تنتشر أعداد هائلة من القطع الأثرية المصرية المنهوبة فى متاحف دول العالم، خصوصاً بريطانياوألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وأستراليا وإيطاليا والنمسا واليونان وهولندا والمجر وغيرها، وتضم قطعاً نادرة، منها مثلاً رأس نفرتيتى فى ألمانيا، وحجر رشيد فى لندن، ولوحة الزودياك فى باريس، وتمثال حم أيونو، وزير خوفو المسئول عن بناء الهرم الأكبر فى ألمانيا، وتمثال عنخ حا إف فى أمريكا، وغيرها الكثير من الأقنعة والمجموعات والعملات الذهبية. ويقول الدكتور شعبان عبدالجواد، رئيس قطاع الآثار المستردة والمهربة بوزارة السياحة والآثار، إن جهود الدولة المصرية ممثلة فى وزارة السياحة والآثار وشرطة السياحة والآثار ومباحث الآثار، اتحدت أولاً لحماية المواقع الأثرية من العبث بها والحفر غير الشرعى فى الأراضى الأثرية وذلك من خلال بناء الأسوار لحماية المواقع الأثرية والمزودة بكاميرات مراقبة على أحدث وسائل التأمين وبناء المخازن المتحفية لحفظ القطع الأثرية. ويضيف: «عملنا على تسجيل كافة القطع الأثرية المكتشفة وذلك لأن تسجيل القطع الأثرية هو العامل الأساسى فى استردادها فى حالة سرقتها أو فقدها، والتوسع فى إنشاء المتاحف فى كافة مدن وربوع مصر لعرض القطع الأثرية للجمهور للتوعية بأهمية الآثار المصرية للحفاظ عليها وتنمية الوعى القومى بها، والعمل على وجود وحدات أثرية فى كل المنافذ البرية والجوية والبحرية لحماية الآثار المصرية من تهريبها إلى الخارج، وهو ما نتج عنه إيقاف تهريب العديد والعديد من القطع الأثرية خارج حدود مصر». وعن استرداد الآثار التى تم تهريبها بالفعل خارج مصر، يوضح «عبدالجواد» أنه هنا تكمن الصعوبة البالغة لأنه كلما كانت الآثار داخل حدود مصر فهى ما زالت عملية استردادها سهلة طالما لم تغادر حدود الأراضى المصرية، ولكن بعد تهريبها تكمن الخطورة والصعوبة لأنها تحولت إلى بلد آخر وفى أيدى حائزين آخرين دفعوا الكثير من الأموال لشرائها فى ظل وجود قوانين محلية فى الكثير من دول العالم لا تجرّم تجارة الآثار، وقد قامت مصر بعدة خطوات لاسترداد الآثار المصرية المهربة إلى الخارج فقد تم إنشاء الإدارة العامة للآثار المستردة بوزارة السياحة والآثار عام 2002 بقرار من الأمين العام وزير الآثار الأسبق زاهى حواس. وعن مهام هذه الإدارة، أشار إلى أن الإدارة تتلقى بيانات بالقطع المفقودة من المواقع الأثرية والمتاحف والمخازن الفرعية والمتحفية لعمل قاعدة بيانات بالقطع المسروقة، كما تقوم بتتبع مواقع البيع الإلكترونى وصالات المزادات التى تقوم بعرض القطع الأثرية المصرية للبيع قبل الموعد الفعلى لإقامة المزاد ومقارنتها بالقطع المفقودة من وزارة الآثار واتخاذ إجراءات فورية لاسترداد ما يثبت خروجه من مصر بطرق غير شرعية، وفى سبيل ذلك تتعاون الإدارة بشكل مستمر مع عدة جهات داخلية وخارجية، تتمثل فى قطاعات الآثار المصرية، والإسلامية، والمتاحف، بهدف تحديث قواعد بيانات المفقودات أولاً بأول، وموافاة هذه القطاعات بالقطع التى تم رصدها بصالات المزادات والمواقع الإلكترونية، التى يتم ضبطها أثناء عمليات التهريب فى الدول الأجنبية للتأكد من كونها ليست أحد مفقودات وزارة الآثار التى لم يتم الإبلاغ عنها، أو أنها قد تكون خرجت من أحد المواقع الأثرية بطريق الحفر خلسة، وأيضاً مباحث الآثار والإنتربول، ومكتب التعاون الدولى بوزارة العدل، وإدارة العلاقات الثقافية بوزارة الخارجية حيث تقوم السلطات الشرطية والقضائية بإنهاء الإجراءات المتعلقة بمحاضر السرقة والفقد، وإرسال الإنابات القضائية التى تمكّن السلطات المختصة فى الدول الأجنبية من متابعة التحفظ على القطع الأثرية المصرية التى يتم ضبطها داخل حدودها، كما تقوم وزارة الخارجية المصرية وسفارتنا فى الخارج بتمثيل وزارة الآثار فى التواصل والتفاوض مع الجهات الأجنبية التى تحوز القطع المهربة، والسلطات الشرطية والقضائية المعنية بهذه القضايا، بالإضافة إلى إنهاء عمليات التأمين والتغليف والشحن إلى القاهرة. وتابع: «مهام اللجنة تتمثل فى متابعة يومية لجميع صالات المزادات