عن شباب ثار على الظلم والقهر وسرقة الوطن أتحدث، عمّن وقفوا فى وجه ميليشيات «مرسى» وزبانية المرشد أكتب اليوم، عمّن تصدّوا بصدورهم العارية لرجال خيرت الشاطر، هذه السطور اُهدى، عمّن لم يجدوا سوى هتاف الحناجر والاعتصام (والجبنة النستو يا معفنين)، أمام الاتحادية بعد إعلان المرشد اللادستورى، حتى سقوط حكمهم الظلامى أروى اليوم، عمّن ضُربوا وحُبسوا وقُطعت أرزاقُهم فى عهد حفنة من الخونة والمأجورين والإرهابيين أحكى اليوم. لن أقول أسماءً، بل سوف أُذّكِرُ العزيزَ القارئ بأن هناك من يطلق عليهم (الكتلة الحرجة) التى هى فى الأساس الطليعة الثورية فى أى مجتمع، والتى لا أدعى هنا أنها بلا أخطاء، لكنهم يرون المثالية فى أهداف الثورة حقاً، وأنه لا سقف لطموحات مطالبهم الشعبية للفقراء والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وكلها بالأساس حصيلة ونتاج الحرية، يرون أنهم لم يخافوا من أنظمة سابقة، فكيف يتم حبسهم الآن بعد ثورتين؟ ربما كان خطابهم الثورى بلا انقطاع هو الأداة التى استخدمتها ضدهم بعض أبواق الإعلام ممن يطلقون على أنفسهم بكل فخر (مخبرين)، وهو ما كان سبباً فى فقدان الشباب للظهير الشعبى، لكن لا شك أن ماكينة التشويه الإعلامى التى طالت حتى محادثاتهم الهاتفية وخصوصياتهم، لدرجة نشر فيديو جلسة عائلية فى عيد ميلاد أحدهم فى حضرة منصة قضائية! أذكر العزيز القارئ أن هذه الكتلة الحرجة هى التى ألهبت مشاعر حزب الكنبة، هى التى كانت تنام بالشارع فى الخيام وتتحمل هجوم ميليشيات «بديع» (وش الفجر)، وقت أن يرحل جميع من شاركوا فى المليونيات! لا داعى لمزايدات البعض هنا من مؤيدى نظام أسبق، سقط ولن يعود، أراها كل يوم حين نتحدث عن حقوق الإنسان والحرية للمحبوسين على ذمة قانون تظاهر معيب، لا يفرق بين من يُفجّر خط الغاز، ومن يُمسك بلافتة اعتراض على قانون! وهناك من يدّعى حب القانون حد الموت ويقول إنهم شباب خالفوا القانون! وأقول لهم: فى أى دولة محترمة يتم إقرار قانون فى غياب المشرع الأول (مجلس الشعب)؟ ثم إنكم صغتم هذا القانون ليتم تطبيقه على الإخوان، فكان أول من اصطلى بناره حفنةٌ من الشباب السلمى المنتمى إلى ثورتى «25 و30»! الفاشية الشعبية والاستقطاب الحاد ولغة القطيع وتشويه الناس واختراق الخصوصية، هى كلها مهنة بعض إعلاميى نظام أسبق، لا هم لهم إلا تصفية الحسابات من ثورة 25 يناير، وهنا سنظل ندافع عن ثورة شعب، مهما حاولتم مسخها بأموالكم وأراجوزاتٍ سقطت الأقنعةُ عن وجوههم، فظهروا قمةً فى القباحة والوقاحة معاً. تعديل قانون التظاهر أصبح ضرورة ملحة، فضلاً عن الإفراج عن شباب محبوسين احتياطياً بلا جريمة سوى الاعتراض على قانون معيب، فليس من المعقول أن يظل شباب -قاوموا «مرسى» وزبانية المرشد- شهراً وأكثر فى معركة الأمعاء الخاوية، فيسقطون مرضى دون أن يلتفت إليهم أحد، خصوصاً بعد الإفراج عن «علاء» ورفاقه فى قضية مجلس الشورى، ثم تنحى قضاة المحكمة! صحيح أنه من حق القاضى أن يتنحى استشعاراً للحرج، لكن فى قراءة سريعة لدواعى تنحى القضاة هنا، يتراءى لنا عدة أسباب، أولها أنه ربما إذاعة الشريط الخاص بجلسة عيد ميلاد علاء العائلية ورقص زوجته فى بيتهما بين أهلهما، وهو ما كان على اللاب توب الخاص به، مما جعل الموقف يبدو هزلياً بلا أدنى احترام للخصوصية العائلية فى المحكمة! أو ربما لشعور القضاة بالذنب لأنهم رفضوا إخلاء سبيل «علاء» ليقضى أيام أبيه الأخيرة معه، فرحل الأب قهراً، أو ربما لم يجد القضاة سبباً أصلاً لاستمرار حبسهم، فأطلقوا سراحهم وتنحوا عن القضية، على طريقة: ألا هل بلغت اللهم فاشهد. فهل من الضرورى أن ننتظر حتى يموت والد كل متهم محبوس احتياطياً قهراً على نجله، حتى تتنحى المحكمة ويُخلى سبيلُ النشطاء؟!.. وللحديث بقية.