استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم 24 مايو 2024    عاجل| جيش الاحتلال يكشف عدد ضحاياه في الحرب على غزة (رقم كبير)    الصين تتهم تايوان بدفع الجزيرة نحو الحرب    غارات إسرائيلية تستهدف عددا من المناطق جنوب لبنان    ندالا يبشر الأهلي قبل مواجهة الترجي في إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا    أنشيلوتي يتحدث عن.. اعتزال كروس.. مشاركة مبابي في الأولمبياد.. وموقف تشواميني من نهائي الأبطال    محمد عادل: فرصة مصر قوية للتأهل لكأس العالم لكرة القدم للساق الواحدة    غدا.. 27 ألف و779 طالبا وطالبة يؤدون امتحانات الدبلومات الفنية ببني سويف    سياحة ومصايف الإسكندرية: نسب اشغال الشواطئ مرتفعة ورفع الرايا الحمراء في غرب    منتظرون بشغف: كل ما تريد معرفته عن موعد وقفة عيد الأضحى 2024    تعرف على موعد ومكان عزاء شقيق الفنان مدحت صالح    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    صحة دمياط تنظم قافلة حياة كريمة في قرية أبو عدوي    تحرير 21 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    حصاد البرلمان | إصدار قانون إدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية.. الأبرز    الاحتفال باليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم بطب عين شمس    قائمة أسعار الأجهزة الكهربائية في مصر 2024 (تفاصيل)    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من ميت سلسيل بالدقهلية    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    ضبط شخص بأسيوط لتزويره الشهادات الجامعية وترويجها عبر فيسبوك    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن منطقة هضبة الأهرام مساء اليوم    راشد: تصدر جنوب الجيزة والدقي وأوسيم ومديرية الطرق إنجاز المشروعات بنسبة 100%    هشام ماجد يكشف عن مفاجأة بشأن مسلسل "اللعبة"    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    «التنمية الصناعية»: طرح خدمات الهيئة «أونلاين» للمستثمرين على البوابة الإلكترونية    "طرد للاعب فيوتشر".. حكم دولي يحسم الجدل بشأن عدم احتساب ركلة جزاء للزمالك    تعشق البطيخ؟- احذر تناوله في هذا الوقت    نقيب المحامين الفلسطينيين: قرار محكمة العدل ملزم لكن الفيتو الأمريكي يمكنه عرقلة تنفيذه    السيدة زينب.. هل دفنت في مصر؟    في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا (4)    وزارة الثقافة تحتفي بأعمال حلمي بكر ومحمد رشدي بحفل ضخم (تفاصيل)    15 دقيقة لوسائل الإعلام بمران الأهلى اليوم باستاد القاهرة قبل نهائى أفريقيا    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    واشنطن تدرس تعيين مسئول أمريكى للإشراف على قوة فلسطينية فى غزة بعد الحرب    ظهرت الآن.. رابط بوابة التعليم الأساسي للحصول على نتيجة الفصل الدراسي الثاني 2024    4 أفلام تتنافس على جوائز الدورة 50 لمهرجان جمعية الفيلم    الإسلام الحضاري    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    جوميز يخطر لاعبي الزمالك بهذا القرار بعد التعادل مع فيوتشر    وزير العمل يشهد تسليم الدفعة الثانية من «الرخص الدائمة» لمراكز التدريب    مجلس أمناء جامعة الإسكندرية يوجه بضرورة الاستخدام الأمثل لموازنة الجامعة    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    أخبار الأهلي : دفعة ثلاثية لكولر قبل مواجهة الترجي بالنهائي الأفريقي    سول تفرض عقوبات ضد 7 أفراد من كوريا الشمالية وسفينتين روسيتين    17 رسالة من «التربية والتعليم» لطمأنة الطلاب    بوتين يوقع قرارا يسمح بمصادرة الأصول الأمريكية    «الحج بين كمال الايمان وعظمة التيسير» موضوع خطبة الجمعة بمساجد شمال سيناء    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    التموين تعلن التعاقد علي 20 ألف رأس ماشية    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلم العصفور الأخضر
نشر في الوطن يوم 29 - 08 - 2014

وبدأت أشعر أننى أفقد حواسى، أفتقد حاسة السمع، فلم أعد أستمتع بتغريد الطيور وهى تحلق بجانبى، أفتقد حاسة الشم، فجيرانى من الزهور بلا رائحة
هل رأيت من قبل عصفوراً بلا أجنحة؟ إنه أنا، هل يمكنك أن تقتنى عصفوراً لا تضعه فى قفص؟ بإمكانك إذا كان هذا العصفور هو أنا، كل العصافير تحلق فى السماء، تبنى عشها فوق الأشجار، أما أنا فمكانى فى الأرض وعشى بين الأشجار ليس بين أغصانها، وبالرغم من أن كل العصافير تقوم برحلات طويلة تستغرق شهوراً تقطع فيها العديد من الأميال، فإن رحلتى لم تستغرق بضع دقائق، ولم أقطع فيها سوى نصف متر فقط وهى المسافة بين حديقة القصر والبهو الرئيسى فيه، رحلة طالما تمنيت أن أقوم بها، ولكن هل دائماً نشعر بالسعادة عندما نحقق ما نتمناه؟ أنا عصفور من نوع خاص فأنا لست طائراً ولكنى زهرة عصفور الجنة!!
