يدخل إلى مجلسه مرتدياً عمامته وجلبابه الأبيض، متكئاً على عصاه، بجوار عمود مخصص له يجلس، يلتف حوله تلاميذه، يبدأ المُعلم الدرس فينصت الطلاب، لمكانته إجلال وتعظيم بين نفوسهم، ينصتون إليه فى أدب واحترام، إذا سألهم أجابوا، وإن سألوه أفادهم، تغيرت الأزمنة ولم يتغير اللقب، لم يعد المعلم يجلس على الأرض، بل بات يقف يفرض هيبته على تلاميذه، يحاول أن يؤدى دوره بضمير، يعلم جيداً أن أمامه مهمة قومية، بناء عقول على الأخلاق والقيم قبل حشوها بالعلم والكتب، لذا لم يكن مسمى الوزارة التابع لها بجعل التربية قبل التعليم من فراغ، بل بات هدفاً يعمل المعلم ذو الضمير اليقظ على تحقيقه. العلاقة بين المعلم والطالب قائمة على الحب قبل اكتساب المعرفة، فالمعلم والد يؤدب تلميذه بالحسن ويهذب بالحكمة، ويقسو حينما تجب القسوة، والطالب يحافظ على وفائه لأستاذه حتى بعد تخرجه، وفى يوم «عيد المُعلم» خرج الرئيس عبدالفتاح السيسى، فيكرِّم عدداً من المعلمين، ويؤكد أن تقديم التحية إلى كل مُعلم مصرى أمر واجب، وأن مهنة المُعلم هى من أقدس المهن، وأن الأمم والشعوب التى تقدَّمت، كانت بسبب المعلم والاهتمام بالمعلم، وأن المعلمين هم أمل مصر. تبدَّل الحال فى الآونة الأخيرة، توترت العلاقة بين المعلم والتلميذ، باتت تحكمها المصلحة، بعدما التهمت الدروس الخصوصية جزءاً كبيراً من الوقار، وكثيراً من الاحترام فى بعض الأحيان، ورغم ذلك يظل بعض المدرسين يضعون جهدهم فى كيفية إفادة طلابهم، يضعون رعايتهم لطلابهم نصب أعينهم. إن الاهتمام بقيمة المعلم ومكانته يرفع من قيمة العلم ومكانة وطنه، فإن العلماء هم ورثة الأنبياء، لكن المُعلم أصبح يشعر بأن حقه مهدور فى المجتمع، وأن مكانة مهنته المقدسة فى الماضى انتهت فى الحاضر، فلا حلول لديهم سوى التظاهر والشكاوى حول رواتبهم، وسوء المعاملة، وعدم تقديرهم، فسلك المعلمون طريقهم إلى الدروس الخصوصية. حرص رئيس الجمهورية، فى «عيد المعلم»، التأكيد على أن الدولة تقدِّر أهمية دور المعلم فى بناء شخصية النشء وتسليحهم بالعلم، وأن مكانة المعلم تظل مصانة ولها هيبتها ووقارها، تقديراً للرسالة السامية التى يقوم بها، فالدولة تحاول أن تبذل قصارى جهدها للارتقاء بالمنظومة التعليمية بكامل عناصرها التى تشمل الطالب والمعلم والمناهج الدراسية، وأن عودة دور المعلم كما كان فى الماضى، هو ما سيدفع الوطن إلى تحقيق تقدمه ونهضته. قال أمير الشعراء أحمد شوقى عن المعلم: قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا ** كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الذى ** يَبنى وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا