للقارئ أقول إن هناك علاقة زمالة وصداقة تمتد لحوالى خمسين عاماً حفرت أحاسيس وذكريات وتقديراً كاملاً، برغم أى اختلافات، وإن لهذه العلاقة التزامات وحقوقاً واجبة، من ضمنها تبادل الرأى بما يستدعيه ذلك من الاختلاف أحياناً ما دام الصدق متوفراً.. أتكلم عن زميل العمر المخرج الكبير على بدرخان. ولعلى بدرخان أقول: إننى قرأت حديثك فى جريدة «الوطن» ولا أدعى أننى صدمت فى آرائك، فمن حقك أن ترى وتؤمن بما تريد ويجب أن أحترم صراحتك وصدقك، ولكن ما صدمنى هو التوقف عند التفاصيل بدون رؤية الصورة العامة للوضع، فتفاصيل مثل انتماء مَن رفع قضية عادل إمام للإخوان، وأنه لم يحدث اضطهاد واضح من الإخوان للفن ولا أى إهانات للفنانين وأنهم -أى الإخوان- غير مسئولين عن التحرش اللفظى بالفنانات أو الفنانين أثناء تصوير أعمالهم، وليس من المهم مَن الذى ضرب واعتدى علىّ وأهانوا الإعلاميين والفنانين والسياسيين هل هم عناصر إخوانية أم بلطجية النظام السابق. أما المهم فهو التصرفات السياسية للإخوان منذ بداية الثورة واستئثارهم عن طريق التدليس والخداع بقيادة المرحلة الانتقالية، بداية من الاستفتاء على الإعلان الدستورى حتى التكوين الأول والثانى للجنة كتابة الدستور وتهميش القوى السياسية الأخرى فى المشاركة، واختيار مستقبل شعب ووطن ودولة، وما نتج عن هذا الوضع من استقواء قوى الإسلام السياسى وإحساسهم بالقوة والسيطرة فتتحول أعمالهم وأقوالهم إلى تجاوز القانون فى نقد الآخرين وتصل إلى السب والقذف وتجاوز كل أعراف اللياقة فى التعامل بين البشر وتظهر أوهامهم وأدرانهم، وفى مقدمتها عدم قبول الآخرين والتعامل معهم تعامل الغزاة مع المندحرين، ويشيعون جواً عاماً من الإرهاب للفنانين والمثقفين، وسواء كان صانعو هذا الإرهاب «إخوان أقحاح» أو متأخونين.. سلفيين أو متسلفين أو حتى من بقايا أمن الدولة، كما تقول يا صديقى، فإشاعة هذا المناخ هى مسئولية الإخوان بتحيزهم ضد القوى السياسية الأخرى، فتعيينات مثل رؤساء تحرير الصحف والمجلس الأعلى للصحافة و مجلس حقوق الإنسان كان يجب أن يتم الاختيار فيها على أسس مهنية موضوعية وليس على أسس سياسية حزبية. أما عن رأيك يا عزيزى «على» فى عدم وجود إبداع أصلاً فأتمنى عليك أن ترجع إلى مكتبتك لترى عدد المطبوع من الروايات والقصص لشباب غير معروفين وأن تزور «اليوتيوب» لتستمع إلى تجارب الموسيقى والغناء، وأن تشاهد لوحات الجرافيتى التى أبدعها شباب «التحرير» وترى محاولات السينما المستقلة، وأن تدرك أن هذا السيل من التجارب لا بد أن يتمخض عن فن رفيع فى مستقبل قريب، أما لو كنت تقصد السينما التجارية فلعلك تعرف أن صناعة السينما فى أى مكان، بداية من هوليوود وبوليوود، تنتج دائماً أغلبية ساحقة من الأفلام التجارية قليلة القيمة فنياً، ولكنى لا أعتقد أنك تبغى القضاء على هذه الصناعة ذات التأثير فى المحيط الإقليمى لمصر، ورفع مستوى الأفلام التجارية يتطلب تحسين التعليم والإعلام المصرى ورفع مستوى الثقافة وتكوين ذائقة فنية رفيعة للمشاهدين مع رفع مستوى المعيشة والحفاظ على قيم الحرية والكرامة. عزيزى «على» اسمح لى أن أختلف معك فى إنجاز التحول من نظام عسكرى إلى نظام مدنى هو إنجاز إخوانى فبينما كان الشباب فى كل مناسبة قبل نهاية عام 2011 يهتفون «يسقط يسقط حكم العسكر» كان الإخوان يتعاونون ويتفاوضون ويدافعون عن العسكر.. إسقاط حكم العسكر من المؤكد كان نتيجة نضال قوى الثورة بعد أن تخلى الإخوان عن الثورة. أخيراً قولك يا «على» إن فكرك غير متوافق مع فكر الإخوان يحتاج إلى أن تشرح للقارئ ولى بشكل شخصى ما هو فكرك حتى أدرك مدى اختلافه عن فكر الإخوان، ولكن ما قرأته عنك فى «الوطن» هو دفاع عن مواقف الإخوان لا يتأتى إلا نتيجة توافق ما بينك وبينهم أنت حر فيه ولكن لا داعى لإنكاره.