أفنى عمره كله فى العزف على الربابة، حتى تحولت حياته إلى ما يشبه اللحن الحزين، بخطوات بطيئة يسير جاد الرب خلف، ممسكاً بربابته التى لا تفارقه، شاكياً الآلام الشديدة التى أصابت قدميه من كثرة السير عليهما، لكنه لا يعبأ بذلك ويواصل السير لمسافات طويلة عازفاً على ربابته وشاكياً همه على ألحانها الحزينة. سنوات طويلة لم تتوقف يدا «جاد الرب» عن العزف، فالرجل السبعينى يعمل عازف ربابة منذ أكثر من 60 عاماً، ومن وقتها لم يتركها حتى أصبحت رفيقته الوحيدة فى الحياة: «أنا مواليد 1946، من وأنا عيل صغير بلف على رجلى، وأعزف ربابة، بدأت من بلدى بنى سويف، وبعدها انتقلت إلى القاهرة». جاب «جاد» مع ربابته كل محافظات مصر، ورغم أن ما يحققه من مكسب قليل فإنه متمسك بها: «صنعة فى الإيد تغنى عن الفقر، أحسن ما أمد إيدى للحرام، هفضل كده ألف على رجلى لحد ما أموت». مؤكداً أنه سيظل يعمل بالربابة ما دام قادراً على العمل وما زال باقياً على قيد الحياة. «الربابة دى فن، وإبداع، ومش أى حد يفهمها، لكن مش عايز ولادى يطلعوا زيى، لأنى تعبان من اللف، ومارضاش إنهم يتعبوا زيى»، قالها «جاد» مؤكداً أنه صرف على تعليم أولاده ال6 من الربابة، وهدفه هو إكمال دراستهم وتعليمهم، مهما كلفه الأمر من صعاب. يعشق الرجل السبعينى، سماع وردة، وأم كلثوم، «بحب الأغانى كلها، القديم والجديد، وكله بجيبه على الربابة، وفلكلور كمان، وبألف ألحان مع نفسى»، قالها «جاد» أثناء عزفه على الربابة فى أحد شوارع منطقة التجمع الخامس: «أنا راجل كبير، عمرى 70 سنة، رجلى بتوجعنى من المشى، لكن ربنا بيقوينى، وكل ما أكبر فى السن كل ماهروح مكان جديد»، متمنياً أن يسمع الناس الربابة منه، فهو عاشق لها منذ أن كان طفلاً.