«مصر للمعلوماتية» تطلق تطبيقا إلكترونيا لإدارة الكافتيريات الجامعية    إحباط مخطط إرهابي لحركة "حسم" الإخوانية.. محمد رفيق إبراهيم مناع محكوم عليه بالسجن المؤبد    اليوم آخر موعد لتنازلات مرشحي «الشيوخ».. وبدء الدعاية الانتخابية    أسعار مواد البناء اليوم الأحد 20 يوليو 2025    حملات تفتيشية مكثفة لهيئة سلامة الغذاء على الأسواق بمختلف المحافظات    أسعار الأسماك اليوم الأحد 20 يوليو في سوق العبور للجملة    أيمن الجميل : خطط الإصلاح الاقتصادى توفر مناخا مثاليا للاستثمار الآمن فى مصر وتعزز زيادة الإنتاج والصادرات    كامل الوزير يتفقد 3 مصانع متخصصة في الصناعات الغذائية والمعدنية ومواد البناء بالعبور    رئيس قطاع فلسطين بالجامعة العربية يدعو لتجديد تفويض الأونروا خلال سبتمبر القادم    أبو الغيط يثمن المواقف المصرية الحكيمة في دعم حل عادل ونهائي للقضية الفلسطينية    "الأمير النائم" يرحل في صمت.. تفاصيل القصة التي هزت القلوب| فيديو    راحة 24 ساعة للاعبي الزمالك من معسكر العاصمة الإدارية    مدرب فرانكفورت يلمح لرحيل إيكيتيكي ويستشهد بعمر مرموش    تقرير: لويس دياز يقترب من بايرن مقابل 75 مليون يورو    ريال مدريد يصدم فينيسيوس.. تجميد المفاوضات    حالة الطقس في السعودية اليوم الأحد.. رياح نشطة وأتربة مثارة وتحذيرات من تدني الرؤية    التصريح بدفن جثة شخص لقي مصرعه في حادث بالشرقية    الداخلية: ضبط قائد سيارة "فان" سار عكس الاتجاه بالقاهرة    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    مصرع عجوز سقطت من شرفة الطابق الثامن بالإسكندرية.. وأسرتها تكشف السبب    في ذكرى رحيله.. أبرز محطات حياة القارئ محمود علي البنا    أمير كرارة في حوار خاص ل«بوابة أخبار اليوم»: نفسي أعمل كل حاجة والجمهور يفضل يحبني    وحدة السكتة الدماغية بقصر العيني تحصل على الاعتماد الدولي    أسباب ارتفاع أسعار الأدوية في الصيدليات.. «الغرف التجارية» توضح    تنفيذًا لخطة ترشيد استهلاك الكهرباء| ضبط 143 مخالفة لمحلات غير ملتزمة بقرار الغلق    إلغاء أكثر من 200 رحلة طيران بسبب الطقس في هونج كونج    كونتكت للوساطة التأمينية تنضم رسميًا لعضوية الميثاق العالمي للأمم المتحدة    الثلاثاء.. مناقشة "نقوش على جدار قلب متعب" لمحمد جاد هزاع بنقابة الصحفيين    قبل انطلاقه بساعات.. تفاصيل حفل افتتاح الدورة ال 18 ل المهرجان القومي للمسرح    الزمالك يدعم خط دفاعه بضم محمد إسماعيل من زد    تقرير حكومي: مصر أصبحت وجهة جاذبة لتجميع السيارات بدعم من استقرار الاقتصاد والسياسات الصناعية    «الداخلية»: ضبط 293 قضية مخدرات وتنفيذ 72 ألف حكم قضائي خلال 24 ساعة    ضم تخصصات جديدة، كل ما تريد معرفته عن تعديل قانون أعضاء المهن الطبية    بعد وفاة الأمير النائم، طبيب مخ وأعصاب يكشف ماذا يحدث داخل جسم الإنسان أثناء الغيبوبة الطويلة؟    وزير الري يتابع إجراءات اختيار قادة الجيل الثاني لمنظومة الري المصرية 2.0    أوكرانيا: ارتفاع قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى مليون و41 ألفا    «بين الخصوصية والسلام الداخلي»: 3 أبراج تهرب من العالم الرقمي (هل برجك من بينهم؟)    