نتنياهو: مفاوضات جنوب سوريا تتواصل مع الحفاظ على المصالح الإسرائيلية    الحرس الثوري الإيراني: ضربنا مصفاة حيفا ومركز الموساد وأسقطنا 36 من عناصره    "من يريد تصفية حسابات معي فليقبض عليّ أنا" ..لماذا تعتقل "مليشيا السيسى "شقيق مذيعة في قناة تابعة للمخابرات !؟    إيلون ماسك يشبه الاتحاد الأوروبي بألمانيا النازية    ترامب: أشعر بخيبة أمل من زيلينسكي لأنه لم يقرأ خطة السلام    ميلوني تؤكد لزيلينسكي استمرار الدعم قبيل محادثات لندن    إيديكس 2025.. فلسفة الردع وبناء القوة المصرية الشاملة    حبس عاطل لقيامه بسرقة وحدة تكييف خارجية لأحد الأشخاص بالبساتين    شئون البيئة: سوف نقدم دعمًا ماديًا لمصانع التبريد والتكييف في مصر خلال السنوات القادمة    لميس الحديدي: قصة اللاعب يوسف لا يجب أن تنتهي بعقاب الصغار فقط.. هناك مسئولية إدارية كبرى    شئون البيئة: مصر ستترأس اتفاقية برشلونة للبيئة البحرية خلال العامين القادمين    "قطرة ندى" للشاعر محمد زناتي يفوز بجائزة أفضل عرض في مهرجان مصر الدولي لمسرح العرائس    بعد رحيله، من هو الفنان سعيد مختار؟    بدون محصل.. 9 طرق لسداد فاتورة كهرباء شهر ديسمبر 2025    ترتيب الدوري الإسباني.. برشلونة يتفوق على ريال مدريد ب4 نقاط    خطط لا تموت.. لماذا عادت الملعونة لعادتها القديمة؟    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    كأس العرب - بن رمضان: لعبنا المباراة كأنها نهائي.. ونعتذر للشعب التونسي    أوندا ثيرو: ميليتاو قد يغيب 3 أشهر بعد الإصابة ضد سيلتا فيجو    إبراهيم حسن: محمد صلاح سيعود أقوى وسيصنع التاريخ بحصد كأس أمم إفريقيا    أشرف صبحي: قرارات الوزارة النهائية بشأن حالة اللاعب يوسف ستكون مرتبطة بتحقيقات النيابة    لاعب الزمالك السابق: خوان بيزيرا «بتاع لقطة»    هل تقدم أحد المستثمرين بطلب لشراء أرض الزمالك بأكتوبر؟ وزير الإسكان يجيب    ياهو اليابانية.. والحكومة المصرية    استكمال محاكمة سارة خليفة في قضية المخدرات الكبرى.. اليوم    وزير الزراعة: القطاع الخاص يتولى تشغيل حديقة الحيوان.. وافتتاحها للجمهور قبل نهاية العام    مدير أمن الإسكندرية يقود حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين بميدان الساعة وفيكتوريا    مجموعة التنمية الصناعية IDG تطلق مجمع صناعي جديد e2 New October بمدينة أكتوبر الجديدة    وزير الإسكان يعلن موعد انتهاء أزمة أرض الزمالك.. وحقيقة عروض المستثمرين    غرفة عقل العويط    «القومية للتوزيع» الشاحن الحصري لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2026    رئيس "قصور الثقافة": السوشيال ميديا قلّلت الإقبال.. وأطلقنا 4 منصات وتطبيقًا لاكتشاف المواهب    كم عدد المصابين بالإنفلونزا الموسمية؟ مستشار الرئيس يجيب (فيديو)    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    كيف يؤثر النوم المتقطع على صحتك يوميًا؟    