رغم شعورى بالتفرد وسط الزهور فى بستان قصر السلطان عمران، الذى نسقه أمهر بستانى فى المملكة، فزرع فيه أندر الزهور والنباتات، وبالرغم من أننى لست زهرة نادرة فإن الكل كان يقف أمامى مبهوراً بألوانى، وبالمكان الذى اختاره لى البستانى وكأننى ملك متوج على كل الزهور، تحلق العصافير من حولى وتغرد أجمل الألحان، كل هذا جعل بقية الزهور تتمنى لو كانت مكانى، ولكن هل كنت سعيداً بهذا التفرد وهذه المكانة التى منحها لى البستانى؟ لم أكن سعيداً أو راضياً بحالى، وإنما كنت أنتظر اليوم الذى أغادر فيه البستان، ففى كل يوم كنت أرى البستانى يقطف بعض الزهور وينسقها بعناية ليضعها عمال القصر فى آنية الزهور الجميلة ذات الخزف النادر فوق منضدة ثمينة من الرخام تقف فى بهو القصر تخطف الأنظار بجمالها وروعة ألوانها.
تمنيت أن أترك آنية الفخار البسيطة التى لم أر غيرها منذ تفتحت أوراقى على الحياة، أردت أن أتحرر من جذورى ومن هذا الطمى الذى يقيدنى ويمنعنى من الانطلاق، وكنت كلما صارحت البستانى برغبتى يربت على ساقى الأخضر بحنان، قائلاً لى: لن تكون سعيداً يا عصفور إذا غادرت البستان، شعرت بالحزن وامتنعت عن الطعام لأيام ذبلت فيها أوراقى، وعندما رأى البستانى إصرارى وافق أن يحقق لى رغبتى، واقتلعنى من آنية الفخار وهو يتألم، تأثرت لفراق البستانى ولكن فرحتى برحلتى طغت على مشاعرى.
سلمنى البستانى لأحد عمال القصر، كنت زهرة وسط مجموعة من الزهور الأخرى، ساقى مغمورة فى الماء الذى يشعرنى بالبرودة، مر يوم واثنان، وبدأت أشعر أننى أفقد حواسى، أفتقد حاسة السمع، فلم أعد أستمتع بتغريد الطيور وهى تحلق بجانبى، أفتقد حاسة الشم، فجيرانى من الزهور بلا رائحة، أين أريج الفل والقرنفل والورد الذى كان يشعرنى بالسعادة والانتعاش، أما أكثر ما كنت أفتقده فكانت حاسة اللمس، لمسة يد البستانى وهو يربت على ساقى الأخضر وأوراقى وهو يروينى.
وبالرغم من أن ساقى كانت مغمورة فى الماء، كنت أشعر بالعطش الشديد للدفء الذى كانت تشعرنى به أشعة الشمس كل صباح، غاب عنى وجه البستانى وابتسامته فلم يكن مسموحاً له بدخول القصر، الكل هنا لا يشعر بوجودى حتى هذه الآنية التى تركت كل شىء من أجلها ضاقت بى وبجيرانى من الزهور، وتمنت أن تسكنها زهور صناعية لا تحتاج للماء ولا تتساقط أوراقها وتذبل فتشوه جمالها. فى إحدى الليالى اشتدت العواصف وسقط المطر واخترقت الرياح العنيفة نوافذ القصر فحطمت الآنية وتناثرت أنا وجيرانى من الزهور على الرخام البارد فى بهو القصر، جمع العمال أشلاء الآنية المتناثرة ومعها الزهور وأعطوها للبستانى الذى ضمنى لصدره وشعرت بدفء حضنه، لم أجرؤ أن أنظر لعينيه فاليوم فقط عرفت أنه كان على صواب وعرفت قيمة التراب والأرض وآنية الفخار التى كانت تضمنى، لم تجرؤ الرياح يوماً أن تعصف بها لأنها ثابتة قوية، لا يهم مظهرها أو لونها، إنها أرضى التى ضحيت بها وبإرادتى فارقتها، انتهت حياتى وذبلت أوراقى ولم يبق لى من هذه الرحلة سوى ذكرى حلم عصفور أخضر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.