ابتسامته الطفولية المميزة، نظراته البريئة التى تنبعث من عينيه الزرقاوين، حركاته التلقائية، وملامحه الأيرلندية المحببة، كانت بمثابة جواز مرور له داخل قلوب المشاهدين، فهو الذى ظل طفلاً بالرغم من تجاوزه الستين ربيعاً، ليظل دائماً وجوده فى حياة محبيه مثل لافتة «هوليوود» التى طالما عشقها، ونجمته فى ممشى النجوم التى كان يجدها مثيرة للسخرية، كما كانت طبيعته دائماً. كان روبن ويليامز بالنسبة لجمهوره على مستوى العالم طياراً وطبيباً وجنياً وجليسة أطفال ورئيس دولة وأستاذاً جامعياً، شخصيات قدمها فأتقنها، فجعلت محبيه، مختلفين سناً ونوعاً، متفقين على إعجابهم بأدائه، إرث إبداعى وفنى كبير تركه الرجل الستينى خالداً، رغم رحيله، وإن كانت صدمة الانتحار أدهشت أغلب معجبيه. لم يكن «ويليامز» المولود عام 1951، من أسرة ذات أصول أيرلندية وإنجليزية، سوى طفل صغير بدت عليه علامات موهبة مبكرة غيرت مجرى حياته فيما بعد، ففى عام 1973 كانت أولى خطواته فى مشواره الفنى، حيث التحق بمدرسة «جوليارد» للفنون التى تعتبر أهم المعاهد فى العالم لفنون التمثيل، ومن المثير للسخرية أن أسلوبه الكوميدى لم يعجب كل أساتذته آنذاك. لم يكن طريق النجومية ممهداً ل«ويليامز» وكان أكبر دليل على ذلك بداياته كمؤدٍ لوصلات كوميدية فردية فى بعض نوادى مدينة «سان فرانسيسكو»، ليحصل بعد ذلك على أول دور رئيسى له فى مسلسل بعنوان «أيام سعيدة»، يؤدى من خلاله دور زائر من الفضاء الخارجى، أتاح له الدور الحرية للارتجال، فأدى دوره بطريقة بارعة جسدياً ولفظياً، كانت بمثابة تأشيرة مرور النجم لقلب محبيه لتقديم العديد من الأدوار التليفزيونية الرئيسية والثانوية فى المسلسلات. قدم الفنان الكوميدى أكثر من 66 فيلماً عالمياً، إضافة إلى الأدوار التليفزيونية التى شارك فيها، وحاز على نحو 20 ترشيحاً لأكبر الجوائز الفنية فى عالم التليفزيون والسينما، فقد كان تميزه وأداؤه الرائع المفاجئ فى دور المعالج النفسى فى فيلم «Good Will Haunting» سبباً وراء حصوله على جائزة «أوسكار» كأفضل ممثل مساعد عام 1998، وحصل على 4 ترشيحات أخرى ل«أوسكار»، كما حاز على 5 ترشيحات لجوائز «إيمى»، وفاز بها مرة واحدة، وحصل أيضاً على 11 ترشيحاً ل«الجولدن جلوب»، وفاز بها 4 مرات. يعتقد البعض أن دخول «ويليامز»، الذى عانى من الإدمان على الكحول، إلى مركز إعادة تأهيل فى «مينيسوتا» الشهر الماضى لمساعدته فى الحفاظ على اتزانه النفسى بعد برنامج عمل شاق، هو السبب وراء إصابته بالاكتئاب، ورغم ذلك لم يكن خبر وفاته منتحراً سهلاً على عشاقه، حيث تلقوا الخبر كالصاعقة على معجبيه، بعد العثور على جثمانه، فى منزله شمال سان فرانسيسكو، ليسدل الستار على من أسعد الملايين بابتسامته وآلمهم بوفاته.