حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرضى ضمور العضلات.. حلم الشفاء مرهون ب40 مليون جنيه
نشر في الوطن يوم 12 - 08 - 2022

تلمس بيديك أنامل طفل فتسري الحياة في عروقك، ترى الدنيا في عينيه، فتدفعك إلى اقتحام كل صعب، ترقص حبا إذا ابتسم لك، وتجوب الأرض مشرقا ومغربا إذا طلب منك طلبا، لكن الحياة ليست كلها أحلام، فماذا لو أخبرك طبيب أن ابنك أو ابنتك.. قطعة من روحك قد أصابها المرض، مرض ينهش كل قطعة في جسد الصغير بكل بطء غير عابئ بألمه، وهم أسرته.
منذ أن تبنت «الوطن» حالة الطفلة «رقية» مريضة ضمور العضلات الشوكي، التي نجحت بجهود المصريين والأشقاء العرب في جمع ثمن حقنة علاجها، وصولا إلى حقنها بها، وتحمل على عاتقها أحلام المصابين بالمرض وأسرهم وتحاول تسليط الضوء عليهم، فالمرض الذي سمع به الكثيرون مؤخرا، لا لأنه حديث الاكتشاف ولكن لأن دواءه هو الأغلى في العالم، والمبتكر حديثا، فأن يكون الطفل أصغر من عامين، مصاب بهذا المرض فله فرصة للحياة بحقنة «زولجينزما» التي يتجاوز ثمنها ال40 مليون جنيه.
«الوطن» تفتح ملف ضمور العضلات الشوكي وضمور العضلات «دوشين» للأطفال، وكيف يؤثر المرض على الصغار من هم دون العامين ومن تجاوزوا العامين، وكذلك تعامل الأسر مع أطفالها من الفئتين والأدوية المتاحة لهم والصعوبات التي تواجههم، وتقديم الدعم الطبي والنفسي لهم.
كما تواصلت مع الشركة المصنعة للعلاج الجيني لمعرفة سبب ارتفاع ثمنه، وترصد جهود الدولة للمساعدة في علاج هذا المرض، وكذلك دعم الفنانين للمصابين وحث غيرهم على الدعم.
«رقية» تفتح باب الأمل أمام المرضى دون العامين: جدعنة المصريين أنقذتهم
«تداعب بأناملها الصغيرة أصابع أمها وتبتسم ابتسامة ملؤها الحنان لأبيها، بشعر مسترسل ونظرة حالمة آملة تنظر إليك فتأسرك، تمد يدها إليك فتكسر أي حاجز نفسي بين قلبك والعالم. تفتح أحضانها مستقبلة جدها حافظ القرآن الكريم وإمام المسجد الكبير بأحد أحياء الإسكندرية. أسماها أبواها "رقية" تيمنا باسم ابنة النبي الكريم، ورأيا فيها الحلم والنور».. بهذه الكلمات بدأنا رحلتنا في «الوطن» مع رقية محمد رضا سليمان، مريضة ضمور العضلات الشوكي، كأول جريدة تنشر عن حلمها وحقها في الحياة، سرنا خلفها في كل خطواتها منذ اليوم الأول قبل فتح حساب التبرع لها وبعده؛ وصولا لجمع المبلغ الكامل لحقنة «زولجينزما»، رأينا في رقية حلم كل إنسان وفي أبويها ألم كل منتظر للفرج.
مدت «رقية» يدها لنا قبل أن نمد يدنا إليها، لتعيد إيماننا بمهنتنا، ولتشعل لهيب الأمل بداخل كل من مرت عليه قصتها، في مصر وخارجها. ولدت رقية طبيعية لأبوين طبيعيين، استقبلتها أسرتها استقبال الأميرات وزين جدها الستيني رأسها بتاج من ورود الياسمين وزينت روحه بالمحبة الصافية كأول حفيدة بين أحفاد ذكور، لتضيف للبيت بهجة غير معهودة.
لم يظهر على الصغيرة شيء في ال6 أشهر الأولى من عمرها، إلا أنه مع الشهر السابع بدأت الأسرة تلاحظ عليها تأخر الحركة، «رحنا للدكاترة أما الحركة اتأخرت، وبعد فترة من العلاج الطبيعي وعدم التحسن، عملنا فحوصات كان آخرها رسم أعصاب وعضلات وتحليل cbk وتحليل جيني، وكان التشخيص بضمور عضلات شوكي»، حسبما قال محمد رضا سليمان والد «رقية» ل«الوطن».
نزل تشخيص الأطباء على مسامع أبويها كما تنزل الصاعقة، فقدت أمها صوابها وطلبت من الطبيب ألف مرة ومرة أن يعيد الفحص والنظر في الأوراق من جديد، أخفت دموعها الغزيرة عينيها المرهقتين من طول السفر، لكنها لم تجد حينها إلا يد زوجها المنهكة مواسية لما هي فيه، «نفسي بنتي تمشي على رجليها، نفسي تلعب زي اللي في سنها»، هكذا عبرت نورهان عبدالحميد والدة «رقية» عن حلمها لنا، كأم كانت تحاول جاهدة أن تجلس ابنتها كما يجلس من في مثل سنها دون فائدة، نصفها السفلي بارد وغير مستجيب لأي حركة، فيزداد همها هما وتنتظر لعل الفرج يأتي.
والد «رقية»: «نفسي بنتي تاخد فرصة إنها تعيش حياة طبيعية»
استغاثت الأسرة لمساعدتها في مصابها، لعلها ترفع عن ابنتها هذا البلاء، «أنا كأب نفسي بنتي تاخد فرصة إنها تعيش حياة طبيعية، مش إنها تواجه مراحل خطرة جدا من المرض، يكون المرض أثر على عضلة القلب، وتكون مش عارفة حتى تتنفس، وتكون على كرسي متحرك».