تجديد حبس شاب لاتهامه بمعاشرة نجلة زوجته بحلوان    وائل القبانى ينتقد تصريحات أيمن الرمادى بشأن فيريرا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. الإثيوبيون يحتجون في إسرائيل على قمع الشرطة ولشعورهم بالتمييز.. إعلام إسرائيلى: تصاعد الأزمة بين كاتس وزامير.. رئيس الأركان الإسرائيلى: نستعد لاندلاع حرب مفاجئة    وزير الأوقاف يحيل مجموعة من المخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة ومضاعفة الحوكمة    أحمد موسى يكشف أزمة 350 أستاذا جامعيا لم يتسلموا وحداتهم السكنية منذ 2018    اليوم.. المصريون بالخارج يصوتون فى ال 30 دائرة المُلغاة    حاتم صلاح ل صاحبة السعادة: شهر العسل كان أداء عمرة.. وشفنا قرود حرامية فى بالى    الموسيقار حسن شرارة: ثروت عكاشة ووالدي وراء تكويني الموسيقي    أحمد موسى: "مينفعش واحد بتلاتة صاغ يبوظ اقتصاد مصر"    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    أمن مطروح يفك لغز العثور على سيارة متفحمة بمنطقة الأندلسية    تعرف على شروط إعادة تدوير واستخدام العبوات الفارغة وفقاً للقانون    عاشر جثتها.. حبس عاطل أنهى حياة فتاة دافعت عن شرفها بحدائق القبة    حياة كريمة.. قافلة طبية مجانية لخدمة أهالى قرية السيد خليل بكفر الشيخ    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    كشف ملابسات فيديو عن إجبار سائقين على المشاركة في حملة أمنية بكفر الدوار    إضافة 4 أسرة عناية مركزة بمستشفى الصدر بإمبابة    الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    الطفولة المفقودة والنضج الزائف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واشنطن.. التصالح مع الأسد استعداداً لمواجهة «داعش»
نشر في الوطن يوم 27 - 08 - 2014

منذ أن قتلت «داعش» الصحفى الأمريكى جيمس الفولى الذى أسرته فى سوريا وأذاعت على العالم الفيديو الذى سجل عملية إعدامه، والضغوط تزداد على إدارة أوباما من الرأى العام الأمريكى والصحافة وجنرالات البنتاجون الأمريكى كى تغير سياساتها التى تقوم على محاولة احتواء «داعش»، وتقليم أظافرها إذا خرجت عن حدود دورها المرسوم داخل الأراضى السورية والعراقية واقتربت من حدود كردستان العراق، مع الإبقاء عليها فزاعة تحت السيطرة تكبح جموح شيعة العراق المتزايد إلى تهميش مصالح عشائر السنة التى تسكن محافظات الأنبار وديالى وصلاح الدين فى منطقة الوسط، وتعطيل إدماجهم فى الحياة السياسية، كما تبقى عليها عامل تهديد لأمن الخليج تلزم دوله الاعتماد فى ضمان أمنها على قوى الخارج! فضلاً عن منافع أخرى تتمثل فى أن «داعش» تشكل عامل ضغط قوياً على نظام بشار الأسد، خاصة أن الرئيس أوباما لا يتحمس كثيراً للتدخل العسكرى الأمريكى المباشر فى الأزمة السورية!
التزمت واشنطن هذه السياسات، وتلكأت كثيراً فى تنفيذ عمليات القصف الجوى لقوات «داعش»، التى نجحت فى مد سيطرتها من حدود محافظة الرقة السورية والاستيلاء على الموصل ثانى مدن العراق، فى معركة لا تخلو من شبهة تواطؤ، ترك فيها الجيش العراقى مواقعه وعتاده لقوات «داعش»، التى واصلت زحفها آمنة مطمئنة فى مناطق مكشوفة داخل الأراضى العراقية دون أى غطاء جوى! لتستولى على محافظات ديالى والأنبار وصلاح الدين التى تسكنها عشائر السنة، وتصبح على مسافة 55 ميلاً من العاصمة بغداد! ويعلن قائدها أبوبكر البغدادى نفسه أميراً للمؤمنين وخليفة للمسلمين من فوق أكبر جامع فى الموصل تحت بصر وسمع الأمريكيين، الذين تحركوا فقط عندما أصبحت قوات «داعش» على مسافة 30 ميلاً من أربيل عاصمة كردستان، وتمكنت من أن تسيطر على سد الموصل الذى يمثل ذخراً استراتيجياً مهماً ينظم الزراعة والرى فى كردستان العراق، لكنه يمثل خطراً على العاصمة بغداد يهددها بالغرق إن تعرض للنسف أو التدمير.
