انشغل الإخوان منذ اللحظة الأولى لوصول مرسى إلى القصر بالإعلام والصحافة مصوّرين إياهم بأنهم شياطين يعيثون فى الأرض فساداً، ومن ثم فمن الواجب ردعهم بل ووأدهم بالتكبيل والملاحقات سواء اللفظية أو القضائية، ولو تصفحت جريدة حزب الحرية والعدالة لوجدت ذلك «مكتوباً عندهم» فالصحافة هى معاقل الأشرار المغرضين أصحاب الأجندات الراغبين فى عودة النظام القديم، وبالتعميم والتصريح تدور الدوائر الإخوانية فى الفضائيات وصحفهم الموالية الجديدة المسماة خطأ بالقومية. فهم لا يطيقون سماع الصوت الآخر لأنه صوت عالٍ مزعج يمنعهم من ترسيخ تحويل الدولة المصرية وتغيير مفاصلها الحاكمة لتصبح على هواهم طيّعة لينة إخوانية، ومن ثم فإن الدعاية المضادة والحديث الدائم عن التطهير الذى سيطال كل شىء مقصود به ترعيب مؤسسات صناعة الأخبار فى مصر لأنها وفق المفهوم الإخوانى مصدر الإزعاج والحزب المعارض القوى وسط ساحة سياسية دانت لهم بفعل تقصير الآخرين وغياب الفاعلية السياسية لقوى المجتمع. إنهم يريدونها عاهرة لليلة واحدة تفض بكارتها لتتحول إلى ساقطة تتكسب من بيع لحمها ولا تعيش حرة فتضطر إلى الأكل بثدييها، وتتجه إلى السمع والطاعة فقد أصبحت سهلة المنال، ومن ثم فهى جاهزة للأفعال الفاضحة، أفعال الاستخدام والطرمخة والتجاهل لأى من ممارسات السيطرة والهيمنة والتعريض بالوطن، لقد انكسرت عينها وفقدت عذريتها مرة ومن ثم فقد تتنازل مرات، وحتى لو أفاقت وأرادت أن تقول «لا» فإن الآوان قد فات والتاريخ كتب أنها «ساقطة فى بحر الخوف» كما سجل أنها «تعرت لتعيش». الإعلام والصحافة ستكون معركة الجماعة ومن ورائها مؤسسة الرئاسة، وتصريحات معاونى ومستشارى الرئيس المتلازمة مع إشارات قيادات الجماعة تؤشر إلى أنهم «على قلب رجل واحد»، فحتى الأزمة الأخيرة ألصقوها بالإعلام وقالوا إن استخدامه كلمة «إقالة» لوصف قرار الرئاسة بشأن النائب العام هو من صَنَع الأزمة، رغم أن حزب الرئيس استخدم نفس المعنى قبل الجميع بل ووصف القرار بأنه «إقصاء». الإعلام يصنع الأزمات، الإعلام غير مهنى، نحتاج جهازاً لتنظيم المسألة.. يكررون بغباء مثل الببغاوات هذه الكلمات لتتركز فى الأذهان ليتحمل الإعلام كل الخطايا بما فيها الجهل الواضح والغباء السياسى، وكأنهم «نيرون» الذى حرق روما ثم أشاع أن آخرين فعلوها فطاردهم الغوغاء وقتلوهم. المهنية لدى الجماعة أن تكون مثلما يفعل كتبة الصحف الموالية والكتاب المتحولون والمدجنون والخائفون و«اللابدين فى الدرة»، فإذا كنت غير ذلك فأنت من الفلول وأزلام المخلوع وشفيق، بمنطق «من ليس معنا فهو ضدنا»، والميليشيات الإلكترونية التى تعيش على الشتائم «الفيس بوكية» و«التويترية» وتتحصل على رواتبها من العرق أمام الشاشات والكفاح فى المنتديات، تتنظرك لتلتهم سمعتك بل وعِرضك أحياناً، فأنت شيطان خرج من الجنة بعد أن دفع الناس إلى تفاحة المعرفة، وهو ما لا ترضاه الجماعة، لأن الجهل هو مسوغها للمرور إلى بطون الزيت والسكر والأنابيب. أتعجب من أحد الكتبة والإعلاميين المتحولين الذى جاء من جنات مبارك إلى واحات الإخوان دون أن تمسه رياح تغيير، فقط حلق رأسه وتهدج صوته وتحول دون عملية تجميل، فلم يخسر قطعة من لحمه؛ فقط خلع قطعة قطعة، وارتمى فى الأحضان ودفع فاتورة الإخلاص وأقسم قسم الولاء، ونسى أن تاريخه أمامه وليس وراءه، و«هاتوا دفاتر الحزب الوطنى تنقرا». لن يقال الإعلام وفق عادتهم الرئاسية، لأن الكلمة لا تموت حتى لو باعها البعض، والشطط من الفاشيين دليل صحة على أن صوت «لا» يطرب دائماً. كلمة أخيرة: كتبت مقالاً امتدحت فيه تولى الغريانى رئاسة المجلس الأعلى للقضاء فقد تفاءلت خيراً بمقدمه وخابت الظنون، ثم ظهرت الحقائق فى «التأسيسية» وتأكدت مع الأزمة الأخيرة!!