الشهيرة التى تقوم بعرض الآثار المصرية للبيع، وكذا البحث على مواقع الإنترنت عن الصالات الأخرى غير المعروفة وذلك لفحص القطع المعروضة ومقارنتها بقوائم مفقودات وزارة الآثار، وإبلاغ وزارة الخارجية لإرسال مندوبيها للتأكد من سلامة مستندات حصول هذه الصالات على هذه القطع الأثرية المصرية، وإن ثبت وجود قطع تُعد من مفقودات الوزارة أو قطع تحوزها الصالة دون سندات ملكية سليمة تبدأ الإدارة فوراً فى اتخاذ جميع الإجراءات الواجبة للمطالبة باستعادة هذه القطع سواء كان ذلك بطرق ودية أو قضائية أو دبلوماسية، وعمل قاعدة بيانات بمفقودات وزارة الآثار يتم تحديثها أولاً بأول وذلك بالمتابعة المستمرة مع كافة القطاعات والمناطق الأثرية بالوزارة وغيرها من الجهات ذات الصلة كوزارة الأوقاف ودار الكتب المصرية، وإبلاغ الإنتربول الدولى بالمفقود حديثاً منها لتتبعه دولياً، والحرص على عمل اتفاقيات ثنائية بشأن حماية الموروث الثقافى والأثرى ما يسهل من الإجراءات الخاصة بعملية الاسترداد مع العديد من الدول مثل (بيرو، الأكوادور، كوبا، إيطاليا، الأردن، سويسرا، الصين، الولايات المتحدةالأمريكية، قبرص، جواتيمالا، إسبانيا، والسعودية) وجارٍ عقد اتفاقيات أخرى مع كل من: (بعض الدول الخليج العربى كالإمارات والكويت، بالإضافة إلى المكسيك وبعض دول الاتحاد الأوروبى كالدنمارك وألمانيا وفرنسا وبلجيكا)، والتواصل المستمر مع المنظمات الراعية للآثار والتراث والحضارة الإنسانية بشكل عام كاليونيسكو، والإيسسكو وال(ICOM) وال(ICROM)، وغيرها العديد، والسعى المنظم لعقد مؤتمرات وورش عمل إقليمية ودولية. ويشير «عبدالجواد» إلى أنه يتم عرض مجموعة من القطع الأثرية المستردة فى المتحف القومى للحضارة، مثل التابوت الذهبى للكاهن نجم عنخ والمسترد من متحف «المتروبوليتان» فى نيويورك فى عام 2019، كما يوجد العديد من القطع الأثرية معروضة بالمتحف المصرى بالتحرير ومتحف الغردقة ومتحف شرم الشيخ ومتحف الأقصر». ويقول الدكتور زاهى حواس، وزير الآثار الأسبق، إن مصر قامت بجهود كبيرة لاسترداد الآثار المصرية من الخارج، حيث تشكلت اللجنة القومية لاستعادة الآثار التى تمثلت فيها كافة أجهزة الدولة، وتقوم بمتابعة كل ما يباع فى الخارج إذا كان مسروقاً، مشيراً إلى أن الآثار المصرية كانت تباع حتى عام 1983، لكن أصدر قانون لوقف هذا البيع. ويضيف: «خلال الأربع سنوات السابقة ومنذ تولى الدكتور خالد عنانى الوزارة تم استعادة آلاف القطع الأثرية من عدة دول كالولايات المتحدة التى استرجع منها التابوت الذهبى، وهناك الكثير من المبادرات التى قام بها أشخاص أجانب بالتواصل مع وزارة الآثار لإعادة ما لديهم من قطع أثرية، وبالفعل يتم التواصل مع السفارات المصرية فى الخارج». وعن التشريعات الخاصة باسترداد وحماية الآثار، قال: «هناك تعديل قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 ولائحته التنفيذية بالقانون رقم 91 لسنة 2018 وكان من أبرز تعديلاته تشديد العقوبات المتعلقة بتهريب الآثار والاتجار فيها، كما قامت وزارة الآثار بتقديم مقترح لقطاع التشريع بوزارة العدل لإجراء تعديل تشريعى على نفس القانون بإضافة فقرة: (مع مراعاة أحكام المواد 1، 2، 3 من قانون العقوبات، تسرى أحكام هذا القانون على كل من ارتكب فعلاً خارج جمهورية مصر العربية يجعله فاعلاً أو شريكاً فى أى من الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون)، وفقرة: (يعاقب بالسجن أو الغرامة كل من كان داخل منطقة أثرية فى غير مواعيد العمل الرسمية دون إذن مسبق وتُضاعف العقوبة فى حال اقترانها بفعل فاضح)، ولم يخل اهتمام الوزارة من القطع المعروضة بالمتاحف العالمية، فقد تم استرداد عدة قطع من متاحف متنوعة من عدة دول بالعالم، على سبيل المثال: قطعة مقتطعة من لوحة خاصة بالملك نختنبو الثانى من متحف برلين بألمانيا، وقطعة من لوحة (سشن نفر تم) من متحف جامعة ماكويرى باستراليا، ومؤخراً التابوت المذهب الرائع الخاص ب (نجم عنخ) من متحف المتروبوليتان بأمريكا، وجارٍ العمل على عدة قطع أثرية أخرى فى المتاحف بكافة أنحاء العالم.