سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
++د.عمرو الشوبكى يكتب: الوعود التى خابت معضلة وعود مرسى أن كثيراً منها غير قابل للتحقيق على عكس وعود الرؤساء فى الدول الديمقراطية؛ لذا فالمطلوب مراجعة وعود المائة يوم والاعتراف بأن كثيراً منها لم يدرس الواقع جيداً
وعد الرئيس محمد مرسى الشعب المصرى بمجموعة وعود لم يتحقق معظمها، ووضع بذلك قضية الوعود الانتخابية أمام محك جديد لم يعد مقبولا فيه أن يتعامل من فى الحكم والمعارضة مع قضية الوعود الانتخابية على أنها أحلام وردية أو رشاوى وهمية، إنما هى عقد بين المرشح والناخب يجب أن يعمل على تنفيذه باعتبار أن بنوده قابلة للتحقيق وليست مجرد شعارات ووعود وهمية. إن مشكلة وعود المائة يوم فى طبعتها المصرية أنها لم يكن لها علاقة بالواقع وأن مشروع النهضة الذى تحدث عنه الإخوان عجزوا عن الدفاع عنه أو تبريره، حتى إن البعض قد قال إنه ليس مشروعا إنما مجرد أفكار، وهو عكس الدعاية التى روجوها حول هذا المشروع أثناء حملة مرسى. وقد تضمن برنامج مرسى للمائة يوم 5 مجالات أساسية هى: الأمن والمرور والقمامة والخبز والوقود، ورصد موقع «مرسى ميتر» الذى أنشأه عدد من الناشطين والشباب على شبكة الإنترنت ما جرى تنفيذه بعد مرور 89 يوما، وهو تحقيق 4 وعود فقط، من أصل 64، وجار تنفيذ 21 وعدا. وكشف الموقع عن أن نسبة رضا المواطنين عن أداء الرئيس بلغت 43%، مقابل 57% غير راضين على عكس استطلاع رأى مركز البصيرة؛ إذ بلغت نسبة الرضا عن أداء الرئيس وفقا للمركز 79% خلال 80 يوما. وكشف موقع «مرسى ميتر» عن تحقيق وعد واحد من أصل 8، تعهد بها الرئيس فى ملف النظافة، بينما فشل فى تحقيق 16 وعدا من أصل 17 فى ملف الأمن، منها: عدم اعتماد مشروع التأمين الشامل على رجال الشرطة وتفعيل الخط الساخن للنجدة، ورصد أن الرئيس لم ينفذ سوى وعد واحد فى ملف المرور وجار تنفيذ وعدين آخرين من أصل 21 وعدا، وذكر الموقع أن ملف الخبز شهد عدم تنفيذ أى من الوعود ال13 التى وعد بها، وجار تنفيذ 6 من أصل 13، وفى ملف الوقود تم تنفيذ وعد واحد من أصل 5 وفقا لاستطلاع رأى مركز البصيرة. إحساس المواطن بتحسن الأمن يأتى فى مقدمة المجالات الخمسة، يليه التحسن فى المرور والتحسن فى التعامل مع القمامة، ثم توافر الخبز، وأخيرا توافر الوقود. ويتضح من نتائج هذا الاستطلاع أن التحسن فى الأمن يقل بين الإناث والشباب، والتحسن فى المرور وتوافر الخبز يقل فى الوجه القبلى، أما بالنسبة لمشكلة القمامة فقد قل الإحساس بالتحسن فى الحضر بصورة واضحة. صحيح أن الوضع فى مصر أكثر صعوبة من أى بلد ديمقراطى آخر حتى لو كان ناميا، بعد 30 عاما من التجريف والفساد، إلا أن معضلة وعود مرسى أن كثيراً منها غير قابل للتحقيق على عكس وعود الرؤساء فى الدول الديمقراطية؛ لذا فالمطلوب مراجعة وعود المائة اليوم والاعتراف بأن كثيراً منها لم يدرس الواقع جيداً؛ لأن جماعة الإخوان المسلمين التى صاغت هذه الوعود لم تكن لها خبرة سابقة فى إدارة شئون الدولة وفهم تعقيداتها الإدارية والسياسية، وأن كثيرا من الأفكار الحالمة والوعود الوردية التى قالها مرسى قبل الانتخابات لن يكون قادرا على تنفيذها. المطلوب أن نتعلم الدرس؛ فقد اعتادت المعارضة فى مصر بكل أطيافها أن تطرح أفكاراً محلقة فى الهواء الطلق ووعوداً مستحيلة التحقيق، وحان الوقت أن يعرف كل تيار وكل مرشح أنه من الوارد أن يصل للسلطة، فعليه أن يصوغ برنامجا قابلا للتحقيق ويدرس الواقع كما هو وليس كما يتمناه الرئيس وحزبه. أدعو الرئيس مرسى إلى أن يصارح الشعب المصرى بفشل وعود المائة اليوم، وذلك ليس بالضرورة بسبب سوء أدائه؛ فهذا أمر سيحسمه الشعب المصرى فى الانتخابات المقبلة بعد 3 سنوات و8 أشهر، إنما نتيجة أن هذه الوعود لم تدرس جيداً واعتمدت على تراث المعارضة فى الوعود الوردية أكثر منه تراث رجال الدولة الذين يعرفون أن كل حرف وكل إشارة أو تصرف له ثمن، وهذا ما يجب أن يتعلمه الجميع من درس المائة اليوم.