مشاهد عديدة اجتمعت فى مكان واحد بحديقة حيوانات الجيزة أو «جوهرة التاج» لحدائق حيوان أفريقيا، كما كان يُطلق عليها من قبل، الحديقة الأم من بين 7 حدائق هو إجمالى عدد حدائق الحيوان بمصر، ولكن تبقى «الجيزة» الحديقة الكبرى، التى تحتل 80 فداناً. الإهمال طال أجزاءً رئيسية من الحديقة، كلمات ردّدها أحمد سعد، أحد الزوار الذى جاء بصحبة أبنائه لزيارة أهم حديقة حيوان بمصر، وبدأ رحلته بحثاً عن جبلاية القرود، يشد «أحمد» على يد ابنه، وهو يمر بين أقفاص الحيوانات، ليجد القمامة منتشرة على الأرض، وحيوانات أنهكها التعب من كثرة التصوير، وتطفّل الزائرين عليها. تذكّر الشاب الثلاثينى خبراً قرأه فى إحدى الصحف عن استبعاد مصر من عضوية الاتحاد الدولى لحدائق الحيوان، وذلك بسبب تفشى الأمراض بين الحيوانات والمعاملة السيئة لها من قِبل الحراس واستغلالها فى كسب عدد قليل من الجنيهات. بمجرد الولوج من البوابات، يصعب على الزائر الوصول إلى المكان الذى يريده بسهولة، خريطة الحديقة كبيرة وغير واضحة، والأسهم الداخلية تشير إلى أماكن من المفترض أن يوجد بها حيوانات وفقاً لبعض الألواح المدونة خارجها، ولكن فى حقيقة الأمر بدت خاوية تماماً. بضعة أمتار تصل بالزائر إلى مكان وجود «الجمال»، التى بدت هزيلة، وبعضها سقط سنمه على جسده، فبدت منهكة تماماً، خطوات قليلة إلى الأمام، وتظهر أقفاص القرود، يحيطها الباعة من كل حدب وصوب، إذا ما فكر المواطن البسيط فى أن يستريح وأسرته على أحد المقاعد، سرعان ما يأتى إليه شاب عشرينى يطالبه بأجرة الجلوس، فالمكان تم تأجيره ل«نصبة شاى»، صاحبها هو المتحكم الرئيسى فى أماكن الجلوس، وبعد رفض بعض الزوار دفع الإتاوة، ربما يصل الأمر إلى حد الاشتباك بالأيدى بين الزائرين وأصحاب أماكن التأجير. وشكا نادر محمد أحد زوار الحديقة من سطوة الباعة الجائلين: «المفروض لما الواحد يتعب من اللف مع الأولاد يلاقى مكان يرتاح فيه ربع ساعة، حتى القعدة بفلوس، مش كفاية أن زيارة الحيوانات نفسها بفلوس، والدخول فى أى مكان، سواء بيت الزواحف أو الأسود أو الجلوس بالقرب منها، بات مدفوع الثمن، وكأن الإدارة تعوّض ثمن التذكرة الذى يراه البعض زهيداً (3 جنيهات)، بأن تجبر زوار الحديقة على الدفع فى الداخل». حوادث كثيرة تداولتها الصحف فى العامين الأخيرين كشفت عن نهايات مأساوية لعدد من الحيوانات، نتيجة الإهمال فى رعايتها، أشهرها وفاة الدببة الثلاثة «لولو ونبيلة وفرح»، والعثور على الزرافة مشنوقة بالحبال، وهو الحادث الذى عُرف إعلامياً ب«انتحار الزرافة». تقول الدكتورة دينا ذوالفقار، الناشطة فى مجال حقوق الحيوان وعضو اللجنة المشرفة على الحدائق المركزية: إن «حديقة الجيزة يعمل بها 28 طبيباً بيطرياً معينين ل7 حدائق، ولذلك تبدو إمكانيات المتابعة الدورية محدودة، ولا يوجد منهج لتلقى الشكاوى، أو ضمان الرد عليها، وعلى سبيل المثال قدّمنا شكوى بعدم وجود مكان مخصص للحيوانات الثلاثة التى أهدتها الإمارات إلى الحديقة، وبالفعل مات أحدها».