«علي جمعة» يُنظِّم مجالس علم أسبوعياً لخدمة مشايخ ووكلاء الطرق قال حسن البُطَطِى، وكيل الطريقة الدمرداشية الخلوتية، إن «الصوفية لا علاقة لها بالسياسة ولن تحل محل جماعة الإخوان الإرهابية، لاختلاف الأفكار بينهما بشكل تام»، منوهاً بأن الدكتور على جمعة، المفتى السابق، استحدث أمراً جديداً بتنظيم مجالس علم أسبوعياً لتصحيح المفاهيم وتوعية مشايخ ووكلاء الطرق. حسن البُطَطِي: بعض الموالد تشهد أخطاء تسىء للصوفية وتشوِّه صورتها الحقيقية.. ولا علاقة لنا بالسياسة وأضاف «البُطَطِى»، فى حوارٍ ل«الوطن» أنَّ الموالد التى تنظمها بعض الطرق تشهد أخطاء تسىء إلى الصوفية وتُشوِّه صورتها الحقيقية أمام المجتمع، مشيراً إلى أنَّ الصوفية تُحارب الغلو فى الدين، وتعتبر حائط الصد الأول فى مواجهة الإخوان والسلفيين، لافتاً إلى أن الطريقة الدمرداشية الخلوتية تستضيف بعض القساوسة خلال الحضرة.. وإلى نص الحوار. انتشار «كورونا» تسبب فى منع إقامة الحضرة والموالد.. ماذا فعلتم؟ - الفيروس عزلنا تماماً عن العالم، وأحدث تباعداً اجتماعياً بين الناس، وبالتالى الطرق الصوفية التى كانت تجتمع لإقامة الحضرة أسبوعياً توقفت تماماً، وانقطع الناس عنها، لأن المساجد أغلقت والتباعد أحدث إشكالية كبيرة، والإجراءات الاحترازية التى تم فرضها كانت سبباً رئيسياً فى توقف طريقتنا ومنهجها، لأنها كانت تتم فى القبة الرئيسية داخل المسجد، ولا يوجد مكان آخر لإقامة الحضرة، والطرق الصوفية لجأت إلى إقامتها «أون لاين»، إلَّا أنَّها لا تليق ولم يكن الأمر مرضياً للمريدين والمشايخ، لأنَّ ليس فيها روح، على عكس اجتماعهم فى مكانٍ واحد، الأمر الذى يُحدث نوعاً من الانسجام الروحى والكمال الإنسانى، لكنهم افتقدوا كل ذلك، وتوجد طرق تقيم الحضرة بالمخالفة، لكننا نُحاول إقامتها بعدد قليل من المريدين، إلا أن الظروف تمنعنا حالياً. ماذا عن تنظيم بعض الطرق للموالد بالمخالفة لتعليمات الدولة بشأن الإجراءات الاحترازية؟ - أى شخص عاقل لا يوافق على تنظيم الحضرة والموالد بالمخالفة لقرارات الدولة وعدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية، لأنها تحافظ على صحة الناس فى الأساس. ما أبرز المشكلات الأخرى التى تُعانى منها الصوفية وتحتاج إلى حلها؟ - الصوفية تُعانى من بعض الأخطاء التى تقع فيها بعض الطرق، والتى لا تليق بها ولا بأهلها مثلما يحدث فى الموالد، وهى أمور معلومة لدى المشيخة العامة للطرق الصوفية والطرق كافة، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية، الدكتور عبدالهادى القصبى، يسعى جاهداً لحل المشكلات والتجديد ورفع شأن الطرق ومساعدتها، وعندما أصبح عضواً فى مجلس النواب كان ذلك فرصة كبيرة جداً حتى يلتقى مسئولى الدولة المشرفين والقائمين على الصوفية بشكل عام فى مصر، وكذلك مسئولى وزارة الأوقاف، وأكد أنَّ وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة قدَّم خدمات جليلة للطرق الصوفية. فيروس «كورونا» حرمنا من أموال صناديق النذور.. وإقامة الحضرة «أون لاين» أمر لا يليق ما أبرز الخدمات التى قدَّمها وزير الأوقاف إلى الطرق الصوفية؟ - وزير الأوقاف تكفَّل بسداد بعض ديون مشيخة الطرق الصوفية لبعض المقاولين، نتيجة الظروف الصعبة التى تمر بها المشيخة لعدم وجود موارد مالية لديها حالياً، لأنَّ صناديق النذور عند إغلاق المساجد توقفت، والتى كانت تعتبر المورد الأساسى للصوفية، بحصولها على 10% من إيراد صناديق النذور، وهناك خطوة جريئة منه أيضاً، أن يفتح دورات المياه فى المساجد، تمهيداً إلى فتح المساجد بشكل كامل بعدد ساعات أكبر، خاصةً أن الفيروس يقل انتشاره مع الاحتياطات التى نتخذها والدعم الصحى من الدولة وتلقى اللقاحات، كما أنه تدخل لمنع هدم 3 مساجد للصوفية، منها «الشبراوى» و«الكومى»، حيث كانت ضمن خطة التوسعات التى تتم لخدمة المشروعات القومية وبناء غيرها فى مكان آخر، والوزير ساعد فى الحفاظ عليها، بعد مناشدة مشايخ الصوفية و«القصبى» لأنها أثر وتاريخ إسلامى، وأعلن أن الدولة وافقت على عدم هدم المساجد وتوفير طريق آخر بديل، كما أنَّ «القصبى» لديه مشروعات جديدة لمساعدة الصوفية على مستوى الدولة، ويعرضها حالياً فى اجتماعات متتالية مع الوزير. كيف ترى سعى الرئيس عبدالفتاح السيسى لتطوير مساجد آل البيت؟ - هذه مفاجأة عظيمة، وعوَّدنا الرئيس السيسى على الخروج بمفاجآت مفرحة للشعب المصرى والصوفية، رغم أعبائه الثقيلة والمشاريع الضخمة التى تتبناها الدولة، ونقدر سعيه الدؤوب فى ذلك، عندما أشار مؤخراً إلى أنه يجب تجديد مساجد آل البيت فى مصر «السيدة زينب، السيدة نفيسة، الحسين»، حيث كلها تدخل فى نطاق الطرق الصوفية. هل لكم مطالب أخرى من الدولة؟ - الدعم يجب أن يأتى من الصوفية أولاً، ففى الموالد إذا أردنا وضع «صوان»، فيجب أن نطلب من الحى المساحة الحقيقية له وعدم المبالغة فيه، حتى لا تكون الموالد فوضى كما كان يجرى من قبل، والدولة لا تألو جهداً فى مساعدة الصوفية والمحافظة على الطرق والموالد، ورجالها موجودون أيضاً لضبط المشعوذين ممن يدخلون بين الصوفية ويسيئون لهم، وعندما تُفتح المساجد بشكل كامل وتعود صناديق النذور إلى عهدها كما كانت من قبل وتمتلئ ستغنم الطرق الصوفية. أين تذهب أموال الموالد التى يتبرع بها المريدون؟ - أى تبرعات أو مساعدات مالية توجه للطريقة، يأخذها شيخ الطريقة ويُعيد توزيعها على فقراء وأبناء الطريقة وإطعام أهلها، خاصة أن هدف الطرق تنموى، وبالنسبة للطريقة الدمرداشية الخلوتية، فهى تصرف على أبنائها والفقراء والأيتام وتُساعدهم، كما أنها لا يأتيها مساعدات أو هدايا أو تبرعات، وواجبنا أن ندعم أبناء الطريقة وليس هم من يدعموننا. يوجد 3 من قيادات الصوفية داخل البرلمان.. ما النتائج الإيجابية التى تعود على الطرق جراء ذلك؟ - وجود 3 قيادات من المجلس الأعلى للطرق الصوفية فى مجلس النواب، يُعطى ثقلاً للطرق، وهم: الدكتور على جمعة، المفتى السابق والدكتور محمد أبوهاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر السابق، والدكتور عبدالهادى القصبى، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، وهم يعملون على قدمٍ وساق لإنجاح طرقهم الصوفية وجميع الطرق الأخرى بشكل عام، وهدفهم الأعلى والأسمى هو رفع شأن الصوفية، ومحاولة القضاء على أى مشكلات تواجههم، كما أنَّ الدكتور على جمعة اتخذ قراراً جديداً فى الآونة الأخيرة لم يكن موجوداً من قبل، يتمثل فى إقامة مجالس علم أسبوعياً فى مقر المشيخة العامة للصوفية، إذ تتخللها أسئلة وأجوبة لمشايخ ووكلاء الطرق، لتوسيع دائرة العلم والفهم ونشر الإسلام الصحيح، فهو أحد جنود الدولة وينشر الصوفية ويُصحح الأفكار. كيف تُصححون ما أفسده الإخوان والسلفيون بنشرهم أفكاراً متطرفة؟ - نُحارب الغلو فى الدين، ويحضر فى الحضرة الخاصة بنا قساوسة بالزى الكنسى من البطريركية التى بجوارنا، وهذا شىء مفرح أن يحضر الأقباط معنا فى الطريقة، خاصة أننا مؤمنون بقول الله تعالى: «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ» (البقرة: 285)، فنحن نؤمن بكل الديانات وكل الرسل، وهذا يعطينا اطمئناناً نفسياً بأن نعيش بين الناس بلا غلو، وليس له مكان لدينا نهائياً، ونحن إخوان لجميع الديانات السماوية. كيف تواجهون من يدَّعون التصوف ويعتمدون على الخرافات والإساءة إلى الصوفية؟ - لا وجود لهذه الطائفة بين مريدى طريقتنا، نظراً لأنَّنا طريقة علمية، وشيخها عميد إحدى كليات الهندسة، والذى سبقه كان حاصلاً على الدكتوراه من جامعة كامبريدج، ونعتمد على العلم وليس الشعوذة، والدين عمل والصوفية عمل، وكلامنا واضح ومن القرآن والسنة، كما أننا لا نقيم موالد. هل يُمكن أن تحل الصوفية محل جماعة الإخوان الإرهابية؟ - بالتأكيد لا، فلا شأن لنا بالسياسة نهائياً ونعتمد على «لا إله إلا الله.. محمد رسول الله» قولاً وعملاً، وفكرنا عكس فكر الإخوان تماماً. ما أهمية الصوفية فى الوقت الحالى؟ - الصوفية تُمثِّل حائط الصد فى الظروف التى نمر بها فى ظل وجود الإخوان والسلفيين. هل تحل مؤلفات وكتب الصوفية محل إصدارات الإخوان؟ - لا، لأنَّ الصوفيين ليس لديهم إمكانيات مثل الإخوان والسلفيين، الذين يعملون لحساب دول أخرى ولديهم أموال طائلة، ولديهم المقدرة على طباعة مئات الآلاف من الكتب، إنَّما الصوفية ليس لديها المقدرة لطباعة ذلك الكم الهائل، كما أن كل كُتب الصوفية عبارة عن إرشاد وتفسير القرآن الكريم وإيضاح أحاديث، وهى فى شق واحد. لماذا يتعمد الإخوان والسلفيون الهجوم على الصوفية؟ - هذا رد فعل طبيعى منهم لأننا ضدهم ونُحاربهم، ونحن حائط الصد الأول ضد الإخوان والسلفيين وأصحاب الغلو فى الدين، ونقبل كل الأديان والأنبياء ونحترمهم ونقدسهم وكل الكتب السماوية، كما أمرنا الله ورسوله وموقفنا واضح. نرفض البيعة وليس لدينا إلا «عهد بين المريد والشيخ»..ونحارب المغالاة والتشدد..ونصحح ما أفسدته التنظيمات الأخرى يلجأ البعض إلى البيعة لشيخ الطريقة.. كيف ترى ذلك؟ - نرفض البيعة ولا نُريد غلواً فى أى شىء، ونرفض أى شىء ترفضه مشيخة الطرق الصوفية وكذلك ما يرفضه العقل، وفى طريقتنا لدينا «عهد بين المريد والشيخ»، يقتصر فقط على «قراءة الفاتحة والتعهد على الالتزام بالدين الإسلامى وقول الرسول صلى الله عليه وسلم وشهادة أن لا إله إلَّا الله وأن محمداً رسول الله ويكون نظيف القلب وصريحاً وطيباً وطاهراً» فقط. هل ترى أن التصوف يحظى بالمكانة التى يستحقها فى المجتمع؟ - لا، لأنه يوجد بعض التصرفات غير اللائقة تحدث ممن ينتسبون إلى الصوفية، مما يشوِّه صورة الصوفية خصوصاً فى الموالد، الأمر الذى يجعل الناس يُعمّمون الخطأ على جميع الطرق، فهناك المشعوذون وادعاء أنَّهم «بركة وخير» للآخرين ومنح الآخرين «حجاب»، وهذه الأمور عايشناها منذ زمنٍ طويل، وهؤلاء كاذبون، ونحاول القضاء على هذه الظاهرة، واليوم قلَّت مكانتها. تربية أبناء الطريقة قيادات طريقتنا مثقفون ولهم مراكز علمية، وعندما يأتينا مريد نستقبله ويحضر أكثر من مرة حتى نرى طبيعته وهل يصلح للطريقة أم لا، ونُحاول أن نغذيه بآداب وعمل الصوفية وتعليمه كيف تُهذَّب الروح وما الفرق بين الشخص الصوفى والشخص العادى، وما من إنسان دخل طريقتنا إلَّا ونجح، لأنَّنا لا نقصد إلَّا الخير وليس لنا مصلحة مادية أو معنوية، ونريد أن ننجح فى تربية المريد الجديد على القرآن الكريم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما نبث فى عقله أن يخدم الناس وأن يكون مطيعاً لأهل الله ويُقدِّم الخير ويبتعد عن الشر.