(كنت فى منتهى الفرح والسعادة وأنا أرى قطرات دموعى تحولت للعب تمنح البهجة لكل الأطفال فى يوم العيد) «نحن دائما رمز البهجة والجمال والسعادة، وأنت رمز للحزن والقبح والكآبة، نمنح الكون أجمل الأزهار وأشهى الثمار، وأنت يا شجرة المطاط تمنحينه دموعك التى لا تتوقف ليل نهار».. كلمات كنت أسمعها من جيرانى الأشجار كلما أشرقت الشمس كل صباح وسطع القمر كل مساء، تضحك شجرة التفاح وتقول: أنا ملكة الفواكه تتنوع ألوان ثمارى بين الأحمر والأصفر والأخضر وكلها مفيدة لصحة الإنسان تقوى اللثة والأسنان وتمنح الجسم مناعة فيستطيع الدفاع عن نفسه ضد الميكروبات، أما شجرة الرمان فتهز أغصانها فى ثقة قائلة: أنا شجرة الجمال، زهورى البيضاء والحمراء تتحول لثمار لذيذة كل ثمرة تسكنها حبوب صغيرة حمراء غنية بكل أنواع الفيتامينات التى تمد الجسم بكل الصحة والنشاط، تقوى النظر وتنقى الدم وتمده بالحيوية، فماذا يستفيد البشر من دموعك يا شجرة المطاط؟ تسمع شجرة البرتقال كلام شجرة الرمان، فتغضب وتقول: أنا فاكهة الشتاء ثمارى غذاء ودواء، تقى من البرد الشديد غنية بفيتامين ج، تساعد على هضم الطعام بسهولة فيصبح الجسم فى منتهى الصحة والأمان، أنا أغناكم جميعاً كل ثمرة برتقال تحملها أغصانى هى عائلة من الفيتامينات والمعادن عددها بحروف الأبجدية الثمانية والعشرين التى تشكل كل كلمات اللغة العربية، أنا شجرة البرتقال أم كل الأشجار، سعرى قليل لست غالية الثمن مثل شجرة التفاح المغرورة، لا أختفى فى شهور الشتاء مثل شجرة الرمان.. تعالت أصوات الأشجار واصطدمت ببعضها الأغصان، وتناثرت ثمار التفاح مع الرمان مع البرتقال، قفزت فى سعادة ووصلت عندى، قائلة: لنلعب معاً عند شجرة المطاط.. كنت سعيدة وثمار التفاح الخضراء والصفراء والحمراء تحيط بى فى دائرة كزهور الربيع تتوسطها ثمار الرمان الحمراء والبرتقال بلونها البرتقالى كلون الشمس.. تقفز حولى الضفدعة، يخرج نقار الخشب من عشه ليرحب بالثمار، وتحلق العصافير تغرد أجمل الألحان.. تتساقط قطرات المطاط من جذعى، فيجمعها البستانى وهو يربت بحنان على أغصانى قائلاً: أنت يا شجرة المطاط أجمل الأشجار. جاء يوم العيد وامتلأ البستان بالأطفال يلعبون ويمرحون فى سعادة، يهزون أغصان الأشجار فتغضب منهم وتلقى بثمارها فوق رؤوسهم فتؤلمهم. اقتربت منى فتاة صغيرة جميلة طار العصفور وغرد لها وقفزت الضفدعة أمامها، فصفقت لها بيديها الصغيرتين، وخرج نقار الخشب من عشه، فاندهشت وسألته: ماذا تفعل هنا يا نقار الخشب؟ فقال: أنقى صديقتى شجرة المطاط من الديدان، وعلا نقيق الضفدعة وقالت: وأنا التهم الحشرات الضارة التى تؤذيها، أما العصفور فغرد لحناً جميلاً وقال: وأنا أمنح صديقتى أجمل الأنغام بعد أن منحتنى أغصانها العش والأمان.. مسحت الفتاة قطرات المطاط التى تتساقط من جذعى وقالت فى حنان: مسحت قطرات دموعك أيتها الشجرة الطيبة، واقتربت منى وقالت أنا اسمى أمينة، أنت أحلى شجرة فى البستان يا شجرة المطاط، ونادت قائلة: يا طه تعالَ، جاء طه يقود دراجة جميلة فقالت إنه أخى، ترك طه دراجته ولعب بالكرة مع أمينة، وتعالت ضحكاتهما فشعرت بالحياة، قال طه: لن نلعب إلا بجوارك يا شجرة المطاط وسنزورك فى أيام العطلات.. غضبت كل أشجار البستان عندما رأت حولى الأطفال، وقررت الإضراب عن الطعام فلم تمتص جذورها الماء لتجبر البستانى أن يقتلعنى، تعجبت! أول مرة تتفق كل الأشجار على رأى واحد وبدلاً من الشجار تتخذ قرارا. قطع البستانى بالفأس جذعى، انتهت حياتى كشجرة ثابتة لا تتحرك، لأبدأ حياة جديدة جميلة فى كل مكان.. مرت الأيام ومن جديد جاء يوم العيد، وامتلأ البستان بالأطفال، جاءت أمينة ومعها دمية جميلة، واشترى طه دراجة جديدة، وتدحرجت كرة على الزاهية الألوان بين الأشجار.. كنت فى منتهى الفرح والسعادة وأنا أرى قطرات دموعى تحولت للعب تمنح البهجة لكل الأطفال فى يوم العيد فصارت كرة تقفز يلعب بها على فى سعادة ومرح، وتحولت لإطارات دراجة سريعة يقودها طه تجرى فى كل مكان، ودمية رائعة تحملها أمينة بحنان.. تلك كانت قطرات المطاط التى سخرت منها كل الأشجار! أما جذعى فقد صنع منه النجار فؤوسا كثيرة كانت إحداها الفأس الذى قطع به الحطاب شجرة عجوزا منعت نقار الخشب أن يقترب منها، فهاجمتها الديدان، وانزعجت من نقيق الضفدعة فابتعدت عنها وتركت الحشرات الضارة تلتهم أوراقها فهاجمتها الأمراض.. إنها شجرة التفاح التى كانت فى يوم من الأيام جارتى فى البستان.