«مصر وأوزبكستان».. رؤية واحدة

استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس، شوكت ميرضيائيف، رئيس أوزبكستان، بقصر الاتحادية، وسط مراسم استقبال رسمية، تم فى أعقابها توقيع عدد من مذكرات التفاهم والتعاون بين البلدين، إلى جانب عقد جلسة مباحثات بين الرئيسين.
ورحّب الرئيس السيسى، خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع نظيره الأوزبكى، بالرئيس شوكت ميرضيائيف، والوفد المرافق له، مسجلاً التقدير والاحترام للعلاقات بين البلدين، قائلاً: «نعرف بلادكم على مستوى التاريخ أنّها بلاد ما وراء النهرين، وبها علماء عظماء من علماء المسلمين».
وأضاف «السيسى» أنّ مصر كانت أول دولة عربية اعترفت باستقلال أوزبكستان 1991، وأول دولة عربية أقامت علاقات دبلوماسية وافتتحت سفارتها ببلادكم، مؤكداً أنّ مصر كانت تتطلع لزيارة رئيس أوزبكستان، شوكت ميرضيائيف، لاستكمال المباحثات، وإعطاء قوة دفع لعلاقات البلدين فى المجالات كافة، وأنّ الزيارة الحالية شهدت التوقيع على 9 اتفاقيات فى مجالات مختلفة.
وأضاف الرئيس: «ميزان التبادل التجارى بين البلدين لا يعكس حجم الاحترام والثقة والإرادة السياسية للبلدين بالتعاون، والمباحثات تناولت استمرار التعاون والدعم المتبادل فى المحافل الدولية، ونسجل تقديرنا لدعم أوزبكستان لمصر للحصول على عضوية مراقب بمنظمة شنغهاى، والإرادة السياسية موجودة وسيحدث تحول سريع فى العلاقات والتعاون بالمجالات المختلفة».
وأوضح الرئيس السيسى أنَّه اتفق خلال المباحثات مع رئيس أوزبكستان، على أهمية التعاون الأمنى والمعلوماتى بمجال مكافحة الإرهاب والتطرف، مؤكّداً أنها قضية تحرص مصر على التعاون فيها مع أوزبكستان، فى إطار ما يمثله هذا الفكر من تهديد للأمن والاستقرار فى بلادنا والعالم كله.
توافق مصرى أوزبكستانى على ضرورة حل الدولتين فى القضية الفلسطينية
وأضاف الرئيس: «اسمح لى أتكلم عن الدور الذى يقدمه الأزهر الشريف من خلال تعاليم الإسلام السمح واستقبال الطلاب الأوزبكستانيين لتعليمهم ذلك، وكان هناك توافق فى الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، مثل الاتفاق على ضرورة حل الدولتين وإيجاد حل للقضية الفلسطينية».
وتابع الرئيس السيسى أنَّه تمّ التوافق على ضرورة إيجاد حل سياسى للأزمة الروسية الأوكرانية، لما لها من تأثير على العالم كله، مبيناً أنَّه تمّ التوافق على أهمية إيجاد حل لقضية السد الإثيوبى، وتشجيع الجانب الإثيوبى على توقيع اتفاقية ملزمة بشأن ملء وتشغيل السد، مهنئاً الرئيس الأوزبكستانى على توقيع اتفاقية مع دولة مجاورة خاصة بموضوع مماثل.
من جانبه، أكد شوكت ميرضيائيف، رئيس أوزبكستان، امتنانه العميق للرئيس عبدالفتاح السيسى والشعب المصرى على كرم الضيافة على أرض مصر العريقة والجميلة، لافتاً إلى أنه خلال اجتماعه مع الرئيس السيسى كان هناك تطابق ببرنامجى أوزبكستان الجديدة والجمهورية الجديدة اللذين يتم تنفيذهما فى كلا البلدين.
وأضاف أنه جرى الاتفاق على التعاون والتنسيق الشامل بين مصر وأوزبكستان، متابعاً: «خلال حديثنا المفتوح اتفقنا على رفع علاقتنا إلى مستوى التعاون واسع النطاق، حيث إن المسائل فى التعاون السياسى قريبة لدى كلينا، ومواقفنا واحدة تجاه مسألة فلسطين والسد الإثيوبى والنزاع الروسى - الأوكرانى».
«ميرضيائيف»: هناك تطابق بين برنامجى أوزبكستان الجديدة والجمهورية الجديدة فى البلدين
وواصل: «اتفقنا أيضاً على زيادة التعاون بين الطرفين فى المجالات السياسية واللوجيستية ومجال مكافحة الفساد، وأكدنا أن إقامة التعاون الصناعى فى المجالات الواعدة، مثل الغاز والكيماويات والمنسوجات والهندسة الكهربائية والصيدلة، سيكون مفيداً لكلا الطرفين»، مضيفاً: «أعبر أمامكم أمام شركائنا المصريين عن استعدادنا لتنفيذ مشروعات ذات منفعة متبادلة فى كلا البلدين».
