استطراداً لما حدثتك عنه أمس من اتجاه «أصحاب الفضيلة» من رجال «مبارك» إلى الحديث بالقرآن والسنة وتعطير ألسنتهم بالأدعية النبوية، أدعوك بمناسبة الخطبة العصماء التى شنف الرئيس المخلوع آذاننا بها أمس الأول، إلى أن تقرأ معى هذه الأبيات من قصيدة أمير الشعراء «أحمد شوقى» وعنوانها «الديك والثعلب». يقول شوقى: «برز الثعلب يوماً فى ثياب الواعظينا.. فمشى فى الأرض يهدى ويسب الماكرينا.. ويقول الحمد لله إله العالمينا.. يا عباد الله توبوا فهو كهف التائبينا.. وازهدوا فى الطير إن العيش عيش الزاهدينا.. واطلبوا الديكَ يؤذن لصلاة الصبح فينا.. فأتى الديكَ رسولٌ من إمام الناسكينا.. عرض الأمر عليه وهو يرجو أن يلينا.. فأجاب الديك: عذراً يا أضل المهتدينا.. بلِّغ الثعلب عنى وعن جدودى الصالحينا.. إنهم قالوا وخير القول قول العارفينا.. مخطئ من ظن يوماً أن للثعلب دينا». «مخطئ من ظن يوماً أن للثعلب دينا»! نحن بالبداهة لا نستطيع أن ننزع الدين عن أحد، ومؤكد أن «شوقى» لم يقصد نزع الدين عن «المتثعلبين» من البشر وهو يحكى تلك القصة الطريفة. فكلمة «الدين» تعنى -ضمن ما تعنى- الحكم والقانون والعهد والذمة. وقد جاء فى القرآن الكريم فى سورة يوسف: «ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك إلا أن يشاء الله». وقد تحدث إمام المتثعلبين عن ذمته المالية فى خطبته العصماء باستفاضة، وهاجم من اتهموه وأسرته بالفساد المالى. والعجيب أنه ردد ذلك أمام محكمة وأمام قضاة يعلمون كما يعلم أى مواطن أن «مبارك» أدين فى قضية القصور الرئاسية، وأعاد ملايين الجنيهات إلى خزينة الدولة، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات وعلى نجليه بالسجن أربع سنوات لكل منهما! ومن قبل أدين «المخلوع» فى قضية هدايا الأهرام وأعاد الأموال التى سلبها هو وأبناؤه من الشعب. ذلك ما ظهر لنا وما خفى كان أعظم! الثعلب لا يفتأ يكرر ألعابه، فى كل مرة يلعب اللعبة ويفشل فيها، وتكون النتيجة خسارته، لكنه لا يتعلم، وهذا قدر الثعالب التى تظن بنفسها الذكاء فتتغابى. الثعلب العجوز لم يعد يمتلك ألعاباً جديدة، وبالتالى فقد أصبح مثل الحاوى المفلس الذى ينام ويقوم على لعبة واحدة ساذجة، ورغم سخط الجمهور وتأففه وضجره، فإنه يعشِّم نفسه فى كل مرة بأنه سينتزع إعجابه وتصفيقه وآهاته، لكنه لا يلقى إلا هتاف: «اخلع.. اخلع»، لكنه لا يفهم. الثعلب العجوز لم يجد إلا ذلك الخطاب الذى ألقاه يوم 1 فبراير (ليلة موقعة الجمل)، وإلا كاتب هذا الخطاب، ليردد ما لقنه إياه من عزف منفرد على وتر التاريخ ووتر العواطف. بالفعل ما أشبه الليلة بالبارحة. وما أتعس العقل الناضب العاجز عن الإتيان بجديد.. ويا للسخرية التى يثيرها فى النفس هؤلاء «المتثعلبون» العاجزون عن مواجهة الحقيقة. تلك الحقيقة التى تقول إن يناير 2011 شهد ثورة عارمة مرغت طغيانهم فى التراب، ثم دهست من أتوا بعدهم عندما ساروا سيرهم، وسوف تمرغ أنوف وجباه كل المرضى ب«الثعلبة»!