قضي الأمر.. وزير العمل: لا يوجد فصل تعسفي بعد تطبيق القانون الجديد (فيديو)    خلال ساعات.. نتيجة تنسيق رياض الأطفال المرحلة الثانية في القاهرة 20262025 (رابط الاستعلام الرسمي)    بيان هام من جامعة الأزهر حول البرامج المميزة.. مؤشرات تنسيق 2025 علمي وأدبي بنين وبنات (رابط)    سعر الذهب اليوم الإثنين 15-9-2025 بعد الارتفاع القياسي.. عيار 21 الآن بالمصنعية    أسعار الفراخ اليوم الإثنين 15-9-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    مرتب شهري يصل ل5125 جنيه على 300 ألف جنيه.. أعلى شهادات بنك مصر الآن    عمرو أديب عن تعادل الأهلي مع إنبي: «المركز ال 15 حرام عليكم معندكمش رحمة» (فيديو)    «كان عايز يمشي ريبيرو.. ومشتغلش بما يرضي الله».. رضا عبدالعال يفتح النار على عماد النحاس    «لا تجديد ولا زيادة عقود».. تعليق قوي من سيد عبدالحفيظ بعد تعادل الأهلي مع إنبي    حمزة نمرة: أغنية «شمس وهوا» دمها خفيف وحققت نجاحًا كبيرًا    فلكيًا بعد 157 يومًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 في مصر    «زي النهارده».. توصل ألكسندر فلمنج لعقار البنسلين في 15 سبتمبر 1928    طريقة عصير الرمان.. الرحلة من اختيار الثمرة لمشروب منعش    حاكم ولاية يوتا يكشف عما لعب دورًا مباشرًا في اغتيال الناشط الأمريكي تشارلي كيرك    وزير الخارجية الألماني: روسيا تختبر الغرب ويجب زيادة الضغط    آمال ماهر: تشبيهي بأم كلثوم حمل ثقيل لكنه جميل    ترامب يتهم بعض دول الناتو بالتحايل في استيراد النفط الروسي    إعلام فلسطيني: 10 شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال منزلين بمدينة غزة    إسبانيا: يجب ألا تشارك إسرائيل في أي حدث رياضي أو ثقافي    بقبلة رومانسية.. سيلينا جوميز تشعل السجادة الحمراء في حفل إيمي ال 77    والتن جوجينز يتألق بقلادة خضراء فاخرة على سجادة حفل إيمي 2025    النجوم يتوافدون على السجادة الحمراء لحفل جوائز إيمي ال 77    الحوثيون: هاجمنا مطار رامون في إيلات وهدف عسكري في النقب بأربع طائرات مسيرة    خبير سياسي: القمة العربية الإسلامية رسالة بوحدة العرب في مواجهة عربدة إسرائيل    أسعار مواد البناء اليوم الإثنين 15 سبتمبر 2025    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15 سبتمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 15 سبتمبر    توقعات الأبراج اليوم الاثنين 15-9-2025.. حظك اليوم برج السرطان: أمامك فرص لتحسين وضعك المالي    استئناف محاكمة عنصر إخواني بتهمة التجمهر في عين شمس| اليوم    غلق 34 منشأة طبية خاصة وإنذر ل 42 آخرين وتحرير 5 محاضر بالبحيرة    المنيا تنظر أولى جلسات محاكمة المتهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة    القانون يضع شروط لترقية الموظف في قانون التعليم.. تعرف عليها    94.2 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات بداية الأسبوع    ترامب: فنزويلا تُرسل لنا مخدرات وعصابات وهذا غير مقبول    ميج ستالتر تظهر ببنطال جينز على السجادة الحمراء لحفل إيمي (فيديو)    أشخاص يحق لهم إدخال المريض النفسي المصحة إلزاميًا.. تعرف عليهم    "عم عموم الناس".. عصام الحضري يرد على إشادة محمد أبو تريكة به    تفاصيل جديدة عن حياة المتهم بقتل الناشط الأمريكي تشارلي