وبرغم أن «داعش» فى زحفها الآمن على هذه المساحات الشاسعة والمكشوفة من الأراضى السورية والعراقية وصولاً إلى أسوار العاصمة بغداد، تمددت وكبرت وزاد عتادها العسكرى وامتلأت خزائنها بالأموال وابتلعت كثيراً من منظمات الإرهاب الصغيرة التى كانت تتبع تنظيم القاعدة وغيرت ولاءها لصالح «داعش»، وأصبحت باعتراف الأمريكيين شيئاً مهولاً لا نظير له فى كل تنظيمات الإرهاب تتميز بوحدة التنظيم وصلابته، ويتميز جيشها بالانضباط والكفاءة القتالية العالية - التزمت إدارة أوباما سياسة واضحة معلنة تؤكد أن القصف الجوى الأمريكى لقوات «داعش» لن يمتد خارج مناطق كردستان العراق، بدعوى أن الدخول فى مجابهة مع «داعش» يمثل معركة طويلة الأمد، ينبغى أن تقع مسئوليتها على عاتق العراقيين أولاً، وساعتها يمكن أن تقدم الولايات المتحددة الدعم والمساعدة، لكن ذلك لن يشمل عودة الجنود الأمريكيين إلى العراق.
لماذا التزم الرئيس أوباما بحماية أربيل عاصمة كردستان العراق ولم يلتزم بحماية بغداد رغم وجود قوات «داعش» على مسافة أقل من 40 ميلاً من العاصمة العراقية؟! ولماذا تباطأ فى قصفه الجوى وترك قوات «داعش» تزحف آمنة وسط هذه المساحات المكشوفة دون أن يتعرض لها، وانتظر طويلاً إلى أن كبرت «داعش» وأصبحت وحشاً يصعب ترويضه؟! وسواء كان السبب فى ذلك رغبة أوباما وإصراره على إسقاط حكومة رئيس الوزراء العراقى السابق نورى المالكى، لعناده وغروره واستبداده ونزوعه الطائفى المتزايد ضد عشائر السنة الذى أفشل دولة العراق، أم أن الولايات المتحدة لا تزال تصر على إضعاف العراق وتقسيمه وعلى حصار بشار الأسد وتقليم أظافره فى سوريا، وجاءت «داعش» كى تحقق الهدفين معاً وتغير خريطة العراق وسوريا بما يزيد العالم العربى انقساماً وتفتيتاً - فإن النتائج الواضحة على الأرض لهذه السياسات تمثلت فى ظهور قوة تخريب وفساد جديدة فى منطقة الشرق الأوسط، تتذرع بالخلافة الإسلامية سبيلاً لإقامة سلطة متخلفة مستبدة خارج سياق التاريخ، تحكم بالسيف وترفض الآخر، وتعمل القتل فى المسلمين تحت دعاوى الجهاد، وتطرد المسيحيين فى العراق وتطاردهم إلى أن هاجر معظمهم إلى كردستان، وتحاصر اليزيديين فى جبل سنجار وتلزم زوجاتهم معاشرة مقاتليها! وتنتصر للدولة الدينية على حساب الدولة المدنية، وتتمسك بالاستبداد رفضاً للديمقراطية، وتنصب من أحد قياداتها أميراً للمؤمنين وخليفة للمسلمين له السمع والطاعة!
