سيمفونية القلم والريشة، أبدعتها أوتار قيثارة واحدة.. منذ أقل من شهر سمعناها أحادية العزف بوفاة الفنان مصطفى حسين رسام الكاريكاتير الشهير.. واليوم، توقفت أنغام اللحن العزب، بعد أن رحل عن دنيانا الكاتب الصحفي الكبير، صاحب باب "نص كلمة"، الساخر أحمد رجب، عن عمر يناهز ال"86" من عمر بعد صراع مع المرض. الأم هي الأكثر وجعًا من فراق أبنائها، ولعل "أخبار اليوم" التي فقدت، اليوم، ابنًا ثانيًا من أنجب من أنجبت هي الأكثر حسرة، ففي 16 أغسطس الماضي سكنت ريشة رسام الكاريكاتير مصطفى حسين عن الحركة للأبد، بعد معاناة مع المرض، هدئت روحه في نهاية صراعهما عن عمر 79 عاما، واليوم قبل شهر من وفاة "حسين" لحق به رفيق دربه في بلاط صاحبة الجلالة الكاتب الساخر أحمد رجب، بعد رحلة مطولة مع المرض أيضًا. ثنائي مثالي شكلاه الاثنان معًا، أحدهما يكتب والثاني يلون بريشته أفكار صديقه ببراعة متناهية، جعلت منهما رائدان في منطقة لا ينافسهما فيها كثيرون، وعلى مدار سنوات عدة، كانا فيها صوتًا للبسطاء، نقلا فيها معاناتهم للمسؤولين، رسالة حملاها على أكتافهما، فأبدعا خلالها ما لا يقل عن ثماني شخصيات كاريكاتيرية، "كمبورة" المستغل للفقراء لتحقيق مصالح شخصية، و"فلاح كفر الهنادوة" الذي طالما شكا المعاناة للمسؤولين، و"عبده مشتاق" وغمار رحلته إلى السلطة، و"مطرب الأخبار" وغفلته، و"الكحيت" و"الأليت" وتفاخرهما، و"عباس العرسة" الوصولي، و"علي كوماندا" لسان السلطة، وشخصيات أخرى شملت المصري بكل طباعه وصفاته، وحملت على لسانها معاناته. كانت أعمال رجب وحسين توقفت لفترة بعد خلاف بينهما، إلا أنهما رجعا ثانية يشكلان نفس الثنائي البارع على صفحات "أخبار اليوم"، ولكن وفاة حسين أوقفت إبداعهما مرة ثانية، لينتهي مشوار الإبداع الذي بدأه نهائيًا ويتحول إلى سيرة بوفاة رجب اليوم، ولكن تبقى شخصياتهما خلفاء لسيرتهما، يشهدون على رسالتهما لرسم واقع المواطن "الغلبان"، وإيصال صوته للمسؤولين.