الحضارة الفرعونية مليئة بالمفاجآت، حياة تُبهر المتعمقين فيها؛ كونها تزخر بالأسرار في كل المجالات الهندسية والسياسية والدينية والاقتصادية والاجتماعية والطبية، حضارة توصلت لابتكارات عرفها العلم بعدها بآلاف السنين. ومن بين تلك الأسرار التي عرفها المصريون القدماء قبل العلم بآلاف السنين، مجال الولادة بالماء. تجربة بدأت في أوروبا وأمريكا في القرن العشرين، ووصلت مصر حديثًا في بدايات عام 2013، حيث لا يوجد سوى طبيبة وحيدة تجري مثل هذه العمليات في مصر كلها، تدعى هناء أبوالقاسم من مدينة الإسكندرية. والولادة في أحواض الماء تتم عن طريق غمر جسم السيدة في الماء الدافئ خلال المخاض؛ ليساعدها على إرخاء العضلات، وبالتالي تخفيف الشعور بالألم، كما يساعد على تدفق الدم عبر الجسم وتخفيف النبض ما يساعد على الوصول لحالة الاسترخاء. وتتراوح درجة حرارة ماء الحوض ما بين 95- 100 فهرنهايت ولا تزيد عن ذلك؛ لأنها قد تسبب ارتفاعًا في ضغط دم لدى الأم، والذي يمكن أن يرفع معدل ضربات قلب الجنين، ويمكن للأم النزول في الحوض في أي وقت حتى مع بداية نزول مخاض الولادة فهذا يجعلها تسترخي ويساعدها على تسريع الولادة. طريقة عرفت حديثًا، حيث يعد مستشفى "بيتربرو" في "نيوهامبشير"، هو أول مستشفى في الولاياتالمتحدة يولد ببروتوكول الولادة في الماء وذلك في العام 1991، وبحلول عام 2005، أصبح هناك أكثر من 9 آلاف مستشفى في الولاياتالمتحدة. وهي نفس الطريقة المرسومة على أحد حوائط معبد "إدفو"، حيث كانت تجلس السيدة المصرية القديمة على إناء به ماء دافئ، وهي في وضع الجنين؛ استعدادًا للولادة. تاريخ طويل في عالم الطب، دفع الطبيب الفرنسي والمؤرخ، برونو هاليوا، لتأليف كتابًا يحمل اسم "الطب في زمن الفراعنة"، ليرصد فيه التطور الطبي عند الفراعنة، وما توصلوا إليه من العلم قبل سنوات طويلة. وقال "هيالوا" في كتابه: "كان هناك أطباء متخصصون في كل المجالات، العيون، والأسنان، والجراحة، وخبراء الطب الداخلي"، كما أن التقدم الذي أحرز في مجال التشريح سمح التأكد من المعلومات التي حصل عليها من الوثائق الخاصة ببعض الفراعنة الكبار.