الحوار مع نور الشريف يتجاوز حدود الفن، ليبحر فى سماء السياسة والرياضة وكل الملفات الشائكة فى الوطن، فهو فنان يحمل موقفاً سياسياً، عبر عنه من خلال أعماله الفنية خاصة التى أنتجها، كما أن علاقته بالرياضة لا تقتصر على كونه متابعاً، بل تمتد لتاريخ عندما كان يلعب فى أشبال نادى الزمالك. فى حواره لبرنامج «أنت حر»، الذى يقدمه الكاتب والسيناريست الدكتور مدحت العدل، عبر فضائية «سى بى سى» تحدث الشريف عن الأوضاع السياسية فى المنطقة العربية، وما شهدته مصر خلال الثلاث سنوات الماضية بعد ثورة 25 يناير، مؤكداً أن الإعلام بات يقود العالم، من خلال صناعة كذبة، يجعل العالم يتحرك من خلالها، مؤكداً أنه لا يصدق وجود خطة لصنع شرق أوسط جديد أو فوضى خلاقة كما يتخيل العالم، مشدداً فى الوقت نفسه على أنه لا يجوز فى أنظمة الحكم أن تكون الأمور كلها مكشوفة، وأنه ضد عرض ميزانية الجيش على المواطنين. وقال الشريف إنه يشارك فى فيلم جديد بعنوان «بتوقيت القاهرة»، يرصد التغير فى السلوك بعد سيطرة التيار الدينى على الإعلام والشارع. ■ فى البداية.. أريدك أن تطمئن ملايين الجماهير على صحتك؟ - صحتى الآن أفضل بكثير، ولكنى أحزن عندما يدعى أحد، أو يتطاول، ويدعى كذباً أنى لا أتحدث عن مرضى، لأنى لم أخف شيئاً فى حياتى كلها، وما حدث هو أنه كان لدىَّ مشكلة فى قدمى، ولا يصل الدم إلى عضلات القدم، وبعدها جاء ماء على الرئة، وحدث التهاب، وانتهى الأمر، لكن المشكلة إن نفسى اتسدت عن الأكل. ■ ماذا عن أعمالك الجديدة؟ - سأبدأ غداً تصوير فيلم «بتوقيت القاهرة»، تأليف وإخراج أمير رمسيس، وتشاركنى البطولة ميرفت أمين، وزميل العمر سمير صبرى، ومن الشباب شريف رمزى، وأيتن عامر، وكريم قاسم، وعابد عنانى، وأنا متحمس لهذه الفكرة جداً، وأمير رمسيس تدرب مع يوسف شاهين فى فيلم قصير عن أحداث 11 سبتمبر، من بين 11 فيلماً عن هذه القضية فى العالم، وتمت مهاجمة الفيلم من الخارج، بسبب وجهة نظر شاهين، حيث كان هناك جندى مارينز أمريكى قتل فى بيروت، ويقابل شاهين وكنت أجسد شخصيته، وقال شاهين: «على فرض إن العرب وتنظيم القاعدة من نفذوا العملية، فمن اخترع أسامة بن لادن.. ألستم أنتم؟!»، وبسبب هذا الطرح وربطه بالقضية الفسلطينية تسبب فى سب العالم لنا، ونجحت الأفلام الأخرى، وأنا أرجح أن 11 سبتمبر صراع أمريكى - أمريكى داخلى، ويوجد أسفل البرجين مكتبة ال«سى آى إيه»، وبالتالى كان هناك صراع بين مؤسسة الرئاسة، والجهاز الاستخباراتى، والدليل أن جورج بوش شكل إدارة أمنية جديدة مختلفة عنهم، واستغنى عنهم، لأنه لا يدخل فى عقلى أن طائرة تفجر برجاً بهذا الشكل، وهذا حديث علمى، وينفجر فقط عندما يكون بداخله متفجرات وتسريب هواء، كما أن هناك طائرة اختفت فى البنتاجون، وهذه من الأمور التى شغلتنى، وهو أن الإعلام يقودنا اليوم، حيث يخترعون كذبة كبيرة متقنة بها بعض الإثباتات ويجرى العالم وراءها ويتغير الكون. ■ ما الكذبة التى تراها الآن؟ - لا أصدق أمر الشرق الأوسط الجديد، أو الفوضى الخلاقة، لأننا فى زمن المصالح، وما يحكم العالم هو النقود، وأبلغ دليل أنه وضع مخطط لتهييف أكبر منصب فى العالم، وهو رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، مثل فضيحة كلينتون ومونيكا، ثم يخرج براءة، لأن الاقتصاد فى عصره كان قوياً، ولا أريد لأحد أن يقول اليهود وأمريكا، لأن النقود لا تعرف جنسية، وأمر الفوضى الخلافة الخاصة بتجزىء الدول وما شابه، سيسبب خسارة للسوق، وعندما أُفتت المنطقة أخلق مراكز قلق مختلفة ويكون هناك تفاوت فى الكفاءات، ويظهر ما يدمر الأمر، ولو أنا مواطن يهودى أعيش فى إسرائيل لن أساعد إسرائيل، لأنى هكذا أخلق قلقاً على حدودى، كما أنها هى التى تنازلت أمام حماس، وأمريكا وإسرائيل ليس هدفهما وضع جهاديين فى سيناء لأنهما هكذا يضعان قلقاً أيضاً على حدود إسرائيل نفسها. ■ لكن هناك فكراً خاصاً بإبعاد الجهاديين عن إسرائيل، وتحويلهم إلى سيناء والسيطرة عليهم؟ - أشكرك على هذا السؤال.. أنور السادات أوجد الإسلام السياسى وأصبح قوياً، واحتل النقابات، ثم اغتالوه. ■ ماذا عن «داعش»؟ - بمجرد وقف الإمداد عنهم سينتهى الأمر، ويحاصرون، وهذه تمثيلية وممولة، فكيف تدخل الأسلحة لهم، فهل توجد رقابة كافية لمنع دخول الأسلحة، لأن هناك أسلحة ضخمة، و«داعش» بررت أن الجيش العراقى هرب وترك السلاح، ولكن من يصرف عليهم؟ ومن يأتى لهم بالذخيرة؟ فهذه أسئلة تحتاج لإجابات، وداعش، والقاعدة يسيئان للإسلام، ونحن فى مرحلة انعدام وزن، وممارسة الديمقراطية لن تأتى دون اقتصاد قوى، وأنا قلق على مصر. ■ كيف ترى المشهد طوال السنوات الماضية؟ - كانت هناك مشكلة طوال السنوات السابقة، وكان هناك رد فعل عنيف دون رأس أو قيادة، الأمر الذى لم يجعل التغيير إيجابياً وحقيقياً، إضافة لقلة الخبرة، وهناك كتاب يتعرض لحرب نابليون مع إيطاليا وأتى بنماذج شبابية غير راضية بالوضع، ولكن لا يوجد فى رأسها ماذا ستفعل، وهذا يقودنا إلى أنه عندما نريد أن نجمع عدداً من الشباب ولديهم اختلافات، هنا يستغل الفكرة أصحاب الخبرة والعواجيز، ويُدمر الاندفاع الثورى الجرىء، بسبب عدم وجود قيادة حقيقية، وكانت هناك أحزاب أيضاً قديمة ليس لهم سيطرة فى الشارع، والإخوان المسلمون كان لديهم تنظيم متقن ومبنى على تقديم مصلحة للمواطن بلا هدف سياسى لسنوات طوال، وقلت حينها سنجربهم بشرط عدم تغيير دستور 1972، لأنى كنت أرى أن الدستور يجب أن يوضع بهدوء وبمنهجية وعلى وقت طويل، وكنت أتمنى لوقت من الأوقات أن تكون ممارسة الديمقراطية عن طريق الأحزاب، ليكون الخلاف فكرياً وإبداعياً، وليس بالرصاص أو القتل، وأرى الآن أن أكبر كارثة هى محاولة إرضاء الثورة فى الشارع بأى ثمن، فخرب الاقتصاد، وأنا ضد الانصياع لأى مطالب فئوية، لأن هذا تسبب فى انهيار الاحتياطى النقدى لمصر، وهو ما قامت به الحكومات المؤقتة. ■ هل نحن شعب يخلق فرعوناً؟ - الإله فى الحضارات الزراعية كان أنثى، وفى مصر كانت إيزيس، وكان الرجل يرى أنه ليس له دور، وكان به أمر التواكل، بحيث كان يقلب الأرض ويضع البذور وينام وينتظر مياه الأمطار حتى تنبت البذور، والمرأة كانت تفعل كل شىء، وهو ينتظر، وهذا خلق نوعاً من السلبية، وعندما يقل الخير يتحول للنقد، على عكس الحضارة الصناعية، لا يجوز فى الحكم أن تكون الأمور مكشوفة، وهذه أحد عيوب الديمقراطية، وأنا ضد أن تعرض ميزانية الجيش، لأنه لا يجوز معرفة هذا، وليس من حق أحد معرفة هذا، وأنا لا أطلب تمييز أحد فوق أحد، لأن هناك مشروعات مثلاً تهاجم ولا يكون هناك رد، وعبدالناصر أشعر الفقراء أنه يعمل لحسابهم. ■ هل حدثت ردة أخلاقية؟ - وحدثت أيضاً فهلوة، وأصبح البطل هو النشال، والنصاب، وهم نجوم المرحلة. ■ وما قصة فيلمك الجديد؟ - حكمى الأول على أى عمل هو انطباعى الأول، وعندما حدثنى أمير رمسيس فرحت لأنى أحب السينما، ووحشتنى، وكنت أريد أن أنتج ولكن ليس معى أموال، والفيلم يرصد جزءاً من التغير فى السلوك من قبل ثورة 25 يناير، ومن بداية سيطرة التيار الدينى على الإعلام والشارع وكل شىء، ويرصد هذا بخفة دم، وهذا من خلال 3 نماذج، الأول ممثلة معتزلة، وممثل معتزل، وأنا لدىَّ ولد وبنت، الابن لا يحب الأب ومتزمت دينياً، والفتاة تحب والدها، ومتحملة مرض والدها بالزهايمر، ويقابل شاباً وهو شريف رمزى وهو ضائع فى الحياة ويبحث عن وسيلة لتحقيق حياة جيدة بأى طريقة، ودورى يحيى شكرى مراد، لديه حلم أن يقابل واحدة فى حياته، لكنه نسى من هى، وهل توجد فى القاهرة أم الإسكندرية، ولديه صورة قديمة لها، وقابل الولد الذى تعطلت به سيارته بعد خلاف مع والده، واجتمع معه، ويخوض معه تجربة، وهى أنه يكون أباً حقيقياً، والولد أبوه وأمه ماتا منذ فترة، فيجد الأبوة، وهذا ما أحببته فى الفيلم، لأنه مكتوب بخفة دم. ■ ما علاقتك بالمسرح؟ - أنا أكثر جيلى تمثيلاً بالمسرح، وللأسف معظم هذه الأعمال لم يسجل، وما سجل منه يعرض الساعة 3 صباحاً فى وقت يكون الناس فيه نياماً، وأول مسرحية شاركت فيها كانت الأمير الطائر، ثم شمشون ودليلة، والفارس والأسيرة، ولعبة السلطان، وكاليجولا، وبكالوريوس فى حكم الشعوب، وسهرة مع الضحك، وكانت إخراجى وإنتاجى، وأيضا الأميرة والصعلوك، وهناك أعمال أخرى. ■ هل ترى أن المسرح يعانى أزمة فى السنوات السابقة؟ - المسرح الجاد تراجع فى العالم كله، وللأسف المسرح الكوميدى تراجع أيضاً بسبب ارتفاع سعر التذكرة، وما شابه، وأيضاً مع صعوبة المرور، وأيضا هناك إثارة تليفزيونية موجودة، وأرى أنه لا يمكن إنقاذ المسرح إلا بعودة مسرح المدرسة والجامعة، لأن المسرح تراجع مع دخول التيار الإسلامى للجامعات. ■ هل حقيقى رفضت مشاهدة مباراة الأهلى والزمالك؟ - كنت ضمن أشبال نادى الزمالك، دفعة حمادة إمام، وعندما دخلت المعهد لم أجمع بين الرياضة والفن، وكنت أتقبل أن الزمالك يخسر ولكنه يلعب جيداً، ولكنى الآن لا أفهم ما حدث له، وأتمنى من صديقى الحميم مرتضى منصور رئيس النادى الآن أن يوفقه الله فى الإدارة، لأنى أرى أن هناك فجوة خرج فيها الألتراس، ويجب أن يكون ولاؤهم للنادى وليس للتنظيم. ■ حدثنى عن علاقتك بالسلطة وقصة فيلم ناجى العلى؟ - ناجى العلى رسام كاريكاتير فلسطينى ورسومه صعبة وتحتاج فهماً ومتابعة سياسية، وانتقد كل الحكام العرب عدا جمال عبدالناصر، فعندما أرسلت السيناريو للرقابة جاء لى شكر منها مفاده أنه أخيراً هناك شركة إنتاج ستنتج فيلماً عن القضية الفلسطينية، وعندما حدث هجوم علىَّ، ومن المؤلم هو الإحساس بالظلم، وجدت بعض زملائى يسبوننى فى الصحف، وبعض الأقلام اتهمتنى بأنى قبضت 3 ملايين دولار من منظمة التحرير الفلسطينية كى أقوم بهذا الفيلم، والرئيس الفلسطينى ياسر عرفات، طلب من حسنى مبارك الرئيس الأسبق عدم عرض الفيلم، فكيف أكون ممولاً ورئيس فلسطين يرفضه، وأنا كنت متخوفاً من أن يكون الهجوم من خارج مصر، لأن الفيلم يطرح رأياً وهو أن القضية الفلسطينية هى بسبب الأنظمة العربية، وهو ما اكتشفه الآن العرب، والنظام العالمى منح من كانوا يصفونه بالإرهابى الأول أبوعمار جائزة نوبل للسلام لأنه وافق على كامب ديفيد، وعندما دافع عنى بعض الصحفيين استبعدوا من الصحف، وتخويف المفكر هو أبشع شىء، وأناشد الرئيس عبدالفتاح السيسى ألا يقهر فكراً، بل يناقشه. ■ كيف ترى مصر الآن؟ - كل شىء لا يمكن أن يسير طبيعياً إلا بعد بناء احتياطى استراتيجى، وأكون آمناً فى لقمة العيش، وفكرة الديمقراطية لا يمكن تحقيقها إلا بعد تربية أولادنا على صفتين ألا يخاف وألا يكذب، لكن بشرط أن أربى الأطفال على ذلك، ومسلسل «حضرة المتهم أبى» يناقش فكرة الضغط الذى يجبرك على التنازل.