على مسافة تقرب من 60 كيلومتراً من قلب القاهرة، المدينة الصناعية بمدينة قويسنا بمحافظة المنوفية، ذهب فريق التحقيق فى جولة داخل أحد أكبر مصانع الدباغة فى مصر، الذى أسس على أحدث الطرق فى صناعة الدباغة. تختلف هذه المدبغة الكبرى عن كثير من المدابغ البدائية فى مصر، التى لا تزال تعمل بآلات قديمة وطرق تقليدية، ينقسم المصنع إلى عدة أقسام، كل قسم له مكانه الخاص، يتبع أبرز التقنية الحديثة والأيدى العاملة المدربة والاستعانة بالخبرات الأوروبية فى الصناعة. هشام جزر رئيس مجلس إدارة إحدى شركات تصدير الجلود، اصطحب فريق التحقيق ليكشف لنا عن أحدث وسائل دباغة الجلود، حيث أكد أن صناعة الجلود تعتمد على عدة عناصر مهمة؛ أولاً اختيار مكان مناسب ونظيف وواسع، وإدخال ميكنة حديثة للدباغة، وشدد «جزر» على أنه من الضرورى تطبيق معايير السلامة والأمان على العمال لمنع تعرضهم للمواد الضارة وحمايتهم، كما يتحتم اختيار مواد مسموح بها دولياً ومحلياً للالتزام بمعايير الجودة وحماية المستهلك والعامل من الأمراض. يتحدث رئيس الشركة عن خطورة استخدام الكيماويات قائلاً «لو عايز تطلع جلد رخيص فتستورد كيماويات رخيصة من الصين، لأن هناك فارقاً كبيراً فى السعر بين الكيماويات المستوردة من الصين والمستوردة من دول أوروبا، وبالرغم من ذلك الصين تعتبر من أكبر الدول المنتجة للمصنوعات الجلدية فى العالم، ولكن لا تستطيع أن تصدر لأوروبا منتجات مخالفة للمواصفات أو بها مواد محظورة». وأضاف متحدثاً عن الشحنات التى ترفضها الدول الأوروبية من المصدرين المصريين أو غيرهم؛ بسبب المواد المحظور استخدامها قائلاً: «هناك مواد محظورة دولياً لأنها تصيب بالأمراض، وهذا يعنى أنه لا يمكن استخدامها فى صناعة دباغة الجلود، لأنه فى حالة استخدامها وتم تحليل عينات من الجلود وتم اكتشاف مادة الكروم السداسى، يتم رفض المنتج المصدر إلى الدول الأوروبية وإعادته لمصدر تصديره، وقد يتطلب الوضع دفع تعويض بسبب عدم التزام المصدر بمعايير الجودة، فممنوع استخدامه نهائياً بأى نسبة من الكروم السداسى». ويستكمل: «يستورد المصنع المواد الكيميائية التى يستخدمها فى الدباغة من ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والبرازيل، ولا يتم استيراد أى مواد من الصين أو الهند، نظراً لسوء سمعة هذه المواد». ويوضح أن صناعة الدباغة تعتمد أيضاً على مواد أخرى يتم استيرادها من الخارج، مثل الإيزابون، وهذه مادة يتم استيرادها من ألمانيا ومسموح بها من قبَل المستوردين، حيث يتم استخدامها فى تنظيف الجلد من الأتربة، موضحاً أن المصنع لا يستخدم مواد محلية سوى مواد قليلة جداً مثل «الجير والصودا آش»، مؤكداً فى حديثه: «الجلد يدخل فيه من حوالى 60 إلى 70 مادة كيماوية، فمن الممكن أن إحدى المواد المستخدمة من كل هذه المواد قد تكون هى السبب فى حدوث مشكلة، وقتها مش هكون عارف إن دى السبب فى المشكلة، لأن الجلد بيكون خرج منتج خلاص، لذلك يجب أن يكون الاستيراد من شركات موثوق فيها جداً ومعروفة عالمياً». وأوضح أن حجم إنتاج دباغة الجلود فى مصر من 50% إلى 60% لمدابغ مصر القديمة، ومدابغ إسكندرية والأقاليم وقويسنا من 40% إلى 45% من حجم الإنتاج. وأشار إلى أن وصول منتج سليم للمستهلك ليس أمراً سهلاً، فيجب أن يخرج المصنع للمستهلك منتجاً بالمواصفات الصحية والبيئية والجودة المناسبة، وهذا يتطلب تفعيل دور الجهات الرقابية الحكومية المتخصصة والمعامل المتخصصة، عند حدوث رقابة من الرقابة الصناعية، فى أنها تأخذ عينات من الأحذية المستوردة والمحلية، وتتم مطابقتها بالمواصفات المصرية، على أن يتم عمل تحليل للحذاء، وعند اكتشاف مواد خطرة على صحة الإنسان، لا بد أن توقف هذا المنتج، أو توقف تصنيع هذا النوع من الجلد، فالرقابة يجب أن يكون لها دور فعال، ومعرفة أسباب الناتج عن ارتداء الحذاء، من الممكن أن يكون السبب فى دباغة الجلد، بسبب مواد دخلت فى الصناعة، والرقابة عليها أن تتابع مدى اتباع المصنع للمواصفات القياسية للدباغة.