وشرح رئيس أوزبكستان أنه من المهم تحقيق استقرار الوضع فى أفغانستان وعدم تقليل المساعدة الدولية إلى الشعب الأفغانى، متابعاً: «ناقشت مع أخى الوضع الداخلى لأفغانستان، وأنه يجب أن يكون هناك اعتبار لما يتم داخل أفغانستان فى الوقت الحاضر»، مضيفاً: «نذكر بكل احترام اسم أحمد الفرغانى، ممثل النهضة الإسلامية الذى وضع قاعدة متينة لتقوية الروابط الأخوية بين شعبينا، ونحن اقترحنا أن يكون هناك تأسيس لجمعية ثقافية باسمه، يتم عن طريقها التعاون فى إطار هذه الجمعية».
وتابع أن الثقافة الفريدة لمصر مثل المسرح والسينما وفن الغناء معروف لدى الشعب الأوزبكى، ونحن فى انتظار الجولات الإبداعية للشعراء والكتاب المصريين إلى بلادنا، متابعاً: «اتفقنا بأن علاقتنا طويلة الأمد التى تستمد قوتها من الجذور المشتركة سترتفع إلى آفاق جديدة وفقاً لطموحات الشعبين، والخطط الكبيرة التى وضعناها اليوم».
واختتم: «أتمنى لبلدكم الذى يعتبر من المهود القديمة للحضارة العالمية، وينطلق قدماً للمستقبل، ويعيش بروح ونفس جديدين، أتمنى له الخير والبركة ودوام التقدم والرقى».
وشهد الرئيسان «السيسى وميرضيائيف» توقيع عدد من مذكرات التفاهم المشتركة بين البلدين، منها توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بمصر، ووكالة الترويج الاستثمارى بوزارة الاستثمار والصناعة والتجارة لجمهورية أوزبكستان، ووقعتها من الجانب المصرى الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولى، ومن الجانب الأوزبكى، وزير الاستثمار والتجارة والصناعة بأوزبكستان.
وتابع الرئيسان توقيع خطة العمل المشتركة بين هيئة الاستثمار والمناطق الحرة، ووكالة الترويج الاستثمارى الأوزبكستانية، خلال عامى 2023 - 2024.
كما تمّ توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة التعاون الدولى ووزارة الاستثمار بأوزبكستان لتبادل الخبرات، ومذكرة تفاهم للتعاون بين المجلس المصرى للاعتماد والوكالة الأوزبكية للتنظيم الفنى، واتفاق تعاون بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى بمصر ووكالة وقاية النباتات والحجر الزراعى التابعة لوزارة الزراعة بأوزبكستان، لوقاية النباتات والحجر الزراعى. وشمل التعاون توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية بمصر، ومركز الحضارة الإسلامية بأوزبكستان ومذكرة تفاهم أخرى بين «دار الكتب»، وأكاديمية العلوم معهد أبى ريحان البيرونى للدراسات الشرقية.
وفى مجال الصحة، شهد الرئيسان توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة والسكان بمصر ووزارة الصحة بجمهورية أوزبكستان، كما تم توقيع برنامج للتعاون بين وزارتى الخارجية فى البلدين، خلال عامى 2023 - 2025.
.. وبيان مشترك يؤكد استمرار التنسيق فى المحافل الدولية
أصدرت مصر وأوزبكستان بياناً مشتركاً أمس، حول المباحثات التى أجراها الرئيس عبدالفتاح السيسى، مع شوكت ميرضيائيف، رئيس أوزبكستان، أكد خلاله البلدان تقدير الرئيسين للتعاون الثنائى، وفى المحافل الدولية، وتوافر الرغبة المشتركة لتطوير التعاون على كل المستويات السياسية والتجارية والاقتصادية والاستثمارية والثقافية والعلمية.
وشدّد الرئيسان على أن تنفيذ الاتفاقات التى تم التوصل إليها سيضع أساساً متيناً لتوسيع التعاون فى جميع المجالات، وأكّدا أهمية الحفاظ على استمرار الدعم المتبادل والتعاون الوثيق فى المحافل الدولية والإقليمية فى جميع الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
وأشار الرئيسان إلى ضرورة دعم الأمن والاستقرار فى أفغانستان، وعدم السماح بوجود ملاذات آمنة للإرهابيين والمتطرفين فيها، ودعم جهود الإغاثة والأعمال الإنسانية فى أفغانستان تفادياً لحدوث أزمة إنسانية، وأهمية استمرار الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.
كما أكّدا ضرورة احترام جميع الدول لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولى، ومبادئ حسن الجوار، واحترام سيادة وسلامة أراضى جميع الدول، وعدم التدخّل فى شئونها، وحل النزاعات سلمياً على المستويات الثنائية والإقليمية ومتعددة الأطراف.
وذكر البيان أن الجانب الأوزبكى أعرب عن الترحيب الكبير بانضمام مصر ل«منظمة شنغهاى للتعاون» بصفة «شريك حوار»، كما أكد استعداده لمواصلة تطوير التنسيق بين مصر وأوزبكستان فى إطار عمل المنظمة.
