إن جمهورية مصر العربية دولة فتية بشبابها، إلا أن الجميع يعلم علم اليقين ما يمر به عدد ليس بالقليل من الشباب المصرى الآن من حالة إحباط ويأس. فبنظرة إلى الشباب تستطيع أن تعرف مستقبل هذه الأمة، ومن ثم لا يجب علينا التظاهر بأن كل شىء على ما يرام. فمجرد الاعتراف بالمشكلة فى حد ذاته بداية جيدة تقودنا إلى الطريق السليم. الشباب المصرى كان المحرك الأساسى فى الحراك السياسى المصرى خلال السنوات الأخيرة، وأثبت أنه قادر على تحدى الصعاب، فهو الذى أذهل العالم على مدى الثلاثة أعوام الماضية وضحى بأرواحه من أجل تحقيق أهدافه من خلال ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وناضل من أجل حلمه بتحقيق ديمقراطية جديدة وعدالة اجتماعية وحياة خالية من الفقر والتمييز، وصولاً لبناء مصر أفضل قد عاودته الإصابة من جديد بحالة العزوف السياسى، والبعد عن المشاركة فى العملية السياسية، والاقتناع بعدم جدواها، فيما بدأ بعضهم فى اتخاذ منحى العنف وسيلة للتعبير عن الرأى فى ضوء الهجوم الشديد الذى تعرضوا له بسبب الوقوع فى بعض الأخطاء، ذلك على الرغم من أن أغلب تلك الانتقادات التى وجهت لهم لم تأخذ فى عين الاعتبار أن هؤلاء الشباب قد ظهروا فى عصر لم يكن به أى احتواء أو تأهيل لقدراتهم، بل إنها كانت المشاركة الأولى لهم واستطاعوا إسقاط نظامى حكم بالعزيمة والإصرار. إن احتواء واستنهاض همم الشباب من جديد ومد يد العون لهم وإدماجهم فى العملية السياسية، وتمكينهم من المشاركة فى صنع القرار وتحويلهم إلى مرحلة قيادة وتولى المسئولية فى جميع مؤسسات الدولة والعمل على تعزيز وحماية حقوق الشباب واحتضان الطاقات والكفاءات وتوفير الدعم اللازم لهم هو إحدى أهم المسئوليات الملقاة على عاتق الرئيس ومجلس النواب والحكومة المقبلين بالتعاون مع الأحزاب السياسية. بداية الطريق، تحقيق العدالة بمفهومها الواسع المتضمن العدالة الانتقالية واتخاذ الخطوات الملموسة على أرض الواقع للقضاء على الفساد، والشفافية والمصداقية والمصارحة وتغيير لغة المخاطبة والتواصل معهم، واحترام أساليب تفكير الشباب ومنحهم حق التعبير عن ذاتهم بحرية ومع التأكيد على احترام آرائهم وتقدير حماستهم الجامحة ورغبتهم الملحة لتحقيق الآمال والطموحات فى أقصر وقت ممكن بالتوازى مع التوعية بالقيم والأخلاق والمبادئ كأولى خطوات استعادة شباب الأمة. إن ثمة أملاً كبيراً معقوداً على شبابنا، فهم الأمل الذى يحيى نفوسنا، هم ذخيرة الوطن، واحتياطيها الاستراتيجى ومستقبلها الآمن، والثروة الحقيقية التى من خلالها تنجح الأمم، فشباب كل أمة هم عمادها، وهم معنيون بدورهم فى نهوض البلاد ومواجهة التحديات. إن الأمن القومى المصرى يبدأ وينتهى عند الشباب، فالوطن باق والأشخاص زائلون.