وأظن أن السؤال المهم الآن: هل تفلح الضغوط المتزايدة على إدارة أوباما بعد مقتل الصحفى الأمريكى جيمس الفولى فى إخراجه من تردده، وإلزامه الدخول فى مواجهة حاسمة مع «داعش» تلحق بها هزيمة قاصمة، خاصة أن أوباما وصف «داعش» بأنها سرطان ينبغى التخلص منه، كما أن عدداً من خبراء البنتاجون الأمريكى يرون أن «داعش» تعانى رغم تضخمها من نقاط ضعف عديدة تلزم أوباما بأن يسارع بضربها وتمزيقها، تتمثل فى طول خطوط إمداداتها من محافظة الرقة السورية إلى بغداد جنوباً، ووجود قواتها فى مناطق مكشوفة دون أية حماية جوية؟
صحيح أن وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى أكد فى تصريحات معلنة أن «داعش» ينبغى أن تتحطم وتلقى هزيمة منكرة، كما أن وزير الدفاع هاجل أكد أخيراً أن الولايات المتحدة تبحث كل الاحتمالات، وتدرس الموقف من جميع جوانبه لوقف امتداد قوات «داعش»، وتحاول حشد الأطراف الدولية والإقليمية والشركاء المهمين فى الشرق الأوسط فى تحالف ضد «داعش»، لكن الأمر المؤكد أن الإدارة الأمريكية لم تتخذ بعد قراراً بتوسيع نطاق ضرباتها الجوية لتشمل خطوط إمدادات «داعش» وأماكن تمركز قواتها فى الأراضى السورية والعراقية. والواضح أن المعضلة الأساسية كما حددها رئيس الأركان الأمريكى الجنرال ديمسى تتمثل فى أن هزيمة «داعش» التى تحتل شرق سوريا بأكمله ابتداءً من حلب إلى دير الزور إلى محافظة الرقة، كما تحتل المحافظات العراقية الثلاث ديالى والأنبار وصلاح الدين التى تسكنها عشائر السنة - تتطلب ثلاثة أمور أساسية:
أولها: عمل عسكرى يمتد على الجبهتين السورية والعراقية، لأن هزيمة «داعش» لا يمكن أن تتحقق دون تدمير شامل لبنيتها العسكرية فى الأرض السورية، الأمر الذى يلزم واشنطن بضرورة فتح حوار مع الرئيس بشار الأسد! والسعى إلى ضمه ضمن تحالف إقليمى قوى يشارك فى هذه الحرب، وهو قرار يصعب على إدارة أوباما التى رفضت طويلاً التدخل العسكرى الأمريكى المباشر فى الأزمة السورية، ولا تزال تطالب بإسقاط بشار الأسد، وترفض الاعتراف بالانتخابات الرئاسية السورية الأخيرة، لكن خبراء البنتاجون يساندهم مسئولون بريطانيون كبار فى الجيش البريطانى يرون أن بشار الأسد باعتباره عدواً ل«داعش» يمكن أن يكون صديقاً للإدارة الأمريكية على أساس أن عدو عدوى يصبح بالضرورة صديقى!
وثانيها: السعى إلى فض التحالف بين عشائر سنة العراق و«داعش»، من خلال حكومة عراقية جديدة تخلف حكومة نورى المالكى، تجتهد لاستيعاب سنة الوسط وتسعى مخلصة لإدماجهم فى الحياة السياسية، بحيث يمتنع على قوات «داعش» أن تجد ملاذاً آمناً داخل قرى السنة يحميها من القصف الأمريكى الجوى.
وثالثها: تشكيل تحالف دولى واسع يضم كل الأضداد، تشارك فيه بريطانيا وفرنسا وكردستان العراق وسوريا وقوى إقليمية أخرى مثل السعودية ودول الخليج، يمكن أن تقدم العون فى الحرب على «داعش».
فهل تنجح سياسات واشنطن فى فصل «داعش» عن عشائر السنة فى العراق؟ وهل تتمكن من إنجاز هذا التحالف الذى يضم كل الأضداد؟ وهل يقبل أوباما التنازل عن مطلب إبعاد بشار الأسد ليعقد تحالفاً معه ضد «داعش»؟ أسئلة لا تزال تنتظر إجابات حاسمة يجرى إعدادها الآن فى كواليس السياسة الأمريكية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.