«إن المبادرات التى يطلقها رجال الإخوان من وقت إلى آخر حول قضية المصالحة تنطوى على وقاحة وعبث سياسى، يجعل مجرد مناقشتها إهانة للشعب وهدراً لدماء الشهداء». - يتواصل النقاش فى المجتمع المصرى فى الآونة الأخيرة عن مصير جماعة الإخوان الإرهابية، وكيفية التعامل معها، ومن وقت لآخر تدفع الجماعة أحد رجالها الساعين إلى إعطائها قبلة حياة تعيدها إلى العمل السياسى والاجتماعى فى مصر، أمثال الدكتور حسن نافعة، أول من طرح مبادرة للمصالحة مع الجماعة هو والدكتور أحمد كمال أبوالمجد، ليقوم بعمل اختبار للسلطة والشعب حول قضية المصالحة، وطرح الموضوع فى إطار ضرورة إجراء مصالحة وطنية، وهى كلمة حق أريد بها باطل، وكانت آخر هذه المبادرات وأكثرها عبثاً وجنوناً ما يسمى بمبادرة المتهم فى أحداث «بين السرايات» محمد العمدة، وهذه المبادرات تنطوى على وقاحة سياسية وتضليل للرأى العام وتزوير للحقائق لا مثيل له، وهى تمثل إهانة للمصريين وهدراً لدماء شهداء الجيش والشرطة والشعب الذين سقطوا على يد عناصر الإخوان، وتمثل أيضاً غطاءً سياسياً للخيانة والبلطجة التى تمارسها الجماعة ضد الدولة المصرية، ومن وجهة نظرى أن مجرد مناقشة هذه المبادرات هو عبث سياسى وجعل القضية تبدو وكأنها أمر عادى ومطروح وهذا يعد خطأ استراتيجياً. - هناك حقيقة يجب أن تكون راسخة لدينا جميعاً ونعتمد عليها كأساس لمناقشة هذه القضية: وهى أن جماعة الإخوان الإرهابية ليست فصيلاً سياسياً نختلف معه فى وجهات نظر اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، وإنما هم: «عدو للدولة والشعب المصرى» بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى لعدة أسباب، أولاً: من ناحية معتقدات الجماعة التى تكفر بكل ما له علاقة بالوطن ومقدساته وتعتبره مجرد تراب ومنذ نشأتها وضعت الوطن فى خصومة مزعومة مع الدين، وقال معلمهم الأكبر سيد قطب صراحة: الوطن عفن، ولخص مشاعرهم أيضاً مرشدهم السابق مهدى عاكف عندما قال: طز فى مصر، ومن يقرأ ما هو مدون على صفحات عناصر الجماعة على مواقع التواصل الاجتماعى الآن من أفكار تجاه الوطن يدرك هذه الحقيقة، فهؤلاء لا ينتمون لوطن ولا يعرفون ما هى قيمة الأوطان، وهم يمثلون تهديداً حقيقياً لكيان أى وطن يوجدون على أرضه، وثانياً: من ناحية ممارساتهم وسلوكياتهم مع الشعب والدولة، فهى لا تصدر إلا عن عدو، فالقتل والتخريب المتعمد والممنهج لمرافق الدولة، والتخابر لصالح دول وكيانات معادية لمصر، وتسريب معلومات ووثائق الأمن القومى المصرى، والتحريض على الدولة أمام جميع المنظمات الدولية، وتكفير المجتمع وتهديد السلم الاجتماعى والتخطيط للتنازل عن أجزاء من أرض الوطن، كلها سلوكيات لا تصدر إلا عن أعداء، ثالثاً: إن جميع عناصر الجماعة لا يختلفون عن بعضهم البعض فى المعتقدات والسلوكيات والعداء مهما اختلفوا فى التعليم أو المستوى الثقافى والاجتماعى، ومهما أظهروا من مرونة فى بعض الأوقات، فهم فى الجهل والتطرف والخيانة سواء، ولعل عمرو دراج ومحمد على بشر خير دليل على ذلك فقد ظهرا فى وقت بمظهر المعتدلين إلا أن التجربة أثبتت أنهما لا يختلفان عن خيرت الشاطر ومرسى وبديع، وظهر عمرو دراج وغيره من خونة الإخوان فى حفل تنصيب المخبول أردوغان كممثلين عن مصر وشعبها، بعد أن قاموا بتأسيس مجلسهم الثورى الخائن على أرض تركيا لممارسة أعمال التحريض على مصر وشعبها من أرض معادية. - إذن عن أى مصالحة يتحدثون؟ هل نسمح مرة أخرى لهذه الجماعة الخائنة أن تعمل على أرضنا وتدبّر المؤامرات ضد شعبنا ومستقبل أولادنا؟ هل نسمح مرة أخرى لهذه الجماعة أن تنتشر فى أركان ومؤسسات الدولة كالسرطان تسرب معلومات الأمن القومى للدول والكيانات المعادية، وتعطل مصالح المواطنين كما وقع من عناصرهم النائمة فى وزارة الكهرباء؟ هل نسمح مرة أخرى بهيمنة هذه الجماعة على العمل المدنى والخيرى والدينى لتستقطب المزيد من الأموال والشباب وتحولهم إلى أعداء لمصر وشعبها؟ إن الجماعة تضغط من خلال جرائمها اليومية على الدولة والشعب حتى تصل إلى مصالحة تعيدها للمشهد مرة أخرى، لتخطط وتدبر وتنقض على الدولة والشعب من جديد، وهذا ما يصرحون به لأعضائهم صراحة وإن طرح موضوع المصالحة للمناقشة يعطيهم الأمل ويدفعهم لارتكاب المزيد من الجرائم والإرهاب ضد الدولة والشعب، ومعلوم أن مبدأ «لا تفاوض مع الإرهاب» تم ترسيخه من هذا المنطلق، فالتفاوض يشعر الإرهابى أنه قوى وأن جرائمه تأتى بفائدة فيرتكب المزيد منها حتى يحقق المزيد من المكاسب، وبالتالى فالتفاوض مع الإرهاب هو فى الحقيقة تشجيع لارتكاب المزيد من الإرهاب، وإذا خضعنا لإرهاب الإخوان وعقدنا مصالحة معهم ظناً من البعض أن هذا سوف يوقف جرائمهم، فإن الجماعة سوف تمارس هذا الابتزاز الإرهابى كلما أرادت أن تحقق أى شىء، وتقول كما خضعوا من قبل سوف يخضعون الآن، هذا بالإضافة إلى أن الدول التى تعتمد على الإخوان فى تنفيذ مؤامراتها على مصر سوف تظن بذلك أن الجماعة تمتلك قوة وتأثيراً وبالتالى تستمر فى دعمهم والاعتماد عليهم. - ولعل أكثر ما أزعجنى فى هذا الموضوع هو تصريحات المستشار إبراهيم الهنيدى، وزير العدالة الانتقالية، التى تكلم فيها عن المصالحة بمنطق يخالف توجهات الرئيس والشعب وجميع مؤسسات الدولة، وأطالب المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء بالرد عليها وتفسيرها.