اجتماعات مجلس حقوق الإنسان فى المقر الأوروبى بجنيف فرصة للتعرف على حالة حقوق الإنسان فى العالم حيث يتم التركيز دائماً على أكثر انتهاكات حقوق الإنسان فظاعة والآليات التى يجب على المجتمع الدولى اتباعها لمواجهة هذه الانتهاكات، والشك فى أن الأوضاع فى سوريا والعراق وتطورات تنظيم داعش فى البلدين، وما يقوم به من أعمال قتل وتطهير عرقى وإجراءات وجرائم عنصرية ضد الأقليات الأزيدية والمرأة والمسيحيين تأخذ اهتماماً من المجتمع الدولى باعتبارها الانتهاكات الأكبر جسامة لحقوق الإنسان، لكن أيضاً سجل الدول وتطورات حالة حقوق الإنسان تأخذ اهتماماً متزايداً، لا سيما أن هناك على جدول الأعمال قضايا حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية تطرح للنقاش. وتلعب المنظمات غير الحكومية دوراً متصاعداً فى التأثير على الحكومات، لا سيما أعضاء المجلس البالغ عددهم 47 دولة من أجل اتخاذ إجراءات ضد الانتهاكات وإصدار قرارات، بما فى ذلك إنشاء لجنة تحقيق دولية مثل اللجنة الخاصة بالتحقيق فى انتهاكات حقوق الإنسان فى كوريا الشمالية، طبعاً التحقيق فى الانتهاكات يكون بمثابة مقدمة للإحالة لمجلس الأمن لاتخاذ إجراءات، بما فى ذلك الإحالة للمحكمة الجنائية الدولية، مثال ذلك لجنة التحقيق الدولية فى دارفور، ثم إحالة الملف بعد ذلك للمدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية الذى أصدر قراراً بتوقيف الرئيس البشير. فى هذه الدورة كان الاهتمام أكثر بأوضاع حقوق الإنسان فى مصر من قبل المنظمات غير الحكومية التى عقدت لقاءً على هامش اجتماعات المجلس لمناقشة عدة قضايا تتعلق بأوضاع حقوق الإنسان الجارية فى مصر، طبعاً كان تقرير رابعة، والمحاكمات وأحكام الإعدام واستمرار حبس نشطاء على خلفية قانون، التظاهر وتأثير قانون الجمعيات الأهلية على منظمات المجتمع المدنى. فى الحقيقة سجل مصر فى مجال حقوق الإنسان يحتاج إلى التركيز فيه وتطويره إيجابياً، لا سيما أننا بالدستور الجديد وما تضمنه من مبادئ وقيم لحقوق الإنسان فى باب الحقوق والحريات وباب سيادة القانون وفى باقى الأبواب، لا سيما أنه لم يقف عند الحقوق المدنية والسياسية ولكنه امتد أيضاً للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن فى الممارسة هناك العديد من الانتهاكات التى تؤثر سلباً على سجل مصر فى مجال حقوق الإنسان. والسؤال الآن ونحن مقبلون على مناقشة التقرير الدورى: هل هناك تحركات تهدف بشكل واضح لوضع مصر على جدول أعمال المجلس الدولى؟ الحقيقة أنه لن يستقيم الظل ما لم يستقم العود، بمعنى أن الحكومة لا بد من العمل بعناية على ملف حقوق الإنسان، نعم العمل على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يتم بشكل كبير، لكن تطوير القوانين لكى تتفق مع مبادئ حقوق الإنسان فى الدستور المصرى خطوة مهمة لا سيما قانون التظاهر والتجمع السلمى وقانون الجمعيات، لكن الأهم أيضاً هو الانتهاء من المفاوضات حول المكتب الإقليمى للمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالقاهرة قبل مناقشة التقرير الدورى، لأنه يعد إعلاناً عن إرادة سياسية واضحة ضد الانتهاكات وإعمال برنامج إصلاح تشريعى يستند إلى القانون الدولى لحقوق الإنسان.