سعى الأب جاهدا لفتح حسابات للتبرعات في البنوك المصرية للوصول إلى ثمن الحقنة لعله يحقق مراده من علاج ابنته، قبل أن تتم العامين، فكل تقدم في علاجها مرهون ب50 يوما بين فتح الحساب وإتمام العامين، وحصل على الموافقة من وزارة التضامن الاجتماعي الجهة الوحيدة المخول لها هذا النوع من التصاريح. لتبدأ رحلة جديدة من الأمل المخلوط بالخوف، كنا فيها مع الأسرة يدا بيد وخطوة بخطوة حتى بدأت أرقام الحسابات تقفز قفزات فوق تخيلنا.
بعد ثلاثة أيام فقط من نشر الحسابات قفزت 1.5 مليون جنيه، ليبدأ فصل جديد كان أبطاله جيران الطفلة في بيتها بالإسكندرية وجيران جدها بمسقط رأسه بالبحيرة، الذين جابوا الشوارع يحملون أوراقا دونت عليها أرقام الحسابات وعلقوا لافتات بالشوارع والمحال تدعو الناس للتبرع، «يمكن أجمل حاجة شفتها أما ناس بعتتلي صور لأطفال بتتبرع بمصروفها، وعمال في شركات بيجمع منهم موظف تبرعات وبيتحرك على البنك للتبرع بيها، كنت طاير من الفرحة» هكذا وصف والد «رقية» ملحمة المصريين وحبهم ل«رقية».
لتبلغ تظاهرة المحبة ذروتها بعد 25 يوما فقط من فتح الحسابات، وتحقق «رقية» ما ظنه الجميع مستحيلا وتصل إلى مبلغ 40 مليون جنيه ثمن الحقنة، بل وتتجاوزه لتصل إلى 43 مليون جنيه في تلاحم مصري عربي كأفضل ما يكون، ولتتحول الشوارع المحيطة ببيت أسرتها في الإسكندرية إلى كرنفال احتفالي أذهل كل من شاهده.
بعد إكمال المبلغ بأيام خضعت الطفلة إلى فحوصات بمركز البحوث التابع لمستشفى عين شمس التخصصي، وسحبت منها عينة لإرسالها إلى مركز أبحاث في هولندا لتحليلها، ولتجهيز حقنة العلاج الخاصة بها، لإنقاذها من تبعات مرض ضمور العضلات قبل أن تتم العامين من عمرها.
سليمان: التبرعات أنقذت ابنتي واستطعنا الحصول على الحقنة في موعدها
وبعد سحب العينة بعدة أيام حصلت الطفلة على الحقنة حسبما أوضح رمضان عبداللطيف، عم «رقية» ل«الوطن»، إذ تخضع في الوقت الحالي إلى الملاحظة بالعناية المركزة، ليضيف والدها فرحا: «التبرعات أنقذت بنتي، وقدرنا ناخد الحقنة في ميعادها».
«علياء وفريدة» وحلم الحياة
تختلف المآسي من شخص لآخر ويظل الأمل حاضرا وإن قل أحيانا، لكن أشد ما يرهق الإنسان أن يخير بين روحين هما في الأساس روحه. أن تستيقظ يوما فيخبرك الأطباء أن طفلتيك التوأم مصابتان بضمور العضلات الشوكي وأمامهما أيام ويتما عامين؛ ولابد أن تجد حلا وتحصل على 80 مليون جنيه هي قيمة حقنتي «زولجينزما».
أن تتبخر الأحلام فجأة وتعلق من قدميك على قمة جبل، هذا هو حال محمد حسين، وزوجته بعدما علما أن ابنتيهما «علياء وفريدة» مصابتان بضمور العضلات الشوكي، «كنا في حالة ذهول، الاتنين عندهم ضمور، ويعني إيه ضمور أصلا، الألم كان ملوش حدود»، حسبما أوضح والد الطفلتين ل«الوطن».
بعد 7 سنوات من الزواج كلل انتظارهما بطفلتين رأيا فيهما النور الجديد، إلا أن بلغتا شهرهما السابع وأدرك الأبوان أن هناك خطب ما في الطفلتين فلا استجابة للجلوس كما أن الحركة محدودة، «مبعرفش آخدهم لأي مكان، ولو فيه أطفال بتكون المشكلة أكبر لأنهم بيكونوا عاوزين يلعبوا ويجروا معاهم، بس لما بيقفوا بيقعوا على الأرض»، هكذا وصف الأب حال طفلتيه لنا.
تعاني الطفلتان من ضعف في المناعة يلازم كل مرضى ضمور العضلات ويؤثر بشكل قوي للغاية على جهازهم التنفسي، كما أن الأبوين يفرضان حظرا على البيت في فصل الشتاء ويمنعانهما من الاحتكاك المباشر بالغرباء خوفا من نقل الأمراض أو الإصابة بأي عدوى قد تؤثر على الجهاز التنفسي، كما أن جلسات التنفس ترافق الطفلتين بسبب ضعف الجهاز التنفسي.
والد «علياء وفريدة»: ماكناش متخيلين نجمع 80 مليون جنيه
رأى الأب ألا بديل عن فتح حسابات للتبرع لطفلتيه لعله ينجح في جمع مبلغ الحقنتين، ومحملة بالهم قالت الأم ل«الوطن»: «خايفة ييجي يوم وأتخير بين البنتين، لو مكملناش المبلغ قبل ميتموا السنتين هيبقى مطلوب مني أختار واحدة فيهم تاخد الحقنة»، لكن القدر حمل للأسرة كلمة أخرى، وفي ملحمة جديدة كملحمة «رقية» نجحت الأسرة في جمع 80 مليون جنيه ثمن حقنتي التوأم، وتنتظران في الوقت الحالي إجراءات سحب العينتين لتحليلهما. ويقول والدهما بسعادة غامرة «ماكناش متخيلين نجمع 80 مليون جنيه».
