لا شك أن عودة وباء «الإيبولا» إلى الظهور مرة أخرى فى غرب أفريقيا تفجر العديد من علامات الاستفهام حول ما تدعيه أمريكا والدول الكبرى من حرصها على حقوق الإنسان والمساعدات التى تقدمها تحت هذا الاسم، إنما توجه من أجل مصالح تخص هذه الدول وليست حرصاً على القيم الإنسانية النبيلة، فيمكن للأمريكان أن يخرجوا أساطيل السفن فى «شو إعلامى» من أجل إنقاذ «درفيل» تعثر فى الثلوج فى كندا بتكاليف تبلغ 20 مليون دولار، ولكنهم لا يهتمون بمن يموتون من الجوع والفقر والجهل الذى يؤدى إلى انتشار الأوبئة التى تحصد الملايين فى وسط وغرب وجنوب أفريقيا، ولا يفكرون حتى فى إيجاد دواء أو تطعيم لأى منها إلا إذا شعروا أن ذلك يمثل تهديداً لأمريكا أو لمواطنيها. لقد كان أول ظهور لوباء «الإيبولا» عام 1976 فى جمهورية الكونغو الديمقراطية التى كانت تسمى آنذاك «زائير»، وكان ذلك فى قرية تسمى «يامبوكو» بجوار نهر صغير يسمى نهر «إيبولا»، حيث سمى الفيروس الجديد على اسم هذا النهر، وظهر أيضاً فى نفس ذاك الوقت فى جنوب السودان، أى أن الفيروس قد سبق ظهور فيروس الإيدز بخمس سنوات، حيث ظهرت أول حالة إيدز فى صيف 1981 فى كاليفورنيا، ولكن «الإيبولا» اقتصر فى ظهوره كوباء على أفريقيا، على الرغم من ظهور بعض الحالات الفردية فى الولاياتالمتحدة وأوروبا سواء بفيروس «إيبولا» أو ابن عمه من نفس العائلة «فيروس ماربورج»، الذى انتقل إلى هناك عن طريق قرود أفريقية وفئران تحمل عدوى الفيروس، لذا فقد رأينا ما تم صرفه من أجل إيجاد علاج أو تطعيم للإيدز منذ ذلك الحين لم يصرف على مرض آخر فى تاريخ الطب. ويبلغ معدل الوفيات نتيجة الإصابة بفيروس «إيبولا» من 60 - 90%، وهو فى الأساس قد انتقل إلى الإنسان من الحيوانات البرية مثل القرود والشمبانزى وخفافيش الفاكهة والفئران والقوارض فى وسط وغرب أفريقيا، قرب الغابات الاستوائية المطيرة، ونتيجة لتكرار إصابة الإنسان بالعدوى من خلال عدة أوبئة كان آخرها عام 2012 فى كل من جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا والسودان، لذا فإن الوباء الحالى ينتقل بكفاءة من إنسان إلى آخر دون الحاجة لوجود حيوان أو عائل وسيط. أما عن وسائل انتقال العدوى فهى بالتأكيد أقل من فيروس الإنفلونزا الذى ينتقل عن طريق الهواء والرذاذ، ولكن الفيروس أشد فتكاً ودماراً حيث لا يوجد له علاج أو تطعيم معتمد حتى الآن، مع أنى على يقين أن الولاياتالمتحدة التى صنعت فيروس الإيبولا كسلاح بيولوجى لا بد أن تكون قد صنعت «الترياق المضاد» لهذا الفيروس، خاصة أنها تعلم أن بعض الجماعات الإرهابية العالمية مثل جماعة «أوم شينريكيو» أو «الحقيقة المطلقة» فى اليابان قد أخذت عينات من فيروس الإيبولا عندما ذهب بعضهم إلى زائير عام 1995 على أساس أنهم قد أتوا من أجل مساعدتهم طبياً وإنسانياً، وجمعوا عينات من الفيروس من أجل تصنيعها كسلاح بيولوجى، فهل الولاياتالمتحدة بهذه السذاجة التى تعلم بوجود مثل هذا السلاح الفتاك فى يد جماعات إرهابية ودول أخرى ولا تصنع له تطعيماً أو علاجاً أو مصلاً واقياً؟ كما أن الأمريكيين اللذين أصيبا فى أفريقيا تم نقلهما إلى الولاياتالمتحدة ويتماثلان الآن للشفاء. وتنتقل عدوى الفيروس عن طريق ملامسة سوائل الجسم المختلفة للمريض سواء الدم أو العرق أو الدموع أو البول أو البراز أو السائل المنوى أو المهبلى عندما تبدأ الأعراض المرضية فى الظهور، حيث تسبقها فترة حضانة تتراوح ما بين 2 و21 يوماً لا تنتقل العدوى خلالها، ثم تبدأ الأعراض فى الظهور على شكل ارتفاع مفاجئ فى درجة الحرارة وحمى، وآلام فى العضلات والعظام، وصداع والتهاب فى الحلق. ويعقب ذلك قىء وإسهال وطفح جلدى ونزيف من كل فتحات الجسم (الفم - الأنف - العين - الأذن - الشرج)، ما يسبب نزيفاً داخلياً وخارجياً، وفشلاً كلوياً وكبدياً، ويدخل المريض فى غيبوبة نتيجة إصابة الجهاز العصبى، وتنتهى الأعراض فى الغالب بالوفاة خلال 10 أيام فى المتوسط من ظهور الأعراض المرضية. ويظل الفيروس حياً خارج الجسم لمدة طويلة عكس فيروس الإيدز، لذا فإن كل ما يخصه ينبغى تطهيره أو إحراقه مع مراعاة عدم ملامسة الجثة. وقد تم عزل فيروس إيبولا فى المختبر من السائل المنوى لرجل بعد 61 يوماً من ظهور الأعراض المرضية عليه. وهناك عدد من الأمراض الأخرى التى ينبغى استبعادها قبل تشخيص مرض إيبولا فى بداياته مثل: الملاريا، وحمى التيفويد، والشيجيلا، والكوليرا، وعدوى الإى كولاى، والطاعون، وداء الريكتسيا، والحمى الراجعة، والالتهاب السحائى، والتهاب الكبد، وسائر أنواع الحمى النزفية الفيروسية. وهناك إمكانية لتشخيص الإصابة بالإيبولا معملياً من خلال عدة أنواع من الاختبارات. وينبغى وقف رحلات الطيران من وإلى البلاد التى ظهر فيها المرض وهى: غينيا، ليبيريا، سيراليون، نيجيريا، وأن يمنع رعاياها من الحج هذا العام.