لن أوقف الحديث عن أهمية وضرورة احتواء الشباب المصرى الأصيل ودعمه، طالما أننا جميعاً نعمل لهدف بناء الدولة المصرية الحديثة، فالشباب المصرى هو ذخيرة هذه الأمة وسندها وقوتها الهائلة التى تستند إليها، نبض الحياة فى عروق الوطن، ونبراس الأمل المضىء، وهو الطامح لتحقيق مستقبل أفضل لهذه الدولة، ووفقاً للقول المشهور فإن الشباب فى أى مجتمع يمثل نصف الحاضر وكل المستقبل. إن استنهاض عزيمة الشباب ليس بالمعضلة الكبرى، حسبما نرى ونسمع من المهتمين بشئون الشباب كل يوم، والذين يصرون على استحالة استنهاض هؤلاء الشباب وأنهم عديمو الإصغاء للغير، زاعمين أن إصرار الشباب على آرائهم عيب يكمن فى سلوك هؤلاء الشباب يجب إصلاحه، حاكمين على تصرفات الشباب من خلال رؤيتهم القاصرة، دون حتى محاولة هؤلاء لتبديل المواقف والخبرات، وما لا يدركه هؤلاء الرافضون لمواقف الشباب أن الوضع على العكس من ذلك تماماً، فالشباب المصرى على درجة متميزة من الإدراك والتمييز، قادر على العطاء والتفانى فى العمل بكل جد وجهد، لا يقبل الحلول الوسطية أو أشباه النتائج حتى، راغب فى تحقيق النتائج فى أسرع وقت ممكن، وقد يتهور لفترة، فهذا هو معنى لفظ الشباب. قولاً واحداً، تكمن مشكلة عزوف الشباب وتفشى حالة عدم الرضا بينهم بسبب إصرار عدد ليس بالقليل من الموكل إليهم ملف دعم الشباب على التعامل معهم بذات الأساليب القديمة التى يفترضون فيها أنها كافية لاستنهاض الشباب مع التأكيد على عدم وجود حاجز معنوى بين الشباب والدولة، ومما لا شك فيه أن تلك السياسات لا تتمشى مع سرعة الشباب وتطورهم وقوة آرائهم ونضجهم الفكرى اليوم، وهو الأمر الذى يؤدى بالضرورة إلى عزوف الشباب وتحركه فى اتجاهات مخالفة تماماً. إننا لا سبيل لنا حال رغبتنا فى بناء الدولة المصرية الحديثة إلا بالاعتماد على شباب هذه الأمة وإتاحة الفرصة لهم للتجربة والخطأ والفشل وصولاً للصواب والنجاح، وعدم التشكيك فى وطنيتهم مع الوقوف ضد حملات التشهير الموجهة ضدهم حتى لو أخطأ البعض منهم. إن اعتزاز أى أمة بنفسها يستند إلى اعتزازها وإيمانها بشبابها، لقد كان أحد أهم أسباب نجاح ثورة 23 يوليو 1952 الاعتماد على الشباب ودعمهم، والاستعانة بهم فى الصفوف الأولى من إدارة الدولة المصرية آنذاك، وإشراكهم فى صنع القرار وتحمل مسئوليته للاستفادة من حماسهم فى العمل ورغبتهم فى بناء دولتهم فهم عماد المستقبل، واليوم ونحن فى ذات الظروف من جديد، لا سبيل لنا إلا الشباب فبناء الدولة المصرية الحديثة يحتاج لمواصلة العمل ليلاً ونهاراً، فهم وسيلة تحقيق التنمية وغايتها، وأداة التغيير لازدهار المجتمع وتطوره. ويجب على القائمين بملف احتواء الشباب الإدراك بأن للشباب طرقه الخاصة فى التفكير وفقاً للمرحلة العمرية، فالشباب لن يأخذ أوامر أو توجيهات، بل وضرورة الاعتماد على المناقشة البناءة القائمة على أسس متوازنة من الاحترام بين الطرفين وتقدير كل منهما للآخر، استناداً لمبادئ الشفافية والمصارحة والعدالة والاعتراف بالأخطاء حال توافره دون محاولة التنصل منهما بأسباب ومبررات واهية مفتقدة لأقل تقديرات إدارة المواقف. إن المغامرة التى تستند إلى الشباب دائماً تؤدى إلى تحقيق النتائج المرجوة منها فهم صناع التغيير وحاملو لواء المستقبل، لذا فإننى آمل يوماً أن أرى مجالس وإدارات ولجاناً تضم الشباب مع الشيوخ ليناقشوا بعضهم البعض فى إطار من الزمالة والاحترام ليستفيد كلا الطرفين من خبرات الطرف الآخر وتجاربه. إن الأوطان لا تبنى إلا بسواعد شبابها، فهم الشريحة الأكثر حيوية وتأثيراً.