مع قرب صدور قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، يترقب المصريون تحديد موعد انتخابات مجلس النواب، ليستكملوا الاستحقاق الثالث من خارطة المستقبل، فى ذات الوقت تنشغل الأحزاب والتيارات والقوى السياسية بموضوع التحالفات الانتخابية والقوائم التى يعدها د. الجنزورى وغيره، بينما تؤدى القوات المسلحة والشرطة الواجب الوطنى القوى بمكافحة الإرهاب والقضاء عليه. فى نفس الوقت نجد الحكومة وباقى مؤسسات الدولة تتجاهل مسئولياتها التاريخية عن استمرار الجماعة الإرهابية فى التصعيد الإرهابى ضد الوطن، وتتراخى جميعها فى اتخاذ قرارات وإجراءات حاسمة مطلوبة وعاجلة لتجفيف منابع الإرهاب وتنقية أجهزتها وتطهيرها من عناصر الإخوان وخلاياها النائمة التى تستعد للانقضاض على مجلس النواب المقبل، ونحن عنهم غافلون! إن الإخوان وحلفاءهم فى تحالف دعم الشرعية يمارسون التمويه على الشعب والنخب السياسية والدولة ذاتها، بإشاعة أنباء عن خلافات وانشقاقات وانسحابات من هذا التحالف، انتظاراً للحظة الوثوب على مجلس النواب الجديد كما سبق أن ركبت موجة الثورة فى 25 يناير وأخرجتها عن مسارها حتى تمكنت من السطو على السلطة فى البلاد وتوصيل محمد مرسى إلى منصب رئيس الجمهورية! والخشية أن يفلح الإرهابيون فى خداع الشعب مرة أخرى، والأمل ألا تتكرر جريمة «فيرمونت» ثانياً حين التف حول مرسى نفر من رموز التيار المدنى، حيث أعلنوا تأييدهم له ضد منافسه الفريق شفيق، ثم لما استولى على المنصب الرئاسى تناسى اتفاقه معهم ولم ينفذ ما تعهد لهم به! وقد تأتى انتخابات مجلس النواب وجماعة الإرهاب أكثر استعداداً وأوفر تمويلاً وأشد شوقاً إلى اختراق المجلس المنتظر بالدفع بخلاياهم النائمة إلى حلبة الانتخابات، وتلك الخلايا نائمة بمعنى أنها غير معروفة وغير واضحة صلاتها الوثيقة بالجماعة الإرهابية، ولكنها نشطة وتعمل فى الخفاء على تنفيذ تكليفات قيادات الجماعة والقيام بما يكلفون به من مهام، منها الترشح لانتخابات مجلس النواب دون الكشف عن هويتهم الإخوانية. وفى هذه الحالة قد يحققون أغلبية أو أكثرية تمكنهم من استعادة السيطرة على المشهد السياسى، وعندها يكشفون كلهم أو فريق محدد منهم عن انتمائهم للجماعة، مستفيدين من الصلاحيات الخطيرة الممنوحة لمجلس النواب التى جاء بها دستور ثورة 30 يونيو، ومن أخطر تلك الصلاحيات ما جاء بالمادة 131 التى تعطى الحق لمجلس النواب أن يقرر سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم، وما يترتب على ذلك من استقالة الحكومة أو عضو الوزارة الذى سحبت منه الثقة. وقد كان هذا النص موجوداً بالمادة رقم 126 من دستور 2012 وكان أداة مجلس الشعب الإخوانى لتهديد حكومة الجنزورى، ولكنه فى دستور 2014 سيكون أداة تهديد للنظام الديمقراطى فى حالة كلف الرئيس السيسى رئيساً للوزراء على غير هوى الأغلبية أو الأكثرية من خلايا الجماعة الإرهابية وهم يتخفون فى شكل نواب! ومن المخاطر المحتملة حال اختراق خلايا الجماعة النائمة لمجلس النواب بعدد من المقاعد لا يعطيهم أغلبية، ولكنهم قد يتمكنون من التأثير على باقى الأعضاء، فيحجبون الثقة عن الحكومة التى يشكلها من يكلفه رئيس الجمهورية. وإذا تمكنوا من التحالف مع حزب أو أحزاب أخرى بما يشكل ائتلافاً يملك أكثرية مقاعد المجلس، وجب على رئيس الجمهورية بمقتضى المادة 146 من الدستور تكليف رئيس للوزراء بترشيح من ذلك الائتلاف، أى سيضطر الرئيس إلى اللجوء لأعضاء الجماعة الإرهابية والمؤتلفين معها لتشكيل الحكومة وتلك الطامة الكبرى، إذ سيعود الإخوان إلى التحكم فى السلطة التنفيذية بقرار من الرئيس السيسى!! ورغم أن المادة 147 من الدستور تعطى رئيس الجمهورية حق إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أعضاء مجلس النواب، ففى تلك الحالة يصعب التكهن باحتمالات نجاح الرئيس فى إجراء تعديل وزارى فى حالة تكليف عنصر من خلاياهم النائمة بتشكيل الحكومة، إذ تشترط المادة ذاتها ضرورة التشاور مع رئيس الوزراء فى شأن التعديل وموافقة الأغلبية للحاضرين وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس!! وقد أضافت المادة رقم 159 أن يكون اتهام رئيس الجمهورية بانتهاك أحكام الدستور، فضلاً عن جواز اتهامه بالخيانة العظمى، أو أى جناية أخرى. وهذه الإضافة تسمح لثلثى أعضاء مجلس النواب إذا كانت الأغلبية أو الأكثرية فيه من الخلايا النائمة للجماعة الإرهابية وحلفائها، أن تلجأ إلى اتهام الرئيس السيسى بانتهاك الدستور على خلفية معارضتهم لما حدث فى 30 يونيو الذى ما زالوا يعتبرونه «انقلاباً عسكرياً»!! ويتضح الخطر الأكبر على مسيرة البلاد نحو الاستقرار والديمقراطية من المادة 161 من الدستور التى أجازت لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بناء على طلب مسبب وموقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، وموافقة ثلثى أعضائه! فإذا تمكنت الجماعة الإرهابية من حشد حوالى 385 عضواً بمجلس النواب من خلاياها النائمة وحلفائها والمتعاطفين معها، يصبح فى إمكانها تحقيق حلم العودة وإلغاء كل منجزات ثورة 30 يونيو، مع الأخذ فى الاعتبار أن المادة ذاتها تتطلب طرح سحب الثقة وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة فى استفتاء عام بدعوة من رئيس مجلس الوزراء، وحين الموافقة على الاستفتاء يعفى رئيس الجمهورية من منصبه وتجرى الانتخابات الرئاسية المبكرة خلال 60 يوماً من إعلان نتيجة الاستفتاء. هذا السيناريو الكارثى هو هدية لجنة الخمسين إلى شعب 30 يونيو، ولا شك أن الجماعة الإرهابية مشوقة إلى تحقيقه بينما حكومة الثورة فى سبات عميق! حمى الله مصر وأنقذها من كيد المتآمرين وللحديث بقية إن شاء الله!