من داخل أحد سجون المجلس العسكرى، الذى حكم مصر على مدار أكثر من العام ونصف العام بالدم، يكتب: «دعونا نتكلم عن بئر عميقة لا يشاهدها أحد من الشعب إلا قليل، وهو السجن».. إمضاء سجين الحرية. خالد مقداد، طالب الصف الثانى الثانوى ذو ال19 عاما والمعتقل على خلفية أحداث السفارة السعودية بتهمة «سب العسكر»، استطاع أن يدون على ثلاث ورقات بعضا من مأساته على مدار 3 شهور فى سجن وادى النطرون، بعد صدور حكم بحبسه 6 أشهر، يقول خالد: «بعد خمسين جلدة على قدمى قال لى: انت هدية أهديناها للسعودية.. قلت فى عقلى: حسبى الله ونعم الوكيل». يضيف خالد متحدثا عن إحدى وقائع التعذيب التى تعرض لمثلها العشرات من أقرانه: «يوم مظاهرات أهالى المساجين أمام ماسبيرو.. قالوا لى: المأمور يريدك، نزلت وقالوا لى: اخلع ملابسك، قلت: لماذا؟ قالوا لى: افعل ذلك بسرعة، ففعلت، جاء المأمور وقال لهم: قيدوه، قال لى: نام على ظهرك، قلت: لأ، قال لى: ماشى يا روح امك أنا هنيمك، نمت على ظهرى، وضع جزمته على وجهى وضربنى طويلا حتى فقدت الوعى، وبعد أن فقت قال لى: انتم الذين فعلتوا بالبلد كده، وبصق على وجهى ووضع العصا فى مؤخرتى، وصرخت حتى قال لى: انتم اللى ضيعتوا هيبتنا يا رعاع. وذهبت إلى غرفتى وكلى حسرة وألم وندم على حالى فى بلدى ومن أبناء وطنى الذين يعاملوننى كمجرم، ولكن لن أسكت». «الوطن» استمعت إلى حنان طلعت مقداد، الشقيقة الكبرى لخالد، بعد صعوبة مقابلة والدته لسوء حالتها النفسية، بحسب ما قالته حنان، التى أكدت أنهم إلى الآن ورغم حساسية وضع خالد -كونه ليس مسجونا جنائيا، وطالب ثانوية عامة يوشك على فقد الالتحاق بالعام الدراسى الجديد، وقد ضاع من عمره عام لعدم تمكينه من أداء امتحانات الثانوية العامة الماضية بسبب تعنت إدارة السجن- لم يتلقوا أى اتصال من أى جهة رسمية تفيد خروج خالد ضمن أى قرارات بالعفو الرئاسى للمعتقلين عسكريا، مشيرة إلى أنهم ينتظرون أى أمل أو وفاء بوعود رئاسة الجمهورية بالعفو عن معتقلى الفترة الانتقالية. وعن آخر زيارة إلى خالد، التى كانت قبل 10 أيام، قالت حنان: «خالد متماسك جدا رغم أن حالته النفسية سيئة من كثرة الاعتداءات والضرب والإهانة التى يتعرض لها»، موضحة أنه كثيرا ما يُستدعى ويتم حبسه انفراديا عدة أيام، حيث يعذب بشكل مستمر من قبل مأمور السجن وعدد من الضباط، وهو الأمر الذى اضطرهم إلى تقديم بلاغ للنائب العام للتحقيق فى الانتهاكات التى يتعرض لها خالد. وأشارت حنان إلى أن ذلك البلاغ لم يحدث بشأنه أى جديد إلى الآن، إلى جانب ممارسة ضغوط على خالد داخل السجن للتنازل عنه، مضيفة أن هذا ليس أول بلاغ، حيث قدمت الأسرة شكوى للرئيس محمد مرسى عن طريق ديوان المظالم، كما أن وزير التربية والتعليم اجتمع قبل عدة أسابيع مع عدد من أسر الطلاب المعتقلين ووعدهم بإحالة الأمر إلى وزير العدل، حتى يتم العفو عنهم. تنهى أخت خالد مقداد حديثها ل«الوطن» قائلة: «خالد كل جريمته أنه تضامن مع مصرى فى السجون السعودية لأننا «عيشنا» هناك فترة كبيرة ونعرف كم الظلم والإهانة والمعاملة السيئة التى يتلقاها المصريون هناك دون أسباب».