«الأمن، الوقود، المرور، الخبز، القمامة» 5 قضايا أساسية تعهد الرئيس محمد مرسى بحلها فى المائة يوم الأولى له فى سدة الحكم.. الرئيس والقضايا، لم يكن واضحاً أيهما اختار الآخر، فى النهاية مرت المائة يوم وبقيت القضايا الخمس تثير خيال كل مواطن وتحفز عقله لإيجاد الحلول حتى أصبحت حلول كل قضية منها بعدد أفراد الشعب المصرى دون مبالغة، أصبح الشعب يقضى وقته بين زحام المرور، وغياب الأمن ومعاناة الوصول لأنبوبة البوتاجاز أو «صفيحة» السولار، يفكر فى الحل. «حل مشكلة القمامة سهل جداً لو فكرنا».. قالها المهندس محمد سامى فرج، الرجل الذى جلس مع نفسه وبحسبة بسيطة استطاع أن يبتكر حلاً لمشكلة القمامة فى محافظته الإسكندرية يمكن تطبيقه فى بقية محافظات مصر بحسبة بسيطة، يقول: «عدد سكان الإسكندرية 6 ملايين نسمة، باعتبار متوسط الأسرة 5 أفراد، يكون عدد الأسر مليوناً و200 ألف أسرة، الأسرة تنتج 2٫5 كج قمامة يومياً تقريباً = 3 ملايين كج قمامة يومياً = 3000 طن قمامة يومياً». الحل المقترح هو نقل وتجميع القمامة على مرحلتين: أولاً من المنازل والشوارع إلى نقاط التجميع الرئيسية بواسطة التروسيكلات حمولة (750 كج)، ثم من نقاط التجميع الرئيسية إلى المقالب بسيارات النقل حمولة 5 أطنان، على أن يتم تجميع القمامة من البيوت نظير اشتراك شهرى 3 جنيهات (رسم النظافة)، ويتم توزيع أكياس القمامة الخاصة بالمحافظة بواقع 30 كيساً لكل شقة مجاناً، وجامع القمامة ملزم فقط بجمع هذه الأكياس، فضلاً عن تزويد جامعى القمامة بتروسيكلات، لنقل قمامة البيوت والشوارع إلى نقاط التجميع الرئيسية. العدالة والتحفيز جزء أساسى من فكرة المهندس محمد، يقول: يجب أن تتم محاسبة جامع القمامة وفق أوزان ما يتم توريده من القمامة إلى نقاط التجميع الرئيسية وفق تسعيرة معينة، بالإضافة إلى تمليكهم التروسيكلات بعد فترة بسيطة، على أن تتولى الإدارة المحلية أو المتعهد مهمة نقل القمامة من مراكز التجميع الرئيسية إلى مقالب القمامة خارج المدينة بسيارات النقل الكبيرة، إجمالى الدخل المتوقع لعامل النظافة من هذه الفكرة بعد مجموعة حسابات بسيطة يكون 3200 جنيه مقابل ثلاث نقلات فى اليوم. لم يكن المهندس محمد وحده من يفكر من موقعه فى الإسكندرية فى مشكلة القمامة، محمد محمد، جامع القمامة البالغ من العمر 55 سنة، يكنس شارع السودان فى الجيزة، ويفكر هو الآخر فى حل المشكلة التى تكسر ظهره من الانحناء طوال اليوم، يقول: «المفروض يكون معايا 6 أشولة أجمع فيها بدل ما أملا وأفضّى، رايح جاى، ويحطوا صناديق زبالة ولو صغيرة كل كام متر عشان الناس ترمى فيها، دا هايسهل عليّا، بدل ما بوطّى لما ضهرى تعب». الرجل الذى لم تزل شركته تتركه ونحن فى عام 2012 يمسك بمقشة من ليف النخيل، يقول: «مرتب عامل النضافة ورعايته هايخلوه يشتغل أحسن، أهم حاجة المرتبات، قالوا إن المرتبات زادت 200%، وما شُفناش حاجة». تعد السيارات الملاكى هى المعضلة الأساسية التى تكدر صفو سائقى سيارات الأجرة، «أحمد» سائق ميكروباص، يعانى مثل غيره من «الطرق الواقفة» وإشارات المرور المزدحمة، يرى أن الوسيلة الوحيدة لمواجهة فوضى السير لا يكون إلا بتخصيص حارات السير، ليكون خط سير سيارات الملاكى بعيداً عن الأجرة، «الشوارع بتكون هادية فى الأيام اللى مفيهاش عربيات ملاكى كتير لأنها بتزحم الدنيا». يقترح السائق الشاب على الحكومة القيام بحملات تمشيطية فى الشوارع لرفع السيارات القديمة «المركونة»، لتوفير مكانها مساحة لسيارة أخرى يسعى صاحبها وراء لقمة العيش، قائلاً «عربيات ملهاش لازمة وشاغلة الطرق وبتخلّى الناس تركن صف تانى وتالت، المشكلة تنظيم مش حاجة تانى، المفروض يتعاد تخطيط الطرق من جديد، وتتقفل (الدورانات) اللى بتسبب العطلة، كمان المفروض يلغوا إشارات المرور الموجودة فى أماكن مش مناسبة». على الجانب الآخر، لم يكن مسعد أبوفادى مالك سيارة، سعيداً للغاية، يقول: أنا أيضاً أعانى من أصحاب سيارات الملاكى والسياحة الذين يعملون فى المواقف بدون ترخيص «لو الحكومة سحبت رخص الناس دى ومنعتهم، المواقف مش هتتزحم والطريق هيمشى، وقفة الطرق دى بتكون إما إشارة غلط، أو موقف مزحوم بالركاب وعربيات الأجرة، الحل مع السيارات المخالفة السحب النهائى للرخص، عشان غيرهم يخافوا، وتطبيق كل ده يلزمه نزول الضباط بنفسهم فى الإشارات لمدة مؤقتة لحد ما ترجع الأمور لطبيعتها، يعملوا قانون شديد ضد المخالفين ولو وصلت لسحب الرخص والحبس.. إيه المشكلة يعنى». «عزت» صاحب محل أدوات صحية، لديه فكرة تتلخص فى استثمار السيارات القديمة التى تعمل بدون ترخيص أو رقابة فى الأماكن الشعبية: «يخدوها من صاحبها ويدّوله واحدة جديدة وبخط سير فى مكان محترم يضمن له أكل عيش وبالتقسيط»، معتبراً رأيه حلاً لمشاكل البطالة والفوضى والبلطجة فى الشوارع، يشدد «عزت» على وقف استيراد «التوك توك» ومنع سيره فى الطرق العامة ومصادرة المخالف «اللى بيركبوا التوك توك عيال صغيرة وبيتسببوا فى وقف الطرق ومصايب كتير». «تنقسم أزمة الوقود إلى ثلاثة محاور أساسية، أولاً توفير وقود للسيارات والمصانع والماكينات، وأنبوبة البوتاجاز، وأخيراً محاربة السوق السوداء» باختصار لخص حسين خليفة -مدرس إعدادى- جذور مشكلة الوقود فى التسيب والإهمال والمحسوبية، يقول: «المفروض يزودوا أسعار بنزين 90 و92 و95 بس يخلوا بنزين 80 زى ما هو، لأنه خاص بطبقة الغلابة، اللى معاه وبيستخدم البنزين العالى يدفع تمنه، وبكده يبقى الدعم راح للغلابة بس تقريباً». «الرجل الثلاثينى» مشفق على سائقى سيارات الأجرة، لأنهم -فى رأيه- يذوقون العذاب للحصول على «جركن جاز»: «ذنبهم إيه طيب.. المفروض يكون فى كل بنزينة خط تموين خاص بالأجرة بس، لأنها روح الحياة فى اليوم، كمان مواعيد الموظفين والطلاب وكل المواطنين مرتبطة بالمواصلات، عشان كده لما العربيات بتخف الدنيا بتقف». «البوتاجاز» لدى خليفة هو الأهم، فأزمة الأنابيب يراها نابعة من سوء التنظيم والتنسيق بين الإنتاج والاستهلاك.. مطالباً بحصر قيمة الاستهلاك وتكثيف الرقابة العليا على خطوط الإنتاج بما يلائم التوزيع على الشعب: «أهم