ابتسامة ساحرة ترسمها شفاه رفيعة تخفى عالماً غامضاً بداخلها، وجبهة عريضة محفور بها عينان حالمتان، ترى فى نهايتها منابت شعره الأبيض، حين يجلس بهدوء ووقار على آلته المفضلة التى أصبحت بمرور الزمن جزءًا منه، تداعب أنامله مفاتيح «البيانو» فتنطلق من بين أصابعه موسيقى تنثر النغم فى الفضاء لتجتاح وجدان مستمعيه وتنقلهم إلى عالم آخر ممتلئ بالحب والدفء، لكن صاحب هذه الأنامل الذهبية أصيب مؤخراً بوعكة صحية اضطرته للذهاب إلى المستشفى قبيل حفل فى ساقية الصاوى، وهو ما تسبب فى إلغائه، ليتضح فيما بعد أنه مصاب بالتهابات بسيطة فى ذراعه اليمنى ويحتاج للراحة والعلاج فقط. نجح الموسيقار الكبير عمر خيرت فى خلق تجربة فنية وموسيقية فريدة فى مصر والعالم العربى فى السنوات الأخيرة، بل ترك بصمة شخصية ومتفردة تعكس عبقريته فى رقى يليق بصاحب رصيد كبير فى التراث الموسيقى المصرى، فكان الطفل المولود عام 1948 لأسرة مثقفة محبة للفنون، يتطلع إلى عمه الموسيقار أبوبكر خيرت مؤسس المعهد العالى للموسيقى «الكونسرفتوار»، ليرى فيه مثله الأعلى وحلمه الكبير، ويبدأ مشواره منذ سن الخامسة بالعزف على «البيانو» الذى عشقه وورثه عن والده كما كان لجده، وبدأت الملامح الموسيقية فى شخصية «عمر» فى الظهور وهو لم يتجاوز 11 عاماً، خلال دراسته بالكونسرفتوار على يد البروفيسور الإيطالى «كارو»، واستكملها فى لندن لدراسة التأليف الموسيقى بكلية ترينتى، إلى أن قرر الالتحاق بفرقة «لى بتى شاه» كعازف درامز مع عزت أبوعوف وعمر خورشيد ووجدى على، ليقول «كان الأمر أشبه بثورة فى منزلنا عندما لعبت موسيقى الجاز». استطاع الموسيقار أن يكتشف مناطق موسيقية جديدة ليسبر أغوارها، فبدأ التأليف الموسيقى منذ عام 1979، ليقدم أول أعماله الكبرى حين أطل على جمهوره لأول مرة مع الموسيقى التصويرية لفيلم «ليلة القبض على فاطمة» عام 1983. ومن خلال رحلة إبداع تجاوزت ال 40 عاماً من التأليف الموسيقى بين التنوع والغزارة، قدم الموسيقار ألحاناً وموسيقى تصويرية لما يقرب من 75 عملاً سينمائياً ودرامياً. امتدت موسيقى عمر خيرت لتصل إلى أغانى كبار المطربين وقام بإعادة توزيع الأغانى التى لحنها موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وهى «انت عمرى»، و«امتى الزمان يسمح يا جميل». قدرة عمر خيرت على المزج بين الآلات الشرقية والغربية دفعت جمهوره للتعلق به أكثر، حيث يقبلون بكثافة على حضور حفلاته الموسيقية التى يقدمها بنفسه دون مطربين.