كيرك    السيطرة على حريق داخل دار رعاية لذوي الاحتياجات الخاصة بأكتوبر دون إصابات    الشاشة وقوة البطارية والإمكانات.. مقارنة بين «آيفون 17 برو ماكس» و«سامسونج جالاكسي S25 ألترا»    برشلونة يدهس فالنسيا بسداسية تاريخية في الدورى الإسباني    كأس الإنتركونتيننتال.. موعد مباراة بيراميدز وأهلي جدة السعودي    مصدر يكشف حقيقة إشارة تريزيجيه لجمهور الأهلى ب"الصمت"    5 مصريين يتأهلون لربع نهائى بطولة مصر المفتوحة للاسكواش    الجيزة تُعلن إعادة تشغيل مدينة الطلبة بإمبابة لاستقبالهم للعام الجامعي المقبل    مدير تعليم القاهرة: لا تهاون في الصيانة واستعداد كامل لاستقبال الطلاب    عمرو أديب: حرام أن يعمل إنسان بأقل من الحد الأدنى للأجور.. عندنا في مصر كارثة حقيقية    ريهام عبدالغفور في أحضان والدها بمساعدة الذكاء الاصطناعي    الذهب الأبيض.. انطلاق حصاد القطن بالقنطرة شرق بالإسماعيلية    فلكيًا.. موعد شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيامه وعيد الفطر المبارك    بالأسماء.. إصابة 4 من أسرة واحدة في البحيرة بعد تناول وجبة مسمومة    «شغلوا الكشافات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحذر»    لا تقترب من السكر والكربوهيدرات المكررة.. 5 أطعمة تساعدك على التخلص من ترهل الذراعين    إليك هم النصائح لنوم منتظم يساعد الأطفال على الاستيقاظ بنشاط وحيوية    ما حكم عمل المقالب في الناس؟.. أمين الفتوى يجيب    تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 284 ألف مواطن ضمن "100 يوم صحة" بالمنيا    «الإفتاء» تواصل عقد مجالسها الإفتائية في المحافظات حول «صلاة الجماعة.. فضائل وأحكام»    د.حماد عبدالله يكتب: حينما نصف شخص بأنه "شيطان" !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع نجيب محفوظ: من ذكريات اللقاءات إلى التداعى الحر
نشر في الوطن يوم 10 - 12 - 2014

مثل كل مصرى، مثل كل عربى، مثل كل من يقرأ العربية، مثل كل من يقرأ أى لغة وصل إليها نبض هذا الرجل، مثل أى إنسان يعرف أن الإبداع هو بعض الجهاد الأكبر وأنه طريق إلى الله وكدح إلى وجهه، مثل أى من هؤلاء: أنا مدين لهذا الرجل: نجيب محفوظ.
وفى محاولة لسداد بعض دينى رحت منذ رحيله -أو زعم رحيله- أحاول أن أوصل بعض ما وصلنى منه ومن إبداعاته عبر ما تيسر من نوافذ، لكن دعونا نبدأ من البداية:
بعد تعرفى عليه شخصياً عن قرب، بعد الحادث فى 16 نوفمبر 1994، حل عيد ميلاده الثالث والثمانون بعد ثلاثة أسابيع وأيام، كنت قد رأيت أنه أحوج ما يكون ليعود بما شاء الله إلى ما يمكن، أحوج ما يكون إلى جرعة مناسبة من «الناس» الذين حرمه الحادث منهم، الأقرب فالأقرب، وحين قلت رأيى هذا لطبيب مستشفى الشرطة. قال لى (مداعباً): هل تعنى أن عنده «فقر ناس» وعلينا أن نكتب له «جرعة كافية من الناس»؟
أقررته، وأخذت المسألة جَدّاً بأن رحت أرتب له لقاءات مع أصدقائه الأقرب ومحبيه، وكان أول خروجنا بهذا القصد هو فى عيد ميلاده الثالث والثمانين وكتبت عن ذلك:
الأحد: 11 /12 /1994
كنت قد أخبرته أمس أننى حضّرت له مفاجأة، وكنت قد اتفقت مع يوسف القعيد وجمال الغيطانى وزكى سالم أن نخرج صباح هذا اليوم (الأحد) إلى الشمس ليكون ذلك أول خروج له بعد الحادث، ليستعيد بالتدريج إيقاع حياته المليئة بالبشر الحلوين كما اعتاد ما أمكن ذلك.
