يقول إريك تراغر وجانفى برنهارد فى مقالٍ مشترك بعنوان: «هل جماعة الإخوان فى ورطة؟»، نشر على «الفورين إفيرز» خلال سبتمبر الماضى: «قطر، التى دعمت رئاسة مرسى بقوة ومنحت العديد من شخصيات الجماعة اللجوء السياسى عندما تمت الإطاحة بمرسى، استجابت مؤخراً لضغوط الدول الخليجية المجاورة والمعادية ل«الإخوان» وطلبت من كبار قادة «الجماعة» مغادرة الدوحة. (ويبقى أن نرى ما إذا كانت قطر ستعدّل من افتتاحية شبكة الجزيرة المؤيدة ل«الإخوان»، أو ستوقف تمويل مختلف وسائل الإعلام الأخرى الموالية ل«الجماعة»، والتى يقوم العديد منها بتوظيف أعضاء «الإخوان المسلمين» فى المنفى)» ويواصلان: أما تركيا، التى تحتضن مركز قناة «رابعة» والفضائيات التابعة ل«الجماعة»، فتُعتبر فى الوقت الراهن الملاذ الوحيد الموثوق به ل«الإخوان المسلمين»». فما الذى يجمع قطروتركيا والإخوان؟ فى اليوم الذى كانت دُفعة أولى من الإخوان تسافر إلى تركيا، كان رجب طيب أردوغان يطير إلى قطر، وأعلنت لقاءاته المشتركة مع القيادة القطرية عن حزمة من المشاريع المشتركة والتمويل، ولكنّ إصراراً غريباً كان لتسمية «مجلس التعاون التركى القطرى المشترك» وإعلان أنه حقق نجاحات، ولا يخلو الإعلان من محاولة لإيصال رسالة، بأنّ هناك خيارات يمكن أن تواجه بها الدوحة عزلتها، تتمثل فى تركيا، التى توحى للجميع بأنها قادرة على حماية قطر ولكن من ماذا، وبأى ثمن؟ خلال اجتماعات الأممالمتحدة؛ ظهر تواطؤ قطرى تركى واضح على مصر، ويتجه فى خلاصته لدعم الإخوان المسلمين، فما الذى تريده تركيا من قطر، وما الذى تريده قطر من تركيا؛ ربما لا نملك المعطيات الكافية التى يتاح عرضها على الملأ الآن ولكنها لا تختلف عن معطيات تاريخية سبق وأن عايشها الجميع، ويتذكرها من يعرف تاريخ الخليج. قبل نحو مائة وخمسين عاماً، كانت قطر تمثل أحد توابع آل خليفة وجزءاً من البحرين، ولكنها لم تكن نسيجاً متجانساً، فقد كانت مأوى لكل الهاربين «والإرهابيين» من سلطة حكامهم فى إمارات الخليج حينها، وللأسف فقد كانت أفعالهم «الإرهابية» من قرصنة وسطوٍ وسرقة وتهرّب من الديون تتسبب بالأذى لشيوخهم الحقيقيين وأتباعهم فى المشايخ الخليجية الأخرى، لذلك اضطرت أكثر من إمارة إلى إجراءات تأديبية لردع الهاربين ومنع القطريين من تدعيم التمرّد والإرهاب وشرعنة «المسالك» الإرهابية، ولكن بريطانيا -يومها- لم تكن تريد أيّة حروب داخلية، فتدخلت فى محاولة لتأمين الأمن البحرى على الخليج ومنع القلاقل، الأمر الذى منح قطر حصانة، من هجوم الآخرين، وجرّأهم بقيادة آل ثان للخروج عن طاعة آل خليفة والتمرّد، ولكن الحصانة الكاملة كانت تقتضى أن يستمروا بدفع زكاتهم وجزيتهم لآل خليفة، ولم يتمكنوا من التوقف عن ذلك إلا بعد أن استدعى قاسم بن محمد بن ثانى، الأتراك ومنحهم الولاء، وسهل لهم الإقامة فى الدوحة، والجدير بالذكر أنه لقاء ذلك تمّ تعيينه قائم مقام لقطر التى كانت تتبع لسنجق الأحساء، وكان متحمساً لبذل الولاء لها، بشكل براجماتى نفعى، وصار يحتمى باسم الأتراك من جيرانه العرب، وحينما ينهزم الأتراك يهرع إلى بريطانيا ويعلن تمسكه بالاتفاقيات التى أبرمت معه. إذن، هربت قطر قديماً من البحرين بالاعتماد على بريطانياوتركيا، واستغلت الهاربين من بلدانهم، واليوم تعود الكرّة مرة أخرى، فآوت قطر الإرهابيين الهاربين من بلدانهم، وهى تحاول استغلالهم كسلاح ناعم، تماماً كما تحاول استغلال قناة الجزيرة، ولكن هذه الأسلحة من شأنها دوماً أن ترتد عليها، فجرّ استغلال الإخوان على قطر ليس سخط دول الخليج فقط، بل حتى الاتهام بالإرهاب، فأضحت، كما يقول «لورى بلوتكين بوغارت» متهمة بالإرهاب، فيقول لورى فى مقال فى معهد واشنطن خلال أغسطس الماضى: «ترى الولاياتالمتحدة فى حليفتها المقرّبة قطر بؤرةً لتمويل الإرهاب، إلى حد أن واشنطن وصفت هذه الدولة الخليجية الصغيرة بأنها بيئة متساهلة مع تمويل الجماعات الإرهابية»، وعادت الموازنات مرة أخرى، فقطر تريد استخدام الإخوان والإرهابيين كوجدى غنيم وعاصم عبدالماجد، ولكن دون أن يفسد ذلك علاقتها بأمريكا! إن تسجيلاً صوتياً سرّب قبل فترة يدل على أنّ قيادة قطر، تحسب الأمور بنظرة تاريخية مبنية على اجتراره فى المواجهات، فالالتجاء لتركيا يحقق لها حماية تتذكرها، وقبل أن نفضى بالجواب، ماذا تريد قطر من تركيا، وتركيا من قطر، نقول ما تقوم به قطر تجاه الخليج، وتجاه مصر، هو ضد الجغرافيا، فلا يمكن لها أن تستقوى بتركيا على دول مجلس التعاون، لأن الزمان غير الزمان والمعطيات اختلفت. أما جواب سؤالنا أعلاه، فإن قطر تريد من تركيا أن تحميها (وورقتها الإخوانية) من الخليج، وتركيا تريد أن تتوسع وتصبح قائدة الإسلام السنى، وبرضوخ قطر والإخوان تظن أنها تستطيع فعل ذلك. وللحديث بقية وتفصيل!