شىء القضاء على السوق السودا اللى بتلخبط الدنيا وتخلى الناس تكسّل تجيب الأنبوبة وتشتريها غالية، لا بد من مطاردتهم وتوقيع عقوبات قاسية عليهم، بس العيب فى الناس برضو بتقول رخّص قرشك ولا ترخّص نفسك، على أساس إن مجايب الأنبوبة إهانة ليهم، إيه المشكلة لما يعملوا شركات توزيع الأنابيب ويعملوها ديليفرى اللى عايز أنبوبته تتملى يتصل بيهم، ساعتها هنحل أزمة بطالة وبوتاجاز». «الرقابة ثم الرقابة ثم الرقابة» حل يُجمع عليه الواقفون فى الطوابير أمام أكشاك الخبز، بعد فصل الإنتاج عن التوزيع.. محمود عزت، الذى وقف لأكثر من ساعتين فى انتظار الخبز، نظر ناحية المخبز الذى لا يبعد كثيراً عن كشك التوزيع، وقال: «التأخير كبير جداً، ودا حله الرقابة، لو هناك رقابة على الأفران، ناس تراعى ضميرها وتحرص إن حصة الدقيق الجاية للفرن هى اللى تتخبز، مش الفرن ياخد 35 شوال، المراقب يقف له دقيقتين ويمشى، يروح صاحب الفرن بايع له 20 ولا 30 شوال، وخابز الباقى، يفضل بقى لاطع الناس وموقّفهم على حيلهم». إسماعيل إبراهيم لخص المشكلة والحل بقوله: «السرقة هى اللى مضيّعة رغيف العيش فى الحجم والتأخير، الموضوع ببساطة رقابة بوردية كاملة فى كل مخبز، من أول ما الدقيق يدخل الفرن ويشوفه المراقب كام شوال وكام كيلو، لحد ما تخرج الحصة بالكامل عيش للناس، لا شوال يتهرّب ولا يتباع»، اتفقت معه حنان محمد، البالغة من العمر خمسين عاماً، متسائلة: «لو فى رقابة على الدقيق من أول ما ييجى لحد ما يتخبز، هأفضل مستنية 3 ساعات فى الشمس؟». «الظابط اللى مينزلش يشتغل يقعد فى البيت أحسن» قالها «ربيع كامل» حارس جراج سيارات، كخطوة أولى لحل مشكلة غياب الأمن فى الشوارع، الرجل الذى يستطيع تمييز اللصوص بسهولة. المواطن الأربعينى يرى أهمية خاصة لعودة التعاون مع رجال المباحث، يقول: «مش عاوزين نظام مرشدين زى زمان، لكن نشوف ناس متعاونة مع المباحث عشان الأمور تتظبط، كمان بدل ما الشرطة عمّالة تنعى حظها على السلاح اللى انتشر، يقننوه، ويسمحوا بالترخيص للناس اللى محتاجة وظروفها تسمح، ساعتها هايعرفوا السلاح موجود فين ومع مين، والموضوع يتلم شوية، ما دام بقى كدا كدا أمر واقع، دا من ناحية، ومن ناحية تانية المفروض يكون فى حملات ضبط السلاح وحبس الحاملين له بدون رأفة». الموظف العشرينى خالد داود، لا يعمل فى مجال الأمن لكن باله هو الآخر مشغول بإيجاد حل لهذه الأزمة المستعصية، رآه أخيراً متمثلاً فى إقالة القيادات والرموز الأمنية المحسوبة على النظام السابق، وكل ضابط متورط فى قضايا قتل أو تعذيب أو سبق اتهامه، من باب درء الشبهات، يقول: الاستعانة بخريجى كليات الحقوق فى جهاز الشرطة هايزوّد انتشارها، وهايطمّن الشعب بحدوث تغيير، وهايخلّى المواطن يحترم تعليمات الأمن ويتقبل وجود الشرطة فى الشارع، الاستعانة بالخريجين الجدد هيعمل حاجة اسمها «التغيير بالتبديل» يعنى كل ضابط يطلع من الخدمة لأى سبب يدخل مكانه اتنين، وبكده يتجدد دم الوزارة كلها بعد كام سنة ويبقى كل القيادات شباب ومعروفين الصلاحية.