ضمور العضلات بين «الشوكي» و«دوشين».. ومعاناة من تجاوزوا العامين
أشد ما يرهق أي أب وأم، أن ترى ابنها أو ابنتها يعانون الألم ولا حل أمامهم ولا علاج، أن يخبرك الأطباء أن قطعة منك قد تجاوزت الفترة التي من الممكن من خلالها أن تشفى بشكل كامل وهي العامين، فتكون أشد حرصا على القتال من أجل اللحاق بما يمكن اللحاق به لإيقاف التدهور السريع لطفلك أو طفلتك.
«أيسل».. ومعاناة طيلة 7 سنوات
أن تولد ابنتك بحالة صحية سليمة وتتجاوز مراحل الحبو ومقدمات المشي ثم تبدأ خطوات الانهيار وعمرها عام ونصف، فهذا لم تحسب له سالي سمير والدة «أيسل» مريضة ضمور العضلات الشوكي والتي تبلغ 9 سنوات أي حساب.
«ضمور العضلات الشوكي مرض خطير لأن كل يوم بيدمر في الجسم خلية عصبية وأما دا يحصل تضمر العضلة اللي حواليها»، ترى سالي سمير حسبما أوضحت ل«الوطن» أن خطورة المرض في انتشاره البطيء فعلى عكس الأطفال المصابين بالمرض وعمرهم لم يتجاوز العامين، فإن الوضع يزداد سوءا كلما كبر الطفل دون علاج، وصولا إلى مرحلة التشوه في العضلات وصعوبة الحركة، «المرض لو وصل للقلب والرئة الحالة بتتوفى».
لا يصل المريض إلى الوفاة بسهولة لكن ذلك يحدث بعد تدمير للجسم بالكامل وتغيير في شكل الأعضاء داخليا وخارجيا، وهو ما تحاول كل أسرة منيت بهذا المرض اللعين ألا تصل إليه.
تقول والدة «أيسل» إن ابنتها مريضة ضمور من المرحلة الثالثة، وهي المرحلة التي يصل فيها الطفل إلى المشي ثم يبدأ في التراجع مرة أخرى، «أما ظهر عليها التراجع روحنا لدكتور عشان ناخد كورس علاج وفيتامينات، وحولنا لدكتور عظام تحسبا إن فيه خلع في الحوض وطلع مفيش حاجة، وقال روحوا مخ وأعصاب وعملنا رسم عصب وطلعت نتيجته إنه ضمور عضلات شوكي».
والدة «أيسل»: الأطباء أخبرونا أن الموت نهاية ابنتي ولا علاج لمرضها
لم يكن الطبيب رحيما بأسرة «أيسل» فصارحهم بالمرض دون أي مواربة أو محاولة منهم لتخفيف حدة كلماته، «الدكتور قالنا المرض ملوش علاج وكلها كام سنة وبنتكم تموت، انهرت ومكنتش قادرة أقف على رجلي».
تهدأ والدة أيسل بعد تسارع أنفاسها ودقات قلبها، «أنا عارفة إن اللي قاله صح، بس يا ريته كان خدنا واحدة واحدة مش على فجأة وصدمنا الصدمة دي». لتبدأ الأسرة رحلة العلاج الطبيعي والمائي وفيتامينات وبروتينات، والذي ترغب من خلاله في إيقاف التدهور أو تأخيره، «العلاج الطبيعي بيساعد في إطالة عمر العضلة لكنه لا يعالجها أو يمنع عنها المرض».
كلما كبرت الصغيرة كلما تدهورت حالتها، فالجين الاحتياطي على حد وصف والدتها هو المحرك لها الآن لأنها لا تمتلك جينا أساسيا، كما أن هذا الجين لا يمكنه الاستمرار في عمله كلما كبر الطفل.
مرت الأسرة بأسوأ مراحل مرضها عندما احتاجت الطفلة إلى عملية «فتاق أربي» لضعف عضلات البطن، «اتحطينا في موقف صعب جدا لأن مرضى الضمور لا يخدروا أصلا، التخدير الكلي مينفعش لكن استنشاقي أو موضعي ممكن، ولو العملية ماتعملتش كانت هتبقى معرضة لانفجار المبيضين».
ظلت الأسرة على العلاج الطبيعي والمائي حتى 2016 حتى ظهر أول علاج لمرضى ضمور العضلات الشوكي في العالم، وهي حقنة «اسبنرازا» ويتم حقنها في النخاع الشوكي، ويحصل المريض في السنة على 6 حقن ب750 ألف دولار، ولم تستطع الأسرة في ذلك الوقت شراء الحقنة، وفي العام الثاني تحصل على 3 حقن، وفي العام الثالث تحصل على حقنة كل عام مدى الحياة.
«الأسعار تخض وبالملايين، وفضلنا كدا نحاول لحد 2019 أما نزلت زولجينيزما، بس كانت للي تحت سن السنتين ومفيش ليها أكبر من كدا، ونزل دوا شرب بتاخده أيسل، سعر العبوة 130 ألف جنيه»، وهو دواء شهري، تحصل عليه الطفلة من خلال برنامج «دعم المريض» الذي تشرف عليه الحكومة وتمنح فيه للحالة المرضية مليون ونصف جنيه سنويا.
«نفسي أرجع اللي فات من عمر بنتي، نفسي تقف على رجليها، نفسي تدخل الحمام لوحدها، معندهاش قدرة إنها لو وقعت تقوم، ومعندهاش قدرة تمسك القلم أو المعلقة لوحدها، بعد فترة ممكن تقعد على كرسي متحرك، وتفقد كل وظايفها الحركية وفي الشتاء الجهاز التنفسي بيبقى ضعيف جدا، وبنجري على المستشفيات»، عانت الأسرة خلال فترة كورونا لضعف مناعة الصغيرة وخوفهم الشديد من احتكاكها بأي شخص.
دخلت أيسل مرحلة جديدة من الألم بتشوه العظام، «الموضوع صعب ودخلت في مرحلة تشوه العظم فلازم يتعدل، ولازم أحافظ على شكل الجسم لكن هي مش قادرة، ومش مساعداني»، لكن يظل الأمل رغم الألم حاضرا.
