تسبب كتاب «التاريخ» للصف الثالث الثانوى فى أزمة حادة بين وزارة التربية والتعليم وحزب النور السلفى، بسبب ما جاء فى الكتاب نصاً، بصرف النظر عن ركاكة الصياغة: «تصدرت الجماعات الإسلامية المشهد، وأظهروا أنفسهم أمام الناس بأنهم مفجرو الثورة، وساعد على صعودهم والسماح لهم بتكوين أحزاب سياسية مثل الحرية والعدالة وحزب النور وحزب الإصلاح رغم مخالفة ذلك الدستور، وللمادة 8 من قانون الأحزاب التى تحظر قيام أحزاب على أسس دينية بشكل مباشر أو غير مباشر، وبدأ التيار الإسلامى يتفوق على ما عداه من التيارات السياسية الأخرى التى تعبر عن المجتمع المدنى». المعركة التى نشبت بين «التعليم» و«النور» تطورت إلى جدال سياسى، إذ أصدر الحزب بيانًا شديد اللهجة أمس الأول، استنكر فيه «قيام لجنة وضع كتاب التاريخ للصف الثالث الثانوى بوصف الحزب بأنه مخالف للدستور والقانون»، مطالباً بتدخل المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، للتحقيق مع «المتسببين فى ذلك». وبلغ هجوم «النور» على لجنة تأليف الكتاب مداه، عندما قال إنه «ليس من حق الوزارة ولا من صلاحياتها الحكم على شرعية الأحزاب من عدمه»، وأنه «فى الوقت الذى تؤكد الحكومة فيه أن يكون التعليم بمنأى عن السياسة نرى هذه اللجنة تنحاز إلى الأحزاب التى يطلق عليها المدنية». محذراً من أن «وجود هذا الكلام فى كتاب التاريخ سيزيد حالة الاحتقان والانقسام المجتمعى». ولم تصمت الوزارة إزاء اتهامات الحزب، بل ردت على لسان الوزير الدكتور محمود أبوالنصر، الذى قال ل«الوطن»، موجها كلامه للحزب: «راجعوا أولاً الدستور قبل أن تصدروا بياناً حول الكتاب». وكانت المفاجأة التى كشفها مصدر مسئول بالوزارة، ل«الوطن»، أن الذى تولى مهمة تأليف الجزء الخاص بثورتى 25 يناير و30 يونيو، هو الشخص نفسه الذى وضع الجزء الخاص بانتصارات 6 أكتوبر فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك. وأضاف المصدر أن هذا الشخص يبلغ من العمر 85 عاماً، وأنه قبل أن يُسند تأليف هذا الجزء من الكتاب له، استقبله الوزير فى مكتبه، حيث تعهد المؤلف بالمشاركة فى تأليف الكتاب مجاناً. وبدأ تحديث كتاب التاريخ هذا العام عندما عزمت الوزارة على تجديد محتواه الذى توقف عند انتصارات 6 أكتوبر، واستندت فى ذلك إلى قرار وزارى جاء ضمن مواده مادة تنص على أنه «يحظر تحديث أى كتاب إلا من خلال المؤلف الأصلى له، إذا كان على قيد الحياة، وإذا توفى، يتم تشكيل لجنة لإعادة تحديث الكتاب وتأليفه». ووقتها أجرت الوزارة اتصالاً بمؤلف الكتاب الأصلى، وتبين أنه على قيد الحياة، وعمره 85 عاماً، فطلب «أبوالنصر» منه تحديث الكتاب، بما يتماشى مع الأحداث السياسية التى وقعت فى مصر خلال الأعوام الأخيرة. وحسب مصدر مسئول بالوزارة، فإنه «تم تحديث الكتاب وفقاً لحقائق حدثت فى مصر، منذ قيام ثورة 25 يناير حتى تنصيب عبدالفتاح السيسى رئيساً للجمهورية، وبدأت الأحداث التى ذكرها المؤلف فى الكتاب بتأكيده أن هناك جماعات إسلامية طفت على السطح وأظهرت نفسها على أنها هى التى فجرت ثورة 25 يناير، ومن بينها أحزاب مخالفة للدستور مثل الحرية والعدالة والنور والإصلاح، ولكن كانت عبارة (مخالفة للدستور) هى شرارة الأزمة التى تفجرت بين حزب النور والوزارة، لدرجة وصلت إلى تهديد الحزب برفع دعوى قضائية ضد الوزارة بسبب هذه العبارة». من ناحية أخرى، طالب حزب النور بمحاكمة الدكتور محمود أبوالنصر، وزير التربية والتعليم، بعد وصف الحزب فى الكتب الدراسية بالمخالف للدستور. وقال الدكتور يونس مخيون، رئيس «النور»، فى تصريحات، مساء أمس الأول، إن ما جاء فى كتاب التاريخ للصف الثالث الثانوى، القسم الأدبى، عن أن الحزب مخالف للدستور ما هو إلا تزوير واضح وكامل للأحداث والحقائق، يسأل عنه وزير التعليم، لافتاً إلى أن اللجنة التى وضعت الكتاب ضمت 5 متخصصين لهم أفكار وأيديولوجيات تختلف تماماً مع الحزب، وبعضهم معادٍ ل«النور». وأضاف: «الكتاب اتهم النور بأنه محسوب على التيارات الإسلامية، مثل الحرية والعدالة والإصلاح، بينما الحزب قائم بشكل رسمى، ويتعامل مع كافة مؤسسات الدولة، ويتواصل مع الجميع، بمن فيهم الرئيس عبدالفتاح السيسى، ورئيس الحكومة، والوزارات، والمحافظون، وكافة المؤسسات، الأمر الذى يمثل تناقضاً واضحاً وصريحاً»، مشيراً إلى أن ما حدث من اللجنة يؤكد أنها «مسيسة» وغير محايدة، وزورت التاريخ.