ظلت رائحة حلوى الهلام الزهرية تداعب مخيلتي وتستدعي نهمي كلما قطعت المسافة بيني وبين زجاج المحال ذات الأبواق الزاعقة لحواس الفقراء.. ذات مرة استجمعت شجاعتي؛ كي أهدر نفحة عمي في خضم احتفالية له، خطوت تجاه هدفي مباشرة وأشرت بإبهامي الذي لم يفارق الحلوى عبر الزجاج رأسًا، وحتى التف عليه فحررت بقية الأصابع العملة الورقية للبائع، ورحلت وهي بين قبضتي أتحسس ملمسها الغض، وأستنشق عطرها الشبيه بعطر زهرة الكاموميلا طويلُا.. حتى قررت قضمها واستساغة تلاشيها المسكر..!! (حلوى المارشملو).. أمنية سجلت بها هدفًا طفوليًا ماتزال أأكله بفمي.... طعمه لدن، عطر، بلون الفرح، أحببته.. حين قررت زميلة دراستي المرور بمنزلها رغبة منها في تغيير هندامها، حين وقعت عيناي عليه ببزة البحارة البيضاء ذات النجوم الذهبية... كسرت حاجز الزجاج البلوري بيني وبين الحلوى، تيمت به وقت داعبتني كفه الناعمة؛ توهمني السلام وتنفحني الأمل ببزوغ أمنية جديدة؛ أستميت قتالًا من أجل نيلها، لمعت عيناه وابتسمت، وآه من عيونٍ تتحدث، وتلقى السلام وتمازح. - أمنية هاهاهااا.. اسمك أمنية؟ - أيوه إيه المشكلة؟؟ - انتي أمنية لوحدك ! نعم هو الاسم لكنك أنت الحدث.. وأمست رفقتي للأخت من الأمور المألوفة، وكذا اصطحابها لي لمنزلهما.. إبهامي المشير صوبه، حتى تحين الوقت والتقفني فحررت له ما واريته عن عينيه وشغف به وتدله فيه! و أشعل حواسي التي قلما تشتعل، أركن للصمت غالبًا ولكنني .. لا أبتلى بالصمت كثيرًا، فص حضوره.. فأنا "ثرثارة"، لا بقصد اللغو واختراق زغب الثلج في أحاديثنا.. بل هو توق إلى صوته، خلجاته، بعض لحظه المارق نحوي في معية الدهشة، بعض ربته على روحي؛ حين يرمقني بصمت "أحبك"، تردى بي بين طيات الصمت تبجيلاً لعناقٍ.. أبلغ من أعتى صنوف الكلام وأقوى من جبال الصمت، أستنشق عطر الحلوى الزهرية في كنزته فيقضمني وينهل مني بنهم فأتلاشى وأذوب بين ثناياه، ما عاد يسخر من اسمي، منذ أخبرته بأنه أمنيتي، ولم أحزر إن كان الترحال أمنيته أم البحر، ولم يتسنى له الوقت فيما بعد لاختفائه حتى يخبرني ما هي، ترى أيهما كان؟؟.