■ ■ ■
كان يلبس عباءة المرحوم حماى التى أحضرتها له معى ألفّه بها خشية البرد (نحن فى 11 ديسمبر) ولم يطل مكوثنا فى سفح الهرم، التقطنا صوراً قليلة للذكرى، ثم توجهنا إلى ميناهاوس، وهو لا يكاد يصدق.
■ ■ ■
نظر إلىّّّ الأستاذ وهو يأخذ شهيقاً عميقاً كأنه يتأكد من أنه ما زال هو هو هواء الخارج (خارج البيت)، نظر متردداً فعرفت أنه يريد أن ينتهزها فرصة ويتخطى الحواجز، وفعلاً: سألنى متردداً، بمناسبة هواء الحرية، (هكذا قال) هل تضر سيجارة واحدة لا أكثر؟ وحين وافقت لمحت وجهه يشرق راضياً ممتناً.. وأخرج سيجارة من علبة سجائر كان يحتفظ بها فى جيبه فى سرية تامة طول هذا الوقت، وفوجئنا، وتساءلنا، فضحك وهو يخبرنا بأنه لم يجد داعياً للإعلان عنها خشية ألا يؤذن له.
■ ■ ■
استمرت لقاءاتى معه يومياً بانتظام ثم أسبوعياً ما بين منزل المرحوم توفيق صالح (الخميس/الحرافيش) ومنزلى (الجمعة) وعوامة «فرح بوت» أحياناً، ورحت أتمعن فى معنى وجدوى هذه اللقاءات واستطعت أن أرى نوعاً جديداً من إبداعه، وذلك حين اكتشفت أننا نخرج من عنده وقد تغبر وعى كل منا بأى قدر مهما كان ضئيلاً قد لا يدركه أى منا، وأن ذلك يحدث بفضل حضوره المحرّك وسماحه الكريم وصبره الجميل.
«... ثم لم يكفه أن يقوم بإعادة تخليق مريديه من حوله يوماً بعد يوم، ذلك الإبداع الذى سميته يوماً وكتبت عنه فى أحد أعياد ميلاده: «إبداع: حى / حى» (قياساً على «صواريخ أرض / أرض»).
وفى عيد ميلاده ال«92» اقتحمنى شعرى فكتبت له قصيدة أحَبّها وأحببتها (الأهرام: 15/ 12 /2003)، قلت فيها:
«... ما عاد رسم الحرف يقدر أن يحيط ببعض ما يوحيه لى، فى عيد مولدك الجميل، فجر جديد.
فى كل عام أحمد الله الكريم وأرتجيه يكون «يومى قبل يومك»، وأعود أكتشف الحقيقة أننى لم أصدق الله الدعاء. طمعا بأن نبقى معاً عاماً فعاماً».
■ ■ ■
ثم يأتى عيد ميلاد وآخر وآخر، وأتأكد من أنه لم يرحل فعلاً، إذْ ظللت ألتقيه كل خميس فى موقعى وأنا أكتب نشرات متتابعة بعنوان «فى شرف صحبة نجيب محفوظ» حتى بلغت النشرات (479 صفحة A4)، ورحت ألتقيه وأحاوره حتى الآن، ثم إنى واصلت بعد ذلك، كل خميس أيضاً، قراءتى للصورة التى صورتها بإذن أ. د. جابر عصفور من كراسات التدريب على الكتابة، وما زالت المحاولة مستمرة، وقد أطلقت لتداعياتى العنان استلهاماً مما ترك مما طفا على سطح وعيه إلى قلمه عفواً تلقائياً جميلاً مشرقاً، وقد وصلت الآن إلى صفحة (180) من الكراسة الأولى، وما زال عندى ما يقارب 900 صفحة فى ست كراسات، وما زال الاستلهام والتداعيات مستمرة فى متناول من يشاء، وقد بلغت صفحاتها 960 حتى الآن.
