ربما كان الاختيار الخاطئ فى أن تكون الانتخابات البرلمانية وانتخاب رئيس الجمهورية قبل وضع الدستور هو الذى وضعنا فى حالة ضرورة، لا سيما أن الإعلان الدستورى الذى وُضع مختزل ومثير للمشاكل قبل أن يكون واضعا حلولا للفترة الانتقالية، إذ إن هذا الإعلان الذى يدعى البعض على غير الحقيقة أنه قد جرى الاستفتاء عليه، وهى مقولة غير دقيقة وغير أمينة، لأن الذى جرى عليه الاستفتاء هو مجموعة من المواد دُعى الناخبون إليها فى إطار أنها تعديلات لدستور 71، فتوجهت إرادة الناخبين إلى هذا الاستفتاء على هذه المواد بحيث يتم استدعاء دستور 71 بعد الإعلان عن أنه معطل ليجرى تطبيقه بعد إدخال هذه التعديلات عليه إلا أنه وبعد هذا الاستفتاء الشهير والذى تم تحت حملة شعواء ضد من يتجرأ ليقول «لا» وإلا أدخل جهنم وبئس المصير وكيف أنها غزوة للصناديق! فإذا بمن قادوا هذه الحملة يحصدون نارها على الرغم من أن هذا الاستفتاء أُلقى جانبا وصدر إعلان دستورى بإرادة منفردة من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليطمئن على شرعية وجوده وكأن شرعيته يستمدها من هذا الإعلان وليس من إرادة الثوار! ومع تلاحق الأحداث وتداعيات هذا الاختيار الخاطئ تلاحقت أوجه القصور والنقصان فى هذا الإعلان، وبعد وجود البرلمان (مجلس الشعب ومجلس الشورى) منزوعى الاختصاصات وقرب انتخاب رئيس للجمهورية، باختصاصات قاصرة عن مواجهة المرحلة الانتقالية يتعين بالضرورة أن يتم تعديل الإعلان الدستورى حتى يتم وضع الدستور الجديد، ومن أهم ما ينبغى أن تشمله هذه التعديلات ما يلى: 1- أن يجرى تعديل للمادتين 33 و56 (البند الخامس منها) من الإعلان الدستورى ليحدد فيهما صلاحيات رئيس الجمهورية ومجلس الشعب كسلطة التشريع وطريقة مباشرتها وكيفية إصدار القوانين والاعتراض عليها وتنظيم ذلك تنظيما دقيقا دون أن يترك الأمر معلقا للاجتهادات والتأويلات والتفسيرات المتنوعة. 2- أن يجرى تعديل المادة 56 بإضافة بند يعطى رئيس الجمهورية الحق فى حل مجلسى الشعب والشورى إذا ما اقتضت حالة الضرورة والمصلحة العامة ذلك وبالمقابل يجرى تعديل للمادة 33 من الدستور تمنح مجلس الشعب عند ممارسته الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية الحق فى توجيه السؤال وطلب الإحاطة والاستجواب وطرح الثقة كأدوات للرقابة على الحكومة. 3- أن يجرى تعديل على المادة 28 الخاصة بتشكيل واختصاصات لجنة الانتخابات الرئاسية يعطى الحق للمرشحين فى الانتخابات الرئاسية فى الطعن على قرار هذه اللجنة أمام المحكمة الإدارية العليا على أن يتم الفصل فى هذا الطعن خلال خمسة عشر يوما من اليوم التالى لصدور قرار اللجنة. 4- أن يجرى تعديل للمادة 60 من الإعلان الدستورى بحيث يدعو المجلس الأعلى للقوات المسلحة المواطنين إلى الترشح لعضوية الجمعية التأسيسية لوضع الدستور من مائتين عضو خلال موعد غايته ثلاثة أشهر على أن يعرض مشروع الدستور للحوار المجتمعى لمدة شهر ثم يعقب ذلك عرضه على الاستفتاء. وجدير بالذكر أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة عندما امتلك إرادة سياسية لإصدار الإعلانات الدستورية الأربعة التى صدرت عنه منذ توليه مسئولية إدارة البلاد فقد صدرت جميعها دون استفتاء عليها ولا مجال للقول إن تعديل هذا الإعلان يحتاج إلى استفتاء لأنه لم يجرِ أصلا استفتاء على أصل الإعلان الصادر فى 30 مارس 2011 ولا على التعديل الذى صدر فى شهر سبتمبر 2011 بشأن النظام الانتخابى ولا التعديل الذى صدر بشأن تنظيم تصويت المصريين بالخارج فى الانتخابات الرئاسية. والمهم أن يتم ذلك قبل يوم الأربعاء المقبل وإلا فسر مضمون ما جاء بالتعديلات على أنه ارتباط بالشخص الفائز أو المرجح فوزه فى الإعادة.