عبدالله وضمور العضلات «دوشين»
لم تكن إلهام والدة عبدالله، أحسن حالا من والدة أيسل، لكن صوتها المهتز والمملوء بالألم يصف لك الكثير عن معاناتها مع ابنها طوال 4 سنوات، عرفت بمرض ابنها عام 2019 بعد وفاة زوجها بعامين، فزاد همها هما وحملت حِملها وحدها، «الدكتور شك إنه عنده ضمور عضلات، وطلب إننا نعمل تحاليل مكثفة وفعلا التحاليل أظهرت إنه مريض ضمور عضلات دوشين، عملنا تحاليل لقينا النسبة 16 ألف واللي كانت المفروض تكون من 32 ألف ل200 ألف دا المعدل الطبيعي بتاعها».
اتبعت أسرة عبدالله الإجراءات وجرى سحب عينة من الطفل وسفرها إلى ألمانيا، وساعدهم في ذلك الطبيب المعالج له، «عرفنا إن الطفرة اللي عنده ليها علاج غالي برا، وكانت دوامه مكنتش أتخيل إن حد يدخلها».
تقول والدة عبدالله ل«الوطن»، إنه من حسن حظ ابنها أن الفصيلة أو الطفرة التي هو مصاب بها لها علاج، على هكس طفرات أخرى.
يحتاج عبدالله إلى علاج سنوي يتكلف 3 ملايين و600 ألف جنيه، استطاعت والدته أن تجمع له بعد فتح حساب التبرعات مليون و600 ألف، وتنتظر المساعدة في جمع باقي المبلغ، «نحتاج الدعم قبل مرحلة الخطر، عبدالله عنده 7 سنوات ومرحلة الخطر من 8 إلى 10 سنوات، وعند سن 20 سنة يكون مصير الطفل الموت إن لم يحصل على العلاج».
والدة «عبدالله»: «الدوشين أخطر من السرطان.. ومافيش في إيدي حاجة»
تضيف والدة عبدالله بألم، «أنا شايفة ابني تعبان قدام عنيا، وفي نفس الوقت مفيش في إيدي حاجة أعملها، الدوشين أخطر من السرطان بيأثر على كل حاجة لحد عضلة القلب ولو قعد على كرسي متحرك العلاج مش هينفع معاه، لأن العلاج مش بينهي لكن بيأخر مرحلة التدهور، وبيعيش بعده حياة طبيعية إلى حد ما».
تتمنى إلهام أن تجد العون والمساعدة فأي مبلغ سيساعدها على تجاوز أزمتها، «قلبي محروق ونفسي ابني يخف، ربنا ميكتب على أي أم حرقة القلب».
تربي الأم المتألمة على طفلها 3 أطفال جميعهم في مراحل تعليمية مختلفة، وترهقها احتياجاتهم بجانب مرض ابنها، «عيالي حافظين القرآن، ومن بعد أبوهم ممات وأنا معاهم لوحدي».
الدولة وضمور العضلات الشوكي.. مبادرات واتفاقيات ودعم أدوية
لم تغفل الدولة عن معاناة أبنائها، فأعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي في 30 يونيو 2021 تكفل الدولة بعلاج مرضى الضمور العضلي لحديثي الولادة، من هم دون ال6 أشهر، وأوضح خلال تفقد أحد المناسبات، أن أزمة ضمور العضلات مشكلة إنسانية وهي محل اهتمام الدولة المصرية، بسبب معاناة الأسر، لذلك تحركت الدولة واتفقت مع عدد من الشركات العالمية المتخصصة في علاج هذا المرض.
وذكر حينها أن الدولة ستبدأ بالحالات العمرية من 6 أشهر حتى 12 شهرا بسبب الاستجابة السريعة لجسم الطفل في هذه المرحلة العمرية المبكرة، كما طالب الرئيس مؤسسات المجتمع المدني بالمشاركة في هذا المشروع من خلال صندوق «تحيا مصر»، «العلاج مكلف جدا وتقريبا كل طفل بيتكلف 3 ملايين دولار، وإذا تم علاج 10 أطفال فإن التكلفة ستكون 450 مليون جنيه».
وفور إعلان الرئيس عن المباردة أعلنت وزارة الصحة استقبال 838 حالة بالعيادات التي خصصت لاستقبال مصابي الضمور العضلي الشوكي من الأطفال، على مستوى الجمهورية، كما جرى تشخيص 81 حالة مصابة بالضمور العضلي من بينهم بعد إجراء الفحوصات الإكلينيكية، وتحويل 14 حالة من بينهم بعد اكتمال الملف الطبي الخاص بهم؛ إلى اللجنة العليا، وتخصيص 3 مراكز لتقديم العلاج لمصابي الضمور العضلي:
- مركز بمستشفى معهد ناصر
- مركز بمستشفى الجلاء التابعة للقوات المسلحة
- مركز مستشفى عين شمس الجامعي
وكذلك تخصيص 24 عيادة لتشخيص الحالات، وتخصيص الخط الساخن 106 لتلقي استفسارات المواطنين حول المبادرة وطرق العلاج.
ونشرت الجريدة الرسمية في عددها رقم 243 الصادر عام 2021 قرار وزارة الصحة الخاص بإدارج عقار «سبينرازا» المستخدم في علاج مرضى ضمور العضلات الشوكي، من الأدوية المدعمة وغير المخصص للبيع في الصيدليات وغير خاضع لضريبة الدمغة الطبية.
شركة «نوفارتس العالمية» المصنعة لأغلى حقنة في العالم: فاعليتها مضمونة وسعرها مناسب
تواصلت «الوطن» مع شركة «نوفارتس العالمية» للأدوية، المصنعة للعلاج الجيني لمرض ضمور العضلات الشوكي، وطرحت عليها بعض الأسئلة كان أهمها خاص بارتفاع ثمن الحقنة، وأوضحت الشركة أن الدواء عبارة عن علاج جيني مبتكر لديه القدرة على إنقاذ حياة الأطفال المصابين بضمور العضلات الشوكي «SMA»، مشيرة إلى أن هذا المرض جيني مدمر للخلايا العصبية، ويتطور بسرعة كبيرة لدى الأطفال المصابين به، وجرى تصميم هذا العلاج من أجل توفير فوائد علاجية على مدار عمر المريض بعد حصوله على جرعة واحدة فقط منه على مدار حياته.