واتفق الجانبان على تطوير العلاقات بين برلمانيى البلدين، خاصةً فيما يتعلق بتعزيز أنشطة مجموعتى الصداقة، وتبادل الخبرات على صعيد الدورين التشريعى والرقابى، كما اتفقا حول ضرورة الاهتمام بالحوار مع الشباب، ورحّبا بالمبادرات التى تم إطلاقها لتأسيس منصات ومنتديات للحوار مع الشباب والاستماع إلى شواغلهم وتأهيلهم للمناصب القيادية.
وتوافق الجانبان على تعزيز العلاقات الاقتصادية، والعمل على زيادة التبادل التجارى بين البلدين، والاستثمارات المتبادلة، وتعزيز أنشطة اللجنة المشتركة للتعاون العلمى والاقتصادى والفنى، وتعزيز أنشطة منتدى الأعمال المصرى - الأوزبكى، كما رحّبا بتوقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم فى العديد من المجالات.
واتفق الرئيسان على توسيع التعاون بين الجامعات وكل المؤسسات التعليمية فى البلدين، حيث أعرب الجانب الأوزبكى عن ترحيبه بمشاركة أساتذة من الجامعات المصرية فى تدريس اللغة العربية فى جامعة طشقند للدراسات الشرقية، وأكاديمية أوزبكستان الإسلامية الدولية، وجامعة الاقتصاد العالمى والدبلوماسية.
وأكّدا التزامهما بمواصلة تعميق الروابط الثقافية بين الشعبين، ودعمهما لتكثيف المشاركة المتبادلة فى الفعاليات الثقافية والفنية فى البلدين، وتنظيم الأيام الثقافية والمعارض والمهرجانات الفنية وعروض الفرق الفولكلورية والمعارض السياحية فى القاهرة وطشقند لتعزيز التقارب الإنسانى والثقافى بين الشعبين.
وأعرب الجانبان عن قلقهما العميق إزاء انتشار ظاهرة الإرهاب باعتبارها تمثل أحد أخطر التهديدات الأمنية للإنسانية، وأدانا استخدام الدين لتبرير أو دعم أو رعاية الإرهاب. وشددا على أهمية قيام المجتمع الدولى بتنسيق العمل بهدف القضاء على الإرهاب.
ودعا «السيسى وميرضيائيف» فى البيان المشترك إلى العمل على اجتثاث الشبكات الإرهابية وملاذاتها الآمنة والقضاء على بنيتها التحتية وقنوات تمويلها ومنع تحركات الإرهابيين عبر الحدود، ومواجهة محاولات التنظيمات المتطرفة لاستخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى، لزرع التطرف بين الشباب وتجنيد الكوادر الإرهابية، وأكّدا أهمية تعزيز التعاون الثنائى بهدف مواجهة تلك المخاطر والتحديات.
وأكد الجانب الأوزبكى أهمية الدور الذى تقوم به المؤسسات الدينية المرموقة فى مصر، وعلى رأسها الأزهر الشريف، فى مكافحة الفكر المتطرف ومحاولات ربطه بالدين الإسلامى.
ورحّب الجانبان بتوسيع إطار التعاون بين المؤسسات الدينية فى البلدين للعمل على منع انتشار الأفكار المتطرفة، بما فى ذلك دراسة تأسيس تعاون بين دار الإفتاء المصرية ومركز الفتوى بإدارة مسلمى أوزبكستان، وتعزيز مشاركة الأئمة والوعاظ الأوزبك فى الدورات التدريبية التى تنظمها وزارة الأوقاف المصرية.
وأشاد رئيس أوزبكستان بالجهود التى يبذلها الرئيس السيسى لإحلال السلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، وخاصة على صعيد إيجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية، والعمل على عودة الاستقرار فى ليبيا، فيما أشاد «السيسى» بجهود رئيس جمهورية أوزبكستان والتى تهدف إلى خلق جو من الثقة المتبادلة والصداقة وحسن الجوار فى منطقة آسيا الوسطى.
وأعرب الجانب الأوزبكى عن تقديره الكبير للإصلاحات الشاملة التى تم تنفيذها فى إطار «رؤية مصر 2030 لتحقيق أهداف التنمية المستدامة» والبرامج الاجتماعية مثل «تكافل وكرامة» و«حياة كريمة»، وكذلك المبادرات الرامية إلى الحد من الفقر، وجذب الاستثمارات الأجنبية، كما أعرب الجانب المصرى عن التقدير لاستراتيجية «أوزبكستان الجديدة» وعملية الإصلاح الطموحة التى بدأها الرئيس ميرضيائيف.
وقدّم الرئيس «ميرضيائيف» التهنئة للرئيس «السيسى» على استضافة مصر الناجحة لأعمال الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والتى عُقدت فى شرم الشيخ فى نوفمبر 2022، وخاصةً فيما يتعلق بإنشاء «صندوق الخسائر والأضرار» لمساعدة البلدان النامية المعرّضة للآثار السلبية لتغير المناخ، كما رحّب بإطلاق «المنتدى العالمى للهيدروجين الأخضر» وأعرب عن استعداد بلاده للتعاون بشأن قضايا التكيف المناخى، ومكافحة التصحر، وسبل تعزيز الاعتماد على الطاقة المتجددة.