صناديق قمامة لم يمسسها عامل، روائح كريهة تنبعث من تلال القمامة المختلطة برشح مياه الصرف الصحي، انقطاع مياه متكرر، وكهرباء لم تزر إسكان شباب حي الصداقة بجنوب أسوان الذي لم يمضِ على تسليم وحداته سوى عام، إلا وعمَّت الفوضى أرجاءه، تارة بالتلوث ونقص الخدمات وتارة أخرى بالبلطجة التي شنَّها بعض الأهالي لوضع أيديهم على العقارات التي لم تسلم لأصحابها حتى الآن، دون أن يتدخل أحد المسؤولين لسماع صوت استغاثتهم.. "ارحمونا يا حكومة". "لما ده الإسكان الجديد أومال الخرابة تبقى إيه؟" لم يكن يوسف حسن (26 عاما)، أحد سكان حى الصداقة الجديد، يتصور أن المنطقة التي سيبدأ فيها زواجه السعيد، ستكون صورة طبق الأصل من "العشوائيات"، وفق قوله، فالمنطقة لا تزال نائية ومجمع الخدمات يبعد قرابة الساعة ونصف عن المنطقة "ده غير الصرف اللي ريحته بتدخلك من الشبابيك ومنظر الزبالة مكان الجناين.. وولاد الجيران لما بيحبوا يلعبوا بيبقى وسط الصرف والبلاعات المفتوحة، من الآخر ده مش إسكان شباب ده إسكان للعذاب بيدفعونا تمن المطالبة بحقوقنا في السكن بمناطق متطرفة وحالتها أسوأ من حالة المحافظة كلها"، وفق قوله. حتى الثانية فجرًا ظلَّت "عبير محمد"، العروس العشرينية التي لم يمضِ على زواجها أكثر من 4 أشهر داخل حي الصداقة، مستيقظة لملء ما يكفيها من مياه الشرب قبل أن تنقطع عنها كالعادة يومًا أو أكثر "يا ريتها كانت ملكنا كنا بيعناها لكن دي إيجارها 400 جنيه، واللي يشوف شكلها في الصور ما يشوفهاش على أرض الواقع"، مؤكدة أن البقاء في المنزل أثناء عمل زوجها، أصعب جزء في اليوم "كل يوم بنسمع عريس وعروسة بيتسرقوا، ولو سبت بيتك وخرجت ترجع تلاقي ناس غريبة كسرت الشقة وقعدت فيها، ولو فتحت بقك تموت.. وكل ده ومفيش مسؤول بيكلف خاطره يعمل جولة مفاجئة ويشوف الرعب اللي إحنا فيه". "السكان بيخافوا يبلغوا، هنساعدهم إزاي" كلمات لخص بها صابر سند، رئيس مدينة أسوان، حالة الذعر التي تدفع السكان لعدم إخطار المحافظة بما يحدث من فوضى داخل الإسكان الذي وزع نحو 16 ألف وحدة سكنية على الشباب خلال عام، مؤكدًا أن شركة الصرف الصحي في مختلف المراكز والأحياء تبدأ خطة لتغيير المواسير القديمة بأخرى جديدة "الناس دلوقتي شغالين في حي الصداقة القديم، وفور الانتهاء هتعالج مشكلة الحي الجديد، ونرجو من السكان سرعة الإبلاغ، والتعاون مع الحي"، وفق قوله.