وأكدت الشركة أن العقار يُسعَر على مستوى العالم دائمًا طبقًا للقيم والمزايا العلاجية التي يمنحها للمريض ومقدمي خدمات الرعاية الصحية بوجه عام، وعلى الرغم من ذلك فإنّ التسعير النهائي للعلاج وقرارات توفيره للأطفال المصابين بضمور العضلات الشوكي يتم اتخاذها على المستوى المحلي من خلال السلطات والجهات الصحية المختصة.
وذكرت أن الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال تسعر العقار بنسبة أقل 50% من معايير التسعير المقررة والمطبقة هناك، والتي تتضمن الأخذ في الاعتبار إجمالي تكاليف العلاج القياسية الحالية لحالات ضمور العضلات الشوكي المزمنة على مدار 10 سنوات.
الشركة: سعر الدواء عادل بالنظر للمزايا العلاجية
وعددت الشركة المميزات العلاجية الملموسة للعلاج الجيني ومساعدة نظم الرعاية الصحية المعالجة لضمور العضلات الشوكي، مشيرة إلى أن العديد من التحليلات المكثفة لكفاءة هذا العقار على مستوى التكاليف، ومن بينها البحث الذي أجراه معهد المراجعة السريرية والاقتصادية The Institute for Clinical and Economic Review (ICER)، وهو عبارة عن مجموعة بحثية مستقلة ومحايدة، أوضح تقرير المجموعة والذي تضمنته حيثيات موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية على هذا العقار بالولايات المتحدة الأمريكية إلى أنّ «سعر الدواء عادلٌ بالنظر للمزايا العلاجية التي يقدمها للأطفال المصابين بضمور العضلات الشوكي وأسرهم».
وأوضحت الشركة أنّ العلاجات الجينية لديها قدرة كبيرة على خفض الأعباء المالية التي يتكبدها المريض وأسرته ونظم الرعاية الصحية بشكل عام. ويتم ذلك من خلال استبدال العلاجات التي تعطى للمريض بصورة متكررة على مدار حياته، بجرعة علاجية وحيدة فقط تتميز بمزاياها العلاجية المثبتة علميًا وعمليًا، مشيرة إلى أنّ النظام العلاجي الحالي لمريض ضمور العضلات الشوكي، والذي لا يتضمن العلاج الجيني، هو عبارة عن جرعات علاجية مدى الحياة.
وتابعت أن الإصابة بضمور العضلات الشوكي تؤدي لحدوث ضعف تدريجي ومتواصل للعضلات، وصولا لإصابة الطفل بالشلل. وإذا تُرك المرض دون علاج، فإنه يؤدي في أكثر أشكاله حدة إلى عدم قدرة الأطفال على التنفس بشكل طبيعي، إلا عن طريق أجهزة مساعدة، أو قد يؤدي لوفاة معظم الأطفال عند بلوغهم الثانية من عمرهم.
واستطردت أنه توجد أربعة أنواع أساسية لمرض ضمور العضلات الشوكي. وتختلف حدة المرض في كل نوع حسب عدد نسخ جين SMN2، «الجين الاحتياطي» الذي ينتج نسبة صغيرة «نحو 10%» من بروتين SMN الفعال، مقارنة بجين SMN1، فالنوع الأول يكون لدى مرضى ضمور العضلات الشوكي من 1 إلى 2 نسخة من جين SMN2 أي نحو 60% من جميع حالات ضمور العضلات الشوكي تنتمي لهذا النوع الأول من المرض، موضحة أن بداية الأعراض وتشخيص الحالات يتم عادة خلال الشهور الستة الأولى من عمر الطفل.
والنوع الثاني يكون لدى مرضى ضمور العضلات الشوكي من 2 إلى 3 نسخ من جين SMN2، وبداية الأعراض وتشخيص الحالات يتم عادة خلال 6 إلى 18 شهرا من عمر الطفل، كما تم اعتماد العلاج الجيني لعلاج الأطفال المصابين بضمور العضلات الشوكي في الفئة العمرية أقل من عامين، بما في ذلك الحالات التي لم تظهر عليها الأعراض عند التشخيص.
وأوضحت الشركة أن تصميم العلاج الجيني جاء لمعالجة الجذور والأسباب الجينية لضمور العضلات الشوكي، عن طريق استبدال جين SMN1 التالف أو المفقود، بهدف إيقاف تطور المرض من خلال حقنة واحدة تُعطى للمريض مرة واحدة على مدار حياته.
العلاج يوقف تطور المرض والمحافظة على وظائف العضلات الباقية
وعن إمكانية الحقنة في القضاء على ضمور العضلات بالكامل، والقضاء على أي أعراض تصيب الطفل، أكدت الشركة على أن العقار ينتج نسخة جديدة وفعالة من بروتين SMN، وهو بروتين ضروري للمحافظة على سلامة الخلايا العصبية الحركية في جميع أنحاء الجسم. «في المقابل، يتمكن العلاج الجيني من إيقاف تقدم مرض ضمور العضلات الشوكي والمحافظة على وظائف العضلات الباقية التي يحتاجها الطفل المصاب بالمرض لمواصلة حياته، وبالتالي كلما تم حقن المريض بالعلاج الجيني مبكرًا، كلما تمكن الطفل من المحافظة سريعًا على الوظائف العضلية لجسمه».
وتابع أن العلاج الجيني ليس علاجًا بالمعنى التقليدي، وبالتالي لا يمكنه القضاء نهائيًا على التلف العصبي الذي تسبب فيه ضمور العضلات الشوكي قبل تلقي الطفل للعلاج.
