«محدش لا مؤاخذة يقدر يقلعنا البنطلون».. هكذا دافع الرجل ذو الصدر المنفوخ عن نفسه، مؤكداً أن «البنطلون اتقلع لوحده»، وأن ساحة الجامعة ليست كساحة الشارع يمارس فيها «التعليم فى الوش اللى مفيهوش معلش»، إذن ما الذى أراده الإخوان من إسقاط بنطلون «فالكون»؟ هل فى هذا كسرة لها؟ البنطلون كما يسقط يمكن أن يرتفع «عادى يعنى»، ولماذا تم تلخيص الأمر فى «فالكون لابسة بنطلونها ولّا انتزع منها»؟ فى إشارة رخيصة ومهينة لأى رجل، فما بالنا بالرجال الذين تستعرضهم الشركة الخاصة أمام الجامعات، طول أحدهم لا يقل عن 170 سم أما العرض فلا حصر له، أما المجانص فهى بالكيلو، وهل فى سقوط البنطلون سقوط لهيبة الدولة؟ الأسئلة لا حصر لها، أمام إجابات محدودة، قرر مسئولو الشركة الانتشار فى هواء البرامج المسائية للرد عليها، النفى كل النفى لشائعة «قلع البنطلون»، والتأكيد كل التأكيد على مهنية الشركة واحترافيتها وكونها المصنفة الأولى مصرياً والحائزة على الأيزو رقم 9 آلاف وحاجة، وتفاصيل كثيرة يحسبها الظمآن ماء، وهى فى الأصل «سراب». ما قاله العضو المنتدب للشركة الأمنية الفظيعة إن دل على شىء فإنما يدل على أن «المصرى معروف بقوته وجبروته»، ف«المنافيخ» المنتشرون على أبواب الجامعات الحاصلون على أعلى تصنيف أمنى لم يستطيعوا صد غارة من طلبة بالجامعة، بضعة رعاع ممن تغذوا على التونة المسممة فى المدينة الجامعية، من أكلوا الفول بصراصيره، والفراخ، إن وُجدت، بدمها، والعيش برمله وحصاه، ليهزم الفأرُ الأسد، ويجول فى الغابة يلوك سيرته الشجاعة. إن الأمر برمته ليبدو مزحة، نعم أراه هكذا، الدولة تمزح، تمنح الطلبة ما يسلون به أنفسهم فى ساعات الدراسة الطويلة، لتحل «فالكون» محل الحرس الجامعى، فقد جرى العرف على أنه لا يستقيم العام الدراسى دون معركة بين الأمن والطلبة.. الشركة أيضاً تمزح، فكل الاستعدادات التى أعلنتها على مدار الأيام القليلة الماضية، تحطمت على صخرة «كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله»، وباتت الأجهزة والمعدات، وحتى الملابس والبنطلونات، غنائم حرب فاز فيها فئران الجامعة على أسود «فالكون».. الطلبة أيضاً يمزحون، فالغارة التى شنوها على وحوش الشركة الأمنية جل غرضها هو إثبات القوى الحقيقية، وأنه «لا مؤاخذة مش بالصدر المنفوخ ولا الدراع اللى شبه الورك»، إثبات حضور لطالب الجامعة صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، الذى لو أرادها حرباً فسيدير رحاها، ولو أرادها سلاماً فلن يذهب إلى الجامعة من الأساس. وعليه، أقر أنا وأعترف: أننى خُدعت فى الحكومة، ظننتها تعى ما ترمى إليه بتأجير شركة أمن خاصة للتعامل مع شباب فى سن التهور، أننى خُدعت فى المجانص، ظننتها دليل قوة وبأس فإذا بها «ربنا يستر على ولايانا»، خُدعت فى الطلبة، ظننته عاماً جديداً سيحولون فيه الجامعة إلى مصنع إنتاج طاقات بعد ثورتين أتيتا على الأخضر واليابس فى هذا البلد، فإذا بهم لا يخيبون الظن، حولوها منذ يومها الأول إلى مصنع إنتاج طاقات تخريب. لا أملك هنا سوى إسداء النصح للأطراف الثلاثة: لا بد أن تعى فى معركة البقاء أن الطالب ثابت، وما عداه هو المتغير.. من رئيس الحكومة لرئيس الجامعة لرئيس «فالكون».