استنكر الأزهر الشريف ما تناقلته وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة من تصريحاتِ أحد المُنتسِبين إليه، - في إشارة إلى الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه-، يَزعُم فيها: "أنَ المسلم هو مَن سالَم، وليس مَن نطق بالشهادتين، بل لو نطَق شهادة (لا إله إلا الله) فقط صار – في زَعمِه – مسلمًا، ناسبًا ذلك إلى بعض أهل العلم". وأضاف بيان الأزهر، اليوم، عقب جلسة مجمع البحوث الإسلامية، أن هذا الزعم يُنبِئ عن فكرٍ منحرفٍ فيه مخالفة جريئة للنصوص الصريحة من الكتاب والسنة، ففي القرآن الكريم آيات كثيرة تدل دلالة صريحة على أن الشهادتين وهما "شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله" هما ركنُ الإسلام الأوَل، الذي هو رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - وبدون الإقرار بهاتين الشهادتين معًا لا يكون الإنسان مسلمًا مؤمنًا بمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم - ورسالته. وتابع البيان، أن "الدليل على ذلك القرآن والسنة وإجماع المسلمين عن آخرهم، وقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في حديثه الصحيح الذي سأل فيه جبريل عليه السلام عن الإسلام بقوله: (يا محمد، أخبرني عن الإسلام، فقال: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا)، متفق عليه، وفي صحيح البخاري عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)، فالإقرار بالشهادتين والنطق بهما معًا هما الأصل الأول من أصول الإسلام، وبغيرهما لا يكون الشخص مسلمًا، ولا تجري عليه أحكام المسلمين". وأشار البيان إلى أن استشهادُ صاحبِ هذه التصريحات بكلام ابن حجر الهيتَميِ فهو استشهادٌ باطلٌ تمامَ البطلان، وفهم سقيم للنصوص، إذ الناظرُ في كتاب "الفتاوى الحديثية لابن حجر" يتبين له من أول وهلةٍ أن هذا القول افتراء على ابن حجر، حيث اقتَطَعَ من كلامِه ما يَخدِمُ فكرتَه الضالَّةَ، ونظرتَه الخاطئةَ، وتغافل عمدًا عن القول الفصل الذي اعتمده ابن حجر وقرَره وانتَصَر له، وهو ضرورة النُطق بالشهادتين معًا، وقد دلَل عليه - رحمه الله - بأدلةٍ استغرقت العديد من صفحات كتابه، والعجيب أن هذا القائل تمسَّك برأيٍ شاذٍّ تطرَّق إليه ابن حجر فيما لا يزيد عن أربع كلماتٍ ثم أبطله في تحليل علمي دقيق استغرق العديدَ من الصفحات التي تدلُّ على هذا البطلان. وحذِّر الأزهر المسلمين جميعًا في مشارق الأرض ومغاربِها من الانسِياقِ إلى مثل هذه الأفكار الضالَّة المُنحرِفة، والتي لا تصح نسبتُها إلى الثقات من أهل العلم ولا التعويل عليها، والأزهر إذ يَتبرأ من هذه الأفكار الشاذة فإنَّه يُشدد على عدم الانخداع بها، ويوصِي بعدم الالتفات إليها.