قال وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، إنه لا شك أن أعظم حديث عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو حديث القرآن الكريم عنه، كيف لا ؟ وهل هناك أي حديث يمكن أن يقارب حديث القرآن الكريم عنه صلى الله عليه وسلم. وأوضح الوزير أنه قد رفع الله (عز وجل) ذكر نبينا (صلى الله عليه وسلم) فقال سبحانه: «وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ» (الشرح : 4)، وزكى لسانه فقال: «وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى» (النجم : 3)، وزكى بصره فقال: «مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى»(النجم : 17)، وزكى فؤاده فقال: «مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى»(النجم : 11)، وزكى معلمه فقال:«عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى»(النجم:5)، وزكى خلقه فقال: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ»(القلم : 4)، وزكاه كله فقال: «لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا»(الأحزاب : 21) . وزير الأوقاف وأضاف وزير الأوقاف لقد تحدث القرآن الكريم عن النبي (صلى الله عليه وسلم) حديثًا كاشفًا عن مكانته وأخلاقه وعموم رسالته وكونها رحمة للعالمين، فهو نبي الرحمة، حيث يقول الحق سبحانه: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»(الأنبياء: 107). ويقول سبحانه: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ الله لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ"(آل عمران:159)». وتابع: «ويقول (عز وجل): لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (التوبة: 128)، ويقول سبحانه: «وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ الله لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ الله حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ» (الحجرات: 7).". وتابع: «حين قرأ (صلى الله عليه وسلم) قول الله (عز وجل) في إبراهيم: «رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ » (إبراهيم: 36)، وقول الله (عز وجل) على لسان عيسى (عليه السلام): «إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» (المائدة: 118) رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللهمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي ، وَبَكَى ، فَقَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: يَا جِبْرِيلُ ! اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ - وَرَبُّكَ أَعْلَمُ - فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِمَا قَالَ ، وَهُوَ أَعْلَمُ ، فَقَالَ الله: «يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ» (صحيح مسلم)". تكريم الرسول عن سائر الأنبياء وأشار مختار جمعة إلى أنه قد أكرمه ربه (عز وجل) حتى في مخاطبته وندائه، إذ نادى رب العزة (سبحانه وتعالى) سائر الأنبياء بأسمائهم: «يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ» (البقرة: 35)، «يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ» (هود: 48)، «يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا» (الصافات:104- 105)، «يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى» (طه:11- 12)، «يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى» (مريم: 7)، «يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ» (مريم: 12)، «إِذْ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ» (المائدة: 110). الرسول ذكر اسمه في القرآن الكريم مقرونًا بعز الرسالة واستكمل: «خاطب نبينا (صلى الله عليه وسلم) خطابًا مقرونًا بشرف الرسالة أو النبوة , أو صفة إكرام وتفضل وملاطفة، فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ» (المائدة: 67)، وقال: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا» (الأحزاب: 45). وأضاف: «عندما شرَّفَهُ الحق (سبحانه وتعالى) بذكر اسمه في القرآن الكريم ذكره مقرونًا بعز الرسالة»، فقال سبحانه وتعالى:«مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ» (الفتح: 29)، وقال سبحانه: «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ» (آل عمران: 144)، وأخذ العهد على الأنبياء والرسل ليؤمنن به ولينصرنه، فقال سبحانه: «وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ». (آل عمران: 81)". طاعة الرسول من طاعة الله وقرن الحق سبحانه وتعالى طاعته (صلى الله عليه وسلم) بطاعته، فقال سبحانه: «مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله»، وقال سبحانه: «وَمَنْ يُطِعِ الله وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا» (النساء: 69)، وجعل حبه (صلى الله عليه وسلم) وسيلة لحب الله (عز وجل)، فقال سبحانه: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ واللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (آل عمران: 31)، وجعل بيعته (صلى الله عليه وسلم) بيعة لله (عز وجل)، فقال سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ"» (الفتح:10), وكان سيدنا عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) يقول: ثَلَاثُ آيَاتٍ نَزَلَتْ مَقْرُونَةً بِثَلَاثِ آيَاتٍ ، لَا تُقْبَل وَاحِدَةٌ مِنْهَا بِغَيْرِ قَرِينَتِهَا ، أَوَّلُهَا: «وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ» (البقرة:43) ، وَثانِيها: قَوْله تَعَالَى : «أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ» (لقمان:14) ، وَثالِثُها: قَوْله تَعَالَى: «أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ» (النساء: 59) ، فَمَنْ أَطَاعَ الله وَلَمْ يُطِعْ الرَّسُولَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. واختتم:«حذر الحق سبحانه وتعالى من مخالفة أمره (صلى الله عليه وسلم) فقال (عز وجل): «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " (النور: 63) , مؤكدًا أن الإيمان به (صلى الله عليه وسلم) لا يكتمل إلا بالنزول على حكمه عن رضى وطيب نفس، حيث قال سبحانه: «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» (النساء: 65). ونهى عن رفع الصوت عنده ، فقال سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ الله أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ الله قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ» (الحجرات: 2 , 3)، وقد سمع الإمام مالك (رحمه الله) رجلا يرفع صوته في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا هذا إن الله (عز وجل) قد ذم أقوامًا فقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ» (الحجرات: 2). نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) أرسله ربه (عز وجل) إلى الناس عامة وامتدح أقوامًا فقال: «إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ الله أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ الله قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ» (الحجرات: 3)، وإن حرمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ميتا كحرمته حيا، فتأدب في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)"، ومن إكرام الله (عز وجل) له (صلى الله عليه وسلم) أن جعل رسالته للناس عامة، حيث كان كل رسول يرسل إلى قومه خاصة، أما نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) فقد أرسله ربه (عز وجل) إلى الناس عامة، فقال: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا» (سبأ: 28). وختم برسالته الرسالات، وختم به (صلى الله عليه وسلم) الأنبياء والرسل، فقال سبحانه وتعالى: «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ» (الأحزاب:40) صلى عليه ربه (عز وجل) بذاته، وأمر ملائكته والمؤمنين بالصلاة عليه، فقال:«إِنَّ الله وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» (الأحزاب: 56)، وجعل صلاته على المؤمنين رحمة وسكينة لهم، فقال:« وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ واللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (التوبة: 103). الإكثار من الصلاة والسلام على الرسول وعلينا بالإكثار من الصلاة والسلام على الحبيب (صلى الله عليه وسلم)؛ لأن من صلى على النبي (صلى الله عليه وسلم) صلاة صلى الله بها عليه عشرًا، كما أن صلاتنا معروضة عليه (صلى الله عليه وسلم)، وكان (صلى الله عليه وسلم) يقول: «إِذا سمِعْتُمُ النِّداءَ فَقُولُوا مِثْلَ ما يَقُولُ ، ثُمَّ صَلُّوا علَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى علَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ بِهَا عشْرًا، ثُمَّ سلُوا اللَّه لي الْوسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنزِلَةٌ في الجنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلاَّ لعَبْدٍ منْ عِباد اللَّه وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُو، فَمنْ سَأَل ليَ الْوسِيلَة حَلَّتْ لَهُ الشَّفاعَةُ» (صحيح مسلم).