاهر متعددة للحرية في كل الأوجه".