صناعة الجلود من الصناعات المصرية العتيقة ذات السمعة الجيدة في الداخل والخارج لكنها تراجعت وتشتت في أماكن مختلفة من مصر وأصبحت تفتقر إلي وجود مدن صناعية تحميها وتساهم في تطويرها انصرف عنها الاسطوات وسيطر الكبار علي السوق فصدروا الجلد الخام واستوردوا الصيني. هذا ما يؤكده عاطف فوزي صاحب احدي المدابغ بمنطقة عين الصيرة قائلاً إن دباغة الجلود دخلت منطقة الركود منذ أكثر من عشر سنوات ولكن الأزمة تزايدت في الثلاث سنوات الأخيرة بعد قرار وقف التصدير وفتح باب الاستيراد فالمنتج المستورد المصنوع من البودرة والرش ولا يتجاوز سعره 20جنيها لابد أن يسحب السوق من الجلد الطبيعي الذي تبدأ اسعاره من 100 جنيه وارتفاع أسعار الذبائح رفع سعر الجلد الخام فمات المحلي وانتشر الاسكاي والمشمعات المستوردة رخيصة الثمن. عمرو راضي متخصص في دبغ الجلود .. يضيف مشاكلنا تتلخص في أمرين الأول الأحذية المستوردة الرديئة المهربة من الخارج والتي لا يدفع فيها جمارك ولا ضريبة مبيعات بالإضافة إلي أنها غير مطابقة للمواصفات والثاني تصدير الجلد الخام في مرحلته الأولي وهو الجلد الجيد أما الجلد الردئ فيظل من نصيبنا نحن المصنعين وكل ما ننادي به أن تكون هناك منافسة شريفة بين المنتج المحلي والمستورد ونحن قادرون علي منافسة المستورد. عبدالحليم علي عامل بمدبغة يقول السبب الأساسي وراء انهيار صناعة الجلود في مصر المنتجات الرديئة التي تغمر السوق المصري من الصين وباكستان دون رقابة ودون جمارك وتنافس منتجاتنا وتأتي في الغالب بطرق غير مشروعة بل وغير مطابقة للمواصفات العالمية ولا المحلية فمنذ حوالي شهر دخل 500 حذاء مصنع من مواد سامة عن طريق الميناء وقد تم التحفظ علي الكونتر بالكامل ولكننا سمعنا بعد ذلك أنه تم الافراج عن الشحنة وتداولها داخل السوق المصرية ويضيف يجب أن تكون هناك حماية أكثر للمنتجات الجلدية المصرية. عواد علي يري أن أهم ما تفتقر إليه صناعة الجلود في مصر هو ادخال التكنولوجيا الحديثة هذا بخلاف أننا نقوم باستيراد المواد الخام المستخدمة في جميع مراحل الدباغة والتي تبدأ بالتمليح وتسييح الشعر بمياه النار ثم مرحلة خف العيار حسب صناعة الجلد رجالي أو حريمي ومادة الكروم المستخدمة في تغير اللون والمادة التي تحول برد الجلد إلي الغراء والجيلاتينا التي تستخدم في انتاج الملبن من الجلد. وبلهجة غاضبة يؤكد وليد محمد أحد العاملين نحن حوالي 73 مدبغة بمنطقة مجري العيون نعمل منذ عشرات السنين جيل يسلم جيل حياتنا مرتبطة بهذا المكان من مسكن ومعيشة ومدارس وأيضاً من المجازر نفاجأ بقرارات تصدر لنقلنا إلي منطقة صحراوية بعيدة جداً تسمي الروبيكي تفتقر إلي المواصلات والخدمات الكثير من المدابغ الآن متوقفة بسبب الحالة الاقتصادية التي تمر بها البلاد بالإضافة إلي قلة العمالة المدربة وعدم التأمين عليهم فنحن مع التطوير ولكن ليس علي حساب العامل البسيط. الوايت بلو محمد السيد يقول في الماضي كانت صناعتنا متميزة وكنا نصدر لكثير من الدول الأوروبية منها روسيا والدول الاسيوية والآن أصبحنا نصدر الوايت بلو وهو الجلد الخام ونعتمد علي الجلد المستورد وذلك لتضارب القرارات بين الصناع والتجار والمستوردين مع المسئولين فمرة نسمع علي وقف التصدير وعن ضم غرفة الدباغة مع الجلود واخري عن نقلنا لمدينة صناعية متكاملة لتنشيط الصناعة ومنافستها للمستورد ولكن كل هذا علي الورق فقط ولم يتم تنفيذ أي قرار منهم بسبب تحكم كبار الصناع في اتخاذ القرار كل حسب مصلحته الشخصية. ممدوح ثابت رئيس شعبة أصحاب المدابغ وتجار الجلود الخام يري أن الحل ليس في ضم الدباغة مع الجلود بل كيف تكون غرفة صناعة الجلود الحكم والخصم في وقت واحد تنفرد باتخاذ جميع القرارات بالحل الأمثل هو وجود لجنة تشترك فيها جميع الأجهزة المعنية من غرفة صناعة الجلود والدباغة والشعب المختلفة لصناع وتجار الجلود والأحذية والهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات والجمارك والمجلس التصديري لوضع بروتوكول ينهض بالصناعة مع وجود رقابة صارمة علي الصناعة والتصدير والاستيراد وأيضاً الانتهاء من مشروع 100 مصنع بالعاشر من رمضان ومدينة الروبيكي لنقل دباغة الجلود هناك بدلاً من سور مجري العيون الذي أصبح الآن مكاناً عشوائياً لا يصلح للدباغة وتهالك البنية التحتية وعدم معالجة الصرف الصحي به وأخيراً لابد من اقامة المعارض داخليا وخارجياً لتسويق منتجاتنا مع وقف الاستيراد ولو لفترة مؤقتة.