حكاية صفحات التدريب هذه كانت فتحاً جديداً اكتشفت من خلال هذا العظيم بعداً آخر إذ إنها وصلتنى باعتبارها المصدر الأهم للتعرف إليه لأنها تداعٍ طليق جميل صادق على طول الخط.
لماذا؟
هذه المحاولة المستمرة سمحت لى بمراجعة ما وصلنى عن نجيب محفوظ شخصاً، ومبدعاً، ومصرياً، إنساناً، مؤمناً، جميلاً، رقيقاً.. هذا ما رحت أكتشفه أولاً بأول، صفحة بصفحة، بالذات عن عمق إيمانه، وروعة توحيده، واتساع موسوعيته، وجمال شاعريته، وحدّة ذاكرته، وبعض فلسفته.
وفيما يلى أعرض فقرة من صفحة باكرة، وكنت أود أن أرسلها بالصورة وخط يده ومقتطفات من تداعياتى، ثم مقتطفات من الصفحة التى سوف تصدر فى يوم عيد ميلاده (11/12)..
صفحة 37 من كراسة التدريبات الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
الهدى من الله
الصبر طيب
الله غفور رحيم
هو مالك السماوات والأرض
نجيب محفوظ 5 / 3 / 1995
مقتطف من تداعياتى على هذه الصفحة
القراءة:
خطر لى -دون جزم- أن ما سميته «جبل الوعى»، الذى يكمن تحت ألفاظ كل صفحة من صفحات التدريب، له علاقة بشكل أو بآخر بريح هذا المصدر الأساسى (القرآن الكريم)، مع أننى لم يَنْمُ إلى علمى تحديداً أن شيخى قد حفظ القرآن طفلاً، كما أننى لا أعلم تفاصيل علاقته به مبدعاً وعابداً، وإن كنت أرجح إيجابية وتواصلاً معه بلا حدود.
ثم إن لمحات الأستاذ فى التدريب هكذا قد سمحت لى أن أتعرف من جديد على كتابى الكريم من زوايا لم أعتدها، وهذا فضل آخر من أفضال شيخنا المتجددة.
■ ■ ■
الخميس: 11 /12 / 2014 (محفوظ) صفحة التدريب رقم (180)
بعد البسملة واسمَى كريمتيه، راح شيخنا يكتب جنين القصة الجديدة مثلما حدث فى الصفحات الثلاث الأخيرة (178، 179، 180) كما يلى:
«كانوا ثلاثة الأول فقد تطوع وحارب واستشهد، أما الثانى فقد تبرع بالكثير من ماله، وأما الثالث فلم يفعل شيئاً وأحسن علاقته مع الآخرين، مع الطرفين المتصارعين، فاشتركا فى قتله، ومارسا قصة الحسين، وتُروى حكايتهم على الربابة حتى يستمع إليها المحزونون نجيب محفوظ»
القراءة:
ليس من حقى، ولا من حق أحد، أن يتناول هذه الأجنة تحت التشكيل بالنقد، لكن من حق أى متلقّ أن يفرح أنه أمام فرصة أن يتابع عملية الإبداع ذاتها وهى تتخلق خلايا الجنين فى شهور الحمل يتعلم منها كيف يتم التفكيك قبل تمام شهور الحمل، ومن حقه أن يحضره تساؤل هنا مثلاً عن هذا الشهيد الأول، وعن علاقته بالقتيل، وعن هؤلاء الذين تخلوا عن الحسين فشاركوا فى قتله مع سفاحيه... إلخ.
أو قد ينتقل إلى شهداء هذه الأيام، وكيف أن محاولة إرضاء الطرفين قد تنتهى بالغافل حسن النية منا إلى هذا المصير... إلخ.
يا شيخنا.. كل عام وأنت بخير؛ تعلمنا أكثر وأنضج
وكل عام وأنت بخير ومصر التى تحبها وناسها بخير كما ترجو.
وعليك السلام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.