بعد غياب عامين.. التراث الفلسطيني يعود إلى معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    دعوى قضائية ضد حكومة بريطانيا لقرارها عدم إجلاء أطفال مرضى من غزة    دير السيدة العذراء بالمحرق يتهيأ لإحياء تذكار الأنبا ساويروس    "100 يوم صحة".. خدمات طبية شاملة للكشف المبكر عن الأمراض بالعريش    جامعة القاهرة تعلن حصول وحدة السكتة الدماغية بقصر العيني على الاعتماد الدولي    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    كريم رمزي يفتح النار على أحمد فتوح بعد أزمة الساحل الشمالي    وزارة العمل تُعلن عن وظائف خالية برواتب مجزية    مصرع 3 أطفال أشقاء غرقا داخل حوض مياه ببالبحيرة    أحمد شاكر: اختفيت عمدا عن الدراما «مش دي مصر».. وتوجيهات الرئيس السيسي أثلجت صدر الجمهور المصري    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    المبعوث الأمريكي يلتقي قائد «قسد» لاستعادة الهدوء في السويداء    موعد بداية شهر صفر 1447ه.. وأفضل الأدعية المستحبة لاستقباله    «مينفعش تعايره».. مجدي عبدالغني يهاجم الأهلي ويدافع عن الاتحاد الفلسطيني بشأن أزمة وسام أبوعلي    «اتباع بأقل من مطالب الأهلي».. خالد الغندور يكشف مفاجأة عن صفقة وسام أبوعلي    حنان ماضى تعيد للجمهور الحنين لحقبة التسعينيات بحفل «صيف الأوبر» (صور و تفاصيل)    الكونغو الديمقراطية و«إم 23» توقعان اتفاقًا لوقف إطلاق النار    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا الرجل الجميل ومفاجأته الرائعة
نشر في الوطن يوم 09 - 01 - 2015

أعلم أن عشرات -إن لم يكن مئات- المقالات والأعمدة قد سبقتنا إلى الكتابة فى هذا الموضوع لكنه لم يكن بمقدورى كمواطن مصرى ألا أكتب عنه. كنت أتابع قداس عيد الميلاد المجيد حين وقعت المفاجأة. غمرنى شعور طاغٍ بالسعادة جمعنى بالحضور فى القداس الذين شاعت بينهم السعادة والبهجة بأول حضور لرئيس مصرى قداس عيد الميلاد. تذكرت عقوداً من الكآبة مرت منذ رحيل عبدالناصر بسبب التوجهات الجامدة أو الشائهة فى عهدى السادات ومبارك، وعندما جاءت ثورة يناير وأظهرت وحدة الشعب المصرى فى مواجهة الطغيان والفساد تفاءلنا خيراً، لكن الثورة نفسها انتكست بحكم الإخوان الذى شهد ممارسات بشعة وصلت ذروتها بحرق عشرات الكنائس فى أعقاب فض اعتصام «رابعة»، لكن مفاجأة السيسى وضعت هذا كله فى سلة الماضى، ولا أقصد أن زيارته الكاتدرائية فى قداس عيد الميلاد كأول سابقة لرئيس مصرى سوف تحل كل المشكلات لكن دلالتها دون شك أكثر من رائعة.
أنا مواطن مصنوع من النسيج المصرى الواحد الذى عبر عنه السيسى فى كلمته القصيرة. عدت بذاكرتى عشرات السنين إلى أيام الزمن الجميل. نشأت فى حى شبرا حيث يقتسم المصريون كل شىء، وتجد أن جيرانك يتقاسمهم الدينان السماويان ولكنهم يشتركون فى الوطن الواحد، وأن زملاءك وأصدقاءك فى المدرسة والنادى مناصفة بين أبناء الديانتين ليس من باب «المحاصصة» الدينية وإنما لأن هذه هى ثمرة النسيج الواحد والتفاعلات الاجتماعية السوية والرائعة، وحيث تتعانق المساجد والكنائس فعلاً وليس من باب المناكفة، وتتداخل أصوات الأذان والأجراس، وحيث ترتبط القلوب البريئة من الجنسين أحياناً بمشاعر راقية إلى أن يدرك الأهل أن المسائل صارت تحتاج إلى إدارة حكيمة ويعود الجميع إلى رشده. لا أنسى ما حييت أساتذتى العظام من الأقباط ابتداءً من الأستاذ فايق مدرس أول اللغة الإنجليزية فى شبرا الإعدادية (عليه رحمة الله) إلى الدكتور بطرس غالى والدكتور سمعان بطرس فرج الله فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الذين عزفوا مع أقرانهم المسلمين سيمفونية التعليم الرفيع عبر مشوار العمر، ولا رجال مصر العظام الذين فاض عطاؤهم لوطنهم من أمثال فخرى عبدالنور وفؤاد عزيز غالى ومجدى يعقوب ويونان لبيب رزق وغيرهم الآلاف ممن لم يحظوا بشهرة هؤلاء لكنهم قدموا لوطنهم ما يستحقه من جهد وإخلاص، ولا البابا شنودة صاحب التعبير الأجمل فى قاموس الوطنية المصرية.