طريقتان للكشف عن إصابة الجنين بالضمور قبل الولادة
وعن إمكانية الكشف عن ضمور العضلات الشوكي قبل الولادة، أكدت الشركة على إمكانية ذلك، «حاليًا يوجد اختباران قبل الولادة يمكنهما الكشف عن المرض. الاختبار الأول يسمى اختبار عينة خلايا المشيمة أو chorionic villus sampling (CVS)، ويمكن إجراؤه في الفترة من الأسبوع العاشر للأسبوع الرابع عشر من الحمل. ويتم استخدام الموجات فوق الصوتية لإزالة جزء صغير للغاية من نسيج المشيمة الذي يحتوي على زغابة صغيرة تسمى العينة المشيمية والتي تحتوي بدورها على الحمض النووي الوراثي للجنين. ويتم أخذ عينة الحمض النووي المستخلصة من مشيمة الأم لإجراء اختبار مرض ضمور العضلات الشوكي عليها، أما الاختبار الثاني فهو عبارة عن فحص السائل الأمنيوسي، وهو اختبار يمكن إجراؤه في الفترة من الأسبوع السادس عشر حتى الأسبوع العشرين من الحمل. ويتم في هذا الاختبار استخدام الموجات فوق الصوتية لإدخال إبرة صغيرة لبطن المرأة الحامل لاستخلاص كمية صغيرة للغاية من السائل الأمنيوسي التي تحتوي على الحمض النووي للجنين. ويتم أخذ هذه العينة لإجراء اختبار مرض ضمور العضلات الشوكي عليها».
الاختبارات الجينية قبل الزواج تكشف إمكانية إنجاب أطفال مصابة
وعن وجود أي اختبارات جينية يمكن إجراؤها للزوجين قبل الحمل للتأكد من أن أحدهما أو كلاهما يحمل الجين المتحور المؤدي للإصابة بضمور العضلات الشوكي، أوضحت أنّ الشخص الذي لديه تاريخ عائلي للإصابة بمرض ضمور العضلات الشوكي أو الشخص الذي لديه فرد من أفراد عائلته معروف أنه يحمل هذا الجين المتحور، يكون هناك احتمال أعلى لوجود هذا الجين المتحور لديه. ولكن مع ذلك فإنّ الشخص الذي ليس لديه تاريخ عائلي للإصابة بالمرض يمكن أيضًا أن يكون حاملًا لهذا الجين. «يشار إلى أن 1 من كل 50 شخصا يحمل الجين المتحور الذي يتسبب في ظهور حالات ضمور العضلات الشوكي».
وأوضحت أن اختبار الجين المتحور يتمثل في استخلاص عينة دم بسيطة من الشخص للتأكد من وجود الطفرة الجينية الأكثر شيوعًا والتي تكون مصاحبة لضمور العضلات الشوكي، وهو اختبار يتمكن من اكتشاف نحو 90% من حالات وجود الجين المتحور. «ظهور نتيجة سلبية لهذا الاختبار بما يشير لعدم وجود هذا الجين، تساعد بشكل كبير على إنجاب أطفال غير مصابين بهذا المرض. وإذا تم اكتشاف أنّ أحد الأبوين حاملًا لهذا الجين المتحور، يجب على الطرف الآخر إجراء الاختبار أيضًا. فإذا كان الأب والأم حاملين للجين المتحور، فإنّ هناك احتمال بنسبة 25% أن يصاب الطفل المولود بضمور العضلات الشوكي».
وتابعت أن هناك بالفعل بعض الطفرات الجينية التي لا يتضمنها اختبار الكشف عن الجين المتحور، وهي طفرات يمكنها الإشارة لاحتمالية أن يعاني الطفل المولود من ضمور العضلات الشوكي، حتى مع وجود والد واحد فقط «الأب أو الأم» يحمل الجين المتحور المسبب للمرض، ولذلك فمن الضروري ملاحظة أنّ اختبارات ضمور العضلات الشوكي قبل الولادة لا يمكنها منح درجة تأكد بنسبة 100% في هذا الشأن.
ضمور العضلات في أعين الأطباء
شيئان متلازمان دوما في حياة المريض، الحالة الصحية من جهة والنفسية من جهة أخرى، وإن كانت الحالة الصحية هي المحرك لكل شيء فالنفسية هي صمام الأمان لنجاح كل علاج ممكن، والذي يؤثر بالتبعية على الأسرة ككل.
يرى الدكتور أشرف فودة، استشاري المخ والأعصاب بقصر العيني، أن مرض ضمور العضلات من أخطر الأمراض، كما أن لكل طفل مصاب بالمرض حالة متفردة تختلف عن غيرها، وليس لكل الحالات كتالوج واحد، موضحا أن حقنة العلاج الجيني «زولجينيزما» والتي يبلغ ثمنها 2 مليون دولار، تساعد على عمل تعديل بسيط يساهم في إنتاج البروتين بجسد الطقل لتصحح الأوضاع.
«الحقنة هدفها في الأساس إنها تلحق الأعراض قبل حدوثها، وهي حقنة وقائية استباقية بعد تأكد التشخيص، وتعطى للطفل لمنع ظهور الضمور العضلي الشوكي أو العضلي العصبي، فإذا أخذها الطفل في التوقيت السليم لا تحدث المضاعفات المتمثلة في صعوبات الحركة والنمو والبلع والتنفس والتي تنتهي بالوفاة»، حسبما أوضح ل«الوطن».
أما إذا أخذ الطفل الحقنة متأخرا عن موعدها أي بعد إتمام العامين وبعد حدوث الأعراض، أي بعد حدوث ضمور عضلي وتأثر للخلايا الحركية في النخاع الشوكي العصبي وبدء ضمورها، ففي هذه الحالة يكون تأثير الحقنة محدودا، «لكل طفل مقومات خاصة وظروف مرضية خاصة، ويُقَيَم كل طفل على حده بفحص إكلينيكي دقيق».
