لم يمنعه فقره من الذهاب فرحاً إلى مدرسته فى اليوم الأول لبدء الدراسة، اليوم الذى ينتظره منذ شهور. أخرج من دولابه القديم قميصاً و«بنطلوناً»، يحفظهما للمناسبات الخاصة فقط. استنشق هواء قريته بمحافظة الأقصر النقى، وقصد المدرسة، وعلى بابها انكسرت الابتسامة واستبدل بالضحك الدموع بعد أن طلبت منه الإخصائية الاجتماعية استبدال «البنطلون» المخالف للزى المدرسى الموحّد، ثم عنفه مدير المدرسة بقسوة وطالبه بالوقوف فى الصفوف الأخيرة، حتى لا يراه ضيوف المدرسة، الذين يرافقون المحافظ فى افتتاحه للمدرسة، فجلس يوسف حجاج (15 عاماً)، الطالب بالصف الثانى الإعدادى، باكياً واضعاً يده على خده لمسح دموعه التى انهمرت بغزارة، بعدما اغتال مسئولون تربيون فرحته باليوم الأول للمدرسة. قال الطالب، وهو يبكى، ل«الوطن»: «أبويا شغال فى جامع بالبلد، وصحيت بعد الفجر لبست هدومى وجيت على المدرسة قبل الساعة 7 الصبح، وشافتنى الإخصائية الاجتماعية، قالت لى روح غيّر البنطلون ده دلوقتى». ويستطرد، وعيناه مملوءتان بالدموع: «سمعت كلامها ورجعت البيت ولبست بنطلون تانى لقيته فى الدولاب، وجيت المدرسة تانى، لكن قابلتنى الإخصائية على الباب، وقالت لى برضو الزى مش مناسب ومش حينفع تدخل». وعقب افتتاح المدرسة، أخبر أحد المرافقين المحافظ بالواقعة، فذهب للطالب وأعطاه هدية عبارة عن مجموعة من الأدوات المدرسية، وأكد أنه سيوفر له زياً مناسباً.