وجه الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، تحية شكر وتقدير للعلماء المشاركين في المؤتمر الدولي الحادي والثلاثين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، بعنوان «حوار الأديان والثقافات»، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، والذي يشهد مشاركة دولية واسعة حيث قال وزير الأوقاف في كلمته بافتتاح المؤتمر، «يشرفني نيابة عن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، أن أرحب بحضراتكم جميعا، وأخص بالذكر ضيوف مصر الكرام متمنيا لهم طيب المقام في بلدهم الثاني مصر، كما يطيب لي أن أتوجه للدكتور مصطفى مدبولي بالشكر على تشريفي بالإنابة عنه في افتتاح هذا المؤتمر». وأضاف الوزير: «أتوجه باسمي وباسم حضراتكم جميعا بكل الشكر والتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية على تفضله برعاية هذا المؤتمر، الذي جاء استجابة لدعوته لحوار دولي ينطلق من منطلقات المشترك الإنساني ويحترم الخصوصيات الدينية والثقافية للدول والمجتمعات». وقال الوزير إنه يجب فهم النص في إطار فقه بناء الدول، فكثير من القراءات القديمة للنصوص قامت على فقه الأفراد لا فقه الدول، وفق ظروف عصرهم وأزمنتهم، فقضية الحوار بين الأفراد والمؤسسات تعادلها قضية التفاوض بين الدول. حوار الأديان والثقافات وأكد الوزير أن الحوار يقتضي أن تعامل الآخر بما تحب أن يعاملك به، وأن تنصت إليه قدر ما تحب أن ينصت إليك، وأن تأخذ إليه الخطوات التي تنتظر منه أن يخطوها نحوك، وإلا فحاور نفسك، واسمع صوت نفسك، ولا تنتظر أن يسمع الآخرون صوتك. وأضاف الوزير: «الحوار البناء هو الذي يهدف إلى التفاهم والتلاقي على مساحات مشتركة، وأهداف إنسانية عامة لا تمييز فيها على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو القبيلة، فتحقيق المواطنة لا يقتضي التعايش بين أصحاب الديانات المختلفة فحسب وإنما يقتضي أيضا إعطاء الجميع نفس الحقوق والفرص وفي مقدمة ذلك الاهتمام بالمرأة. وتابع: «الحوار البناء يتطلب إنصاف الآخر، فإنصاف الآخر هو منهج القرآن الكريم قال تعالى: وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين، فالدين قائم على إنصاف الآخر، ويعني تسامح كل طرف عن بعض ما يراه حقا له، ليتسامح له الآخر في بعض ما يراه حقا». وزارة الأوقاف وقال الوزير: الحوار البناء لا يجعل من المتغيرات ثوابت، ولا من الثوابت متغيرات، فمن جهة لا يفرط في ثوابتنا العقدية، ومن جهة أخرى لا يقدس غير المقدس ولا يعرف التعصب الأعمى، ولا يرمي الناس بالإفك والبهتان ولا يقابل الحجة بغير الحجة. وتابع: «من أبجديات الحوار حسن الاستماع للآخر، وعدم مقاطعته أو إبداء عدم الرغبة في سماعه، أو التأفف من كلامه أو الإشاحة في وجهه أو إظهار التبرم منه غمزا، أو لمزا، أو تهكما، أو حتى تبسما ساخرا ينم عن عدم تقدير المحاور، أو إظهار عدم الاقتناع بما يقول تهوينا لشأنه، ناهيك عن ارتفاع الصوت واشتداد الصخب والجلبة، فضلا عن سوء الأدب في الحوار والخروج عن الموضوعي إلى الشخصي. وأكمل حديثه قائلا: كل ذلك شيء والحوار شيء آخر، ألم يقل الحق سبحانه وتعالى لسيدنا موسى وهارون (عليهما السلام): «اذهبا إلى فرعون إنه طغى * فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى»، فأمرهما الحق سبحانه وتعالى أن يقابلا طغيان فرعون بالحكمة والموعظة الحسنة، والقول اللين الحسن، وألا يقابل طغيانه وجبروته بمثل فعله أو لغته. وانظر إلى أدب أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم في محاورته لوالده، حيث يقول والده: «لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا»، فيجيبه سيدنا إبراهيم في غاية البر والأدب: «سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا»، وفي الحوار الذي دار بينه وبين نمرود بن كنعان كما حكى القرآن الكريم على لسانه: «قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت»، وهنا لم يرد عليه سيدنا إبراهيم بالنفي المباشر، إنما انتقل إلى أمر آخر قائلا: «فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر»، وكأنه يقول له إن كنت تحيي وتميت حقا كما تقول فأت بالشمس من المغرب بدل المشرق، فبهت الذي كفر. وقال الوزير إن أخطر ما يعوق الحوار أمران هما: الأدلجة والنفعية؛ فأما الأدلجة فإن العالم أو الكاتب أو المحاور المؤدلج تحمله عصبيته العمياء للجماعة التي ينتمي إليها إما على عدم رؤية الحق، وإما على التعامي عنه، إذ يمكن لأحدهم أن يحاورك أو يجادلك أو يقبل نقاشك في مفهوم آية من كتاب الله «عز وجل» أو حديث صحيح من سنة سيدنا رسول الله «صلى الله عليه وسلم»، ولا يقبل منك أن تحاوره أو تناقشه أو تراجعه في كلام مرشده المقدس لديه. وتختتم حديثه يقوله: أما النفعيون والمتاجرون بالأديان والقيم والمبادئ فلا يدافعون أبدا عن الحق، ولا ينتظر منهم ذلك، إنما يدافعون عن مصالحهم ومنافعهم فحسب ولا شيء آخر.