فودة: الحقنة تحافظ على أجزاء الجسم من التدهور والضمور
ويوضح أنه إذا حصلت أعراض ضمور فعلي وتضررت العضلات والخلايا الحركية فمعنى ذلك أن العلاج لن يساعد في تحسن هذه الأمور، فالحقنة تؤخذ لمنع حدوث الضمور، «ولو فيه ضمور جزئي أو تأثر جزئي للنخاع الشوكي الحركي أو العضلات أو كلاهما، فيجب أيضا أخذ الحقنة لأن الحقنة تحافظ على باقي الأجزاء من التدهور والضمور، وحدوث المشكلات التي تنتهي بالوفاة».
ويشير إلى أن المتوقع في حالة إصابة الطفل بهذا المرض ألا تتجاوز فرصه في الحياة أكثر من عامين، «أغلب الحالات خلال سنتين بيتوفاها الله».
شدد فودة على ضرورة ملاحظة تأخر بعض العلامات المعتادة المعروفة بالتطورات الحركية والإدراكية عند الطفل على أن يكون التأخر ملحوظا، ولابد من استشارة طبيب المخ والأعصاب، وبالتبعية عمل الفحص اللازم وتقييم الحالة وصولا للعلاج المطلوب.
أخصائي علاج طبيعي: الحوض والكتفين الأكثر عرضة للانهيار
الدكتور محمود حمدي شلش، أخصائي العلاج الطبيعي، أوضح ل«الوطن»، أن مرض ضمور العضلات يسبب ضعفا عاما في عضلات الجسم، وصولا إلى عضلة القلب والرئة ثم الوصول في حالة عدم العلاج إلى الوفاة.
وأشار إلى أن العلاج الطبيعي يحافظ بقدر الإمكان على تركيبة العضلات؛ لأن العضلة تضعف أولا في المناطق الكبيرة بالجسد، كمنطقة الحوض والكتفين، فهما الأكثر عرضة للإصابة والانهيار السريع، ثم تتحرك الإصابة للعضلات الأصغر، موضحا أن دور المتخصص في العلاج الطبيعي يكون بالمحافظة على قدرة العضلة وعدم تدهور حالتها، متابعا أن المشكلة الأكبر التي تواجه المتابع للحالة هي ضرورة تطبيق بعض التمارين على الحالة دون الوصول إلى مرحلة الإجهاد «بنعمل التمارين مع الحالة ومينفعش تجهده، لأن الإجهاد بييجي بنتيجة عكسية، وبنبدأ معاه تمارين بطريقة بسيطة ولو الشخص الطبيعي هيعمل تمارين 10 عدات، بنعمل لمريض الضمور 5 عدات أو أقل».
وأكد على ضرورة الحفاظ على قوة العضلة وعدم وصولها إلى مرحلة الضعف بسرعة لأنها بالفعل تضعف مع الوقت، «بنحاول نطيل عمر العضلة، ونحافظ عليها وبنعلم الطفل يعمل التمارين سواء في البيت أو معانا في مراكز التأهيل دا لو كان واعي كفاية ولو مش واعي بنسند الدور دا لأسرته ومتابعته في المنزل، عشان يعرف يمارس حياته اليومية».
وأوضح أن العضلات مع الوقت تصبح غير مرنة، كما تتضرر الألياف العضلية وتصل إلى مرحلة الموت، ويتكون مكانها خلايا دهنية، ويزداد الشد بالعضلة والذي نحاول بالتمارين الوصول به إلى أكبر درجة ليونة لنطيل من عمر العضلة، بعمل إطالات وتمارين للإبقاء على ليونة العضلة، وكذلك للابتعاد عن وصول الضرر إلى الغضاريف التي تتصلب مع مرور الوقت وبالتبعية تتسبب في سقوط المريض أكثر من مرة وقد يسبب هذا السقوط كسورا وإصابات أخرى، تضر الحالة بشكل أكبر.
شلش: كسل المريض يسبب جفافا وتصلبا بالغضاريف والمفاصل
ويرى أخصائي العلاج الطبيعي، أن مريض الضمور وخصوصا من تجاوزوا للعامين كسولين للغاية، متابعا أن هذا الكسل يسبب جفافا وتصلبا في الغضاريف والمفاصل، «لازم نفك التصلب دا ونساعده على تحريكه»، موضحا أنه يحاول بالتمارين الإبقاء على ممارساة الحياة العادية للمريض، ومساعدته بالمشي بالمشاية في بعض الأوقات أو بتركيب أجهزة تساعده على الحركة، خوقا من الوصول إلى مرحلة الجلوس على كرسي متحرك.
وأكد على أن التمارين لا تكون بأوزان بأي شكل من الأشكال بل هي تمارين حرة دون إجهاد، «لو المريض مش قادر بنساعد معاه والمهم إنه يفضل محافظ على الحركة دون إجهاد لأن الإجهاد بييجي بنتيجة عكسية».
الدعم النفسي الضروري للأسرة والطفل
يرى الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن مرض ضمور العضلات مرض نادر ومتطور باستمرار، ولا وجود لأدوية تصل بنسبة الشفاء إلى 100%، لكن الحالة النفسية للمريض حتى ولو كان طفلا هي الأساس في تقبل العلاج بشكل كبير، «كل أما تكون الحالة المعنوية عالية تكون نسبة التحسن أعلى، سواء بالأدوية أو بالعلاج الطبيعي أو المائي، لأن الحالة النفسية عليها العامل الأكبر في نجاح الدواء»، حسبما أوضح ل«الوطن».
ويضيف أن مرضى ضمور العضلات حتى الأطفال منهم مصابون دوما بالاكتئاب الذي يسبب ازدياد المرض عليهم، موضحا أن مشاكل التبول والمشي واللعب تؤثر بشكل كبير في الاستجابة العلاجية.
ويشدد «فرويز» على أن دعم الأسرة للأطفال وكذلك دعم الأسرة من المحيطين بها يسبب ارتفاعا كبيرا في روحهم المعنوية تصل بالأمر للنجاح المطلوب، ويعطي مردودا رائعا، «أما اللي بيعيطوا طول النهار والليل، ويقول هجيب شيخ وكل هذه الأمور تعقد الوضع أكثر».
