الذكريات قد يحملها القلب، وقد تستوطن فى العقل، وقد يُغيبها النسيان، لكن مجموعة من الشباب «الفنانين» قرروا أن تحمل الجدران ذكريات قاطنيها، هكذا الحال داخل شوارع حى الفجالة الشعبى، المنطقة الشهيرة ببيع الكتب المدرسية والأدوات المكتبية والصحية، أعاد لها «الشباب» روحها برسم تاريخها الذى كان، حين مر منها الفنانون، وتزوج فيها المشاهير، وضمت بين جنباتها قطبى الأمة بمسلميها وأقباطها. مجموعة من شباب ائتلاف التشكيليين، الذى تم تكوينه عقب الثورة، بالتعاون مع جمعية النهضة بالقاهرة «الجزوييت» يستكملون المشروع الذى بدأت فكرته قبل الثورة بشهور حين تم تجميل شوارع الحى العريق والرسم على أبواب محاله، حسب إبراهيم سعد، عضو اللجنة التنفيذية للائتلاف، من خلال دعوة أطلقوها قبل أيام برسم ذكريات سكان المكان على الحوائط، فترى صورة لفاتن حمامة وعمر الشريف حين سكنا شوارع الفجالة فى بداية زواجهما، وأخرى لكواليس فيلم «فى بيتنا رجل» الذى تم تصويره فى جنبات الحى، علاوة على تأريخ لذكريات السكان الشخصية، فترى صورة لصاحب ورشة ميكانيكا ورثها عن جده، وأخرى لعجوز شارك ككومبارس سينما فى الأفلام قديماً ولم يزل يمر فى شوارع الحى. العمل وسط البسطاء أكثر ما يسعد «إبراهيم»، ابن المهندسين، ورفاقه: «الناس بتعاملنا بترحيب شديد كأننا من أهل الحى» الشاب الثلاثينى يتحدث عن «الفجالة» كأنها بيته الثانى، فكل أحاديثه يبدأها بجملة: «إحنا فى الفجالة..»، الحى العريق الذى يحوى طوائف عدة من المسيحيين وكذلك أول جمعية شرعية إسلامية فى مصر تحمل الرقم 1، يسعى الشباب «الفنانين» لتحويله إلى جنة، من خلال رصف شوارعه وتنظيفها، وعمل مناطق خضراء لتكون على حد وصف «إبراهيم» حى بلا مشاكل: «إحنا بنسأل الناس عن كل طلباتهم قبل ما نبدأ نشتغل.. حتى الألوان اللى بنرسم بيها بتكون من اختيارهم». دعوة «أتيليه الشارع» التى يسعى «التشكيليين» إلى أن تعم ربوع المحروسة تلقى إقبالاً شديداً من قبل الشباب، وهو ما يوضحه «إبراهيم» بعمل مشروعات لعرض أعمالهم داخل كليات الفنون الجميلة والفنون التطبيقية لحث طلابها للمشاركة فى الفعاليات، فمنها يبدعون على الأرض، علاوة على إسعاد سكان تلك الأحياء وتجميلها.