ثم أتى علينا حين من الدهر نُكبنا فيه بالفكر المتشدد الذى أرفض وصفه بالإسلامى لأن أصحابه لا علاقة لهم بجوهر الإسلام، والذى ينظر لأقباط مصر نظرة لا تدل إلا على قطيعة أصحابها مع الإسلام، وأوقعنا هؤلاء للأسف فى زمن غياب المشروع الوطنى فى تفاهات بالغة السخف والخطورة تناقض النصوص والخبرة الإسلامية صراحةً: هل يجوز رد تحية المسيحى؟ هل تجوز تهنئته بعيده أو تجوز صداقته؟ أموالهم وكنائسهم وربما أعراضهم والعياذ بالله مستباحة، وكل ذلك فى ظل رؤى ضائعة أو مترددة أو متعاطفة مع هذه الأفكار الضالة، ثم يترجم هذا كله فى أعمال إرهاب تتضمن تدميراً للممتلكات والمنشآت ودور العبادة وإزهاقاً لأرواح المصريين بغير حق تحت راية فهمهم المريض للإسلام، وسوف يذكر التاريخ لأقباط مصر أنهم لم يلجأوا يوماً إلى العنف رداً على معاناتهم مؤكدين مجدداً أصالتهم الوطنية ابتداءً من القمص سرجيوس فارس ثورة 1919 الذى وقف على منبر الأزهر قائلاً «فليمت الأقباط ولكن فليعش المسلمون أحراراً» إلى البابا تواضروس الثانى الذى قال «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن».
السيسى مصرى مسلم سَمْته على وجهه، وكان انطباع كل من التقاه منذ بداية ظهوره على الساحة السياسية المصرية أن المقوم الدينى فى شخصيته أكيد وحقيقى، وليس ادعاءً كما كان غيره يفعل، وقد لفتنى غير مرة بفهمه المستنير وغير التقليدى الذى انعكس على كلماته فى أكثر من مناسبة دينية، وقد عبر عما فى داخلى عندما قال فى كلمته فى الاحتفال بتسليم جوائز المسابقة الدولية فى حفظ القرآن الكريم بعد توقير فكرة الجائزة والفائزين بها إنه يتمنى أن تكون هناك مسابقات فى فهم القرآن وبحوث تجرى فى هذا الصدد، وأعتقد أن هذا وثيق الصلة بما دعا إليه مؤخراً من ثورة دينية فى الاحتفال بالمولد النبوى تحمينا من تلك الأفكار التى تدعو -على حد قوله- إلى أن يقتل المسلمون باقى العالم، ووصل به الأمر إلى أن عاتب رجال الدين عتاباً حقيقياً وقال لهم إنه سيحاججهم أمام الله يوم القيامة إذا لم يتحملوا مسئولية تطهير الدين من الأفكار الضالة، ولذلك فإن ذهابه إلى الكاتدرائية ليقدم بنفسه التهنئة إلى أقباط مصر فى عيدهم كان ترجمة أمينة لفكره الإسلامى الصحيح، والحقيقة أن موضوع العودة بالإسلام إلى جوهره الحقيقى بات يكتسب فى الظروف الراهنة التى يعربد فيها الإرهاب باسم الإسلام أولوية قصوى، ومع الاعتراف بالأهمية الفائقة لدور رجال الدين فى هذا الصدد فإنه يجب أن يكون واضحاً أن دورهم وحدهم ليس كافياً، فتحقيق الثورة المطلوبة من أجل العودة بالإسلام إلى حقيقته السمحة هو مسئولية مجتمعية عامة، فكل مصرى قادر على الأقل على أن يكشف عن مواطن الخلل فى بسط مفاهيم الدين الصحيح فى المسجد والمدرسة وأجهزة الإعلام ويتحمل المثقفون مسئولية خاصة فى هذا الصدد إذ إن بمقدورهم أن يساهموا بفكرهم فى رد الاعتبار إلى صحيح الدين. كل سنة ومصر الحضارة والإنسانية التى عبر عنها هذا الرجل الجميل بزيارته التاريخية للكاتدرائية بخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.