يشير «فرويز» إلى أن أسوأ شيء قد تفعله الأسرة هو فقدان الأمل، «مفيش حاجة هتفيد غير استمرار الأدوية ورفع الروح المعنوية للأسرة، وطول مافيه تكافل من الناس اللي حواليهم ودعم كل ماروحهم ترتفع، والروح المعنوية للمريض ترتفع وبالتبعية تكون الاستجابة أفضل».
فنانون يدعمون مرضى الضمور.. «في الخير متجمعين»
لا يغيب الدور المجتمعي عن أهل الفن خصوصا إذا طلب منهم دعم المرضى، فيسعون بكل جهد إلى تلبية احتياجاتهم ومساعدتهم، وتذليل كل عقبة أمامهم، وقد جربنا ذلك في «الوطن» أكثر من مرة وعندما طلبنا من الفنانة وفاء عامر استضافتنا في بيتها مع الطفلة رقية وأسرتها وحث المصريين والأشقاء العرب على التبرع لها لم تبخل.
لقاءان في منزل وفاء عامر
هاتفنا الفنانة القدير وفاء عامر وطلبنا منها دعم رقية واستضافتنا في منزلها، وبعد استقبالنا بحفاوة وانتظار قدوم أسرة الطفلة، كنت شاهدا على روح الأم التي قفزت من عينيها فور رؤيتها للصغيرة على يد والدها، قبلت قدميها أولا ثم احتضنتها كما تحتضن الأم رضيعها.
طلبت في بث مباشر عبر منصات «الوطن» من الجميع دعمها، فقفز الحساب في حينه نحو 5 ملايين جنيه، وأرسلت لزملاء لها من مصر والخارج أرقام الحسابات وطلبت منهم التبرع، واستمرت على ذلك النهج في لقائنا الثاني بها والذي اكتمل فيه سعر الحقنة وبلغت 40 مليون جنيه، وبدموع وفرحة لا توصف احتضنت أم الطفلة، «أنا معاكي للآخر لحد متاخد الحقنة واللي تحتاجيه أنا موجودة».
«بشكر جريدة الوطن على دعم الحالات الحرجة وكل اللي محتاجين مساعدة ومستمرة معاكم في الدعم في أي وقت تحتاجوني فيه»، بهذه الكلمات عبرت القديرة وفاء عامر عن سعادتها بالمردود ونجاح حملة ضمور العضلات التي تبنتها «الوطن» والتي بدأت بمساعدة رقية ومستمرة في دعم ومساندة غيرها.
«هنيدي» و«العوضي» يشاركان في دعم «رقية» عبر مواقع التواصل
كما شارك كلا من الفنان أحمد العوضي والفنان محمد هنيدي في حملة دعم رقية، عبر صفحاتهم الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بصورة الطفلة الصغيرة، معلقين عليها: «القمر دي اسمها رقية.. رقية عندها مرض اسمه ضمور العضلات.. مرض خطير وملهوش علاج تقريبا.. إلا علاج واحد بس في العالم، يا ريت تتبرعولها».
كما دعمها عدد من كؤدي المهرجانات مثل حمو بيكا وعمر كمال وكذلك عدد من لاعبي الكرة ك عمرو السولية ومحمد مجدي أفشة، عبر صفحاتهم المختلفة.
نهال عنبر وتامر شلتوت يلبيان دعوة «الوطن» لدعم «علياء وفريدة»
ولبت الفنانة نهال عنبر والفنان والإعلامي تامر شلتوت، دعوة «الوطن» لدعم «علياء وفريدة» والمساعدة في حث المصريين على التبرع لهما، حيث تحتاجان إلى حقنتي «زولجينزما» تتكلف كل منها 40 مليون جنيه أي 80 مليون جنيه لكليهما، «أدعو كل المصريين إنهم يتبرعوا للطفلتين، عايزينهم يمشوا على رجليهم ويعيشوا حياة طبيعية ودا مش بعيد على ربنا ولا كرم المصريين»، حسبما قالت عنبر في بث مباشر عبر صفحة «الوطن» على «فيس بوك».
مؤسسسة أهلية تمنح فرصة حياة لأصحاب الأمراض النادرة
قالت غادة منيب، مالكة مؤسسة «فرصة حياة» أول مؤسسة مخصصة للأمراض النادرة، إن المؤسسة أشهرت إبريل الماضي، وكان أول عمل لها قبل إشهارها على حالة الطفل «رشيد»، والذي نشرت حالته على مواقع التواصل الاجتماعي وتبعه إنشاء مجموعة تحمل اسم «انقذوا رشيد»، وكان الهدف الرئيسي حث 150 ألف شخص على التبرع ب250 جنيها لكل فرد للوصول إلى ثمن الحقنة الخاصة بالضمور، «أي عائلة في العالم مش هتقدر تجمع مبلغ 40 مليون جنيه».
وأضافت «منيب» في تصريح خاص ل«الوطن» أن الطفل رشيد كان أول طفل يفتح له حساب تبرع في مصر، والذي جمع له المبلغ كاملا خلال 15 يوما فقط بمساندة وتكاتف مجتمعي كبير، و«من هنا بدأنا الاهتمام بمرضى الضمور، وتواصل الأهالي معايا وطلبوا تنظيم عملنا لمساعدة الأطفال الآخرين».
وأوضحت أن أعداد الأطفال المصابة بالمرض كبيرة وتحتاج إلى تنظيم، كما أن أي دولة في العالم تحتاج إلى التكاتف المجتمعي لمساعدة الحكومة في هذا الأمر، مشيرة إلى أن مرضى الضمور لهم 3 أدوية مختلفة، كلٌ حسب حالته ومرحلة مرضه، فحقنة زولجينزما لمن هم تحت العامين، ودوائين آخرين لأطفال فوق العامين، ومنهم من